قصر الأمير طاز في القاهرة.. يتجمل للمصريين

قرار تحويله إلى «معرض متحفي» يعيده للأضواء

منظر للقصر من الخارج («الشرق الأوسط»)
TT

بعد سنوات من الإهمال ومن عوادي الدهر والبشر، بدأ قصر الأمير طاز الأثري في العاصمة المصرية يتأهب لارتداء حلة جديدة خلال الأشهر المقبلة، يستعيد بها رونقه وماضيه، ويحاور عشاق المواقع التاريخية والأنشطة الفنية والثقافية. فلقد تقرر أن يستقبل هذا القصر الواقع في قلب القاهرة التاريخية، عددا من المعارض والعروض، في خطوة تهدف لتحقيق هدفين: الأول لفت أنظار المواطنين لهذا القصر الفريد من نوعه، والثاني تقديم أكبر عدد من الأعمال الفنية، تقرّر أن تبدأ مع عرض أعمال الفنانة التشكيلية المصرية الراحلة إنجي أفلاطون.

للقصر قاعتان؛ الأولى سفلية، والأخرى علوية. القاعة السفلية تتخللها أشجار ونباتات وساحة فسيحة، كانت تستخدم لجلوس ساكني القصر، وتستخدم حاليا كمقر للأنشطة الثقافية وإقامة حفلات الاستقبال على شرف زوار القصر من الشخصيات العامة. أما القاعة العلوية فكانت مخصّصة لساكني القصر، وتتسم بالخصوصية.

من ناحية ثانية، فيما يخص الفنانة أفلاطون، ستصبح 88 من لوحاتها ومقتنياتها النادرة الشخصية متاحة للجمهور لمدة سنة على الأقل في القصر الأثري. ويعلّق مسؤول أثري مصري هنا بالقول «إعداد هذا العرض المتحفي يأتي انطلاقا من الحرص على إبراز دور الرموز الفنية وتأثيرها في الحركة الفنية المصرية».

هذا، وكانت إنجي أفلاطون قد ولدت عام 1924 في أحد قصور ضاحية شبرا، بشمال القاهرة، في بيئة أرستقراطية، إلا أن لوحاتها عكست الاهتمام بإبراز حياة المرأة العاملة ودورها والزوجة المقهورة، لتصبح أعمالها إضافة مهمة في فن التصوير الواقعي، ونموذجا متقدما لتزاوج الموقف السياسي مع الإبداع الفني. وعام 1989 توفيت أفلاطون، مخلفة وراءها سيرة حافلة لفنانة مناضلة اختارت بإرادتها الحرة الحياة بين عامة الناس والبسطاء بديلا عن حياة القصور والرفاهية. ويأتي عرضها المتحفي بقصر الأمير طاز، حسب الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، «في إطار الجهود المبذولة لنشر الوعي الثقافي والفني بين جموع المواطنين بإقامة الكثير من الأنشطة الثقافية والأثرية بالقصر»، لافتا إلى أنه جرى وضع عدة ضوابط للحفاظ على المبنى الأثري من بينها تولي قطاع الفنون التشكيلية تأمين قاعة العرض المتحفي المخصصة بأفراد أمن ودوائر تلفزيونية.

وأضاف الدكتور أمين أنه سيصار إلى «توفير أجهزة إنذار ضد السرقة والحريق، وإجراء أعمال الصيانة الدورية حفاظا على القصر الأثري تحت إشراف المجلس وإخطار المجلس بكافة الأنشطة التي تنظم في قاعة العرض»، مشددا على ضرورة الحصول على الموافقات اللازمة من المجلس بهذه الأنشطة بما لا يتعارض مع الطبيعة الأثرية للقصر.

من جهته، قال محسن سيد علي، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، شارحا عن القصر الأثري «إن قصر الأمير طاز يقع في منطقة الخليفة بحي القلعة، وشيده الأمير سيف الدين طاز عبد الله الناصري، وهو من مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، عام 1352، عندما شرع الأمير طاز في بناء قصره وإسطبله بجوار المدرسة البندقدارية، في ذلك الوقت، وأدخل فيه عدة أملاك، وتولى عمارته الأمير منجك السيوفي».

وتابع «يعتبر قصر الأمير طاز، في الأساس، بناية شامخة تمكنت من الصمود أمام عقود من الإهمال ومن عوادي الزمن والبشر، ونالت منه تعديات الدهر. وهذا لا ينفي أن أيدي الترميم امتدت إليه مرات كثيرة طيلة مئات السنين بالصيانة والتجديد ليستعيد نفسه ويتحول، كما يفترض به، إلى شاهد على أحداث تاريخية جسيمة لا تزال تحفظها الدراسات التاريخية ويرويها الآثاريون، ويحفظها بعض من سكان شارعه، الذين ورثوها عن الأجداد، حتى آلت منهم إلى الأحفاد».

وكما هو واضح، اشتق اسم القصر من اسم صاحبه، فهو أول من سكنه غير أن اسم الشارع الواقع فيه، وهو السيوفية، يرجع إلى كثرة حوانيت بيع السلاح - لا سيما السيوف - فيه، ولذلك التصق اسم الشارع بأصحاب هذه الحرفة، وهي صناعة السيوف.

ولقد كان هذا القصر، عند تشييده، عبارة عن فناء أوسط كبير خصص كحديقة للقصر، تتوزع حوله عناصر القصر، وأهمها جناح الحرملك والمقعد والحواصل والتوابع والإسطبل، إلى أن توسعت غرفه في ما بعد. وكما سبقت الإشارة، للقصر قاعتان، الأولى سفلية، والأخرى علوية.. السفلية تتخللها أشجار ونباتات وساحة فسيحة، كانت تستخدم لجلوس ساكني القصر، وتستخدم حاليا كمقر للأنشطة الثقافية وإقامة حفلات الاستقبال على شرف الزائرين للقصر من الشخصيات العامة.

يبقى القول إن اللافت جدا في القصر الأثري الأعمدة الخشبية التي تتميز بها أسقفه، فضلا عن المشربيات التي يتميز بها، والتي تلف عموم المكان، وهذا فضلا عن الحواصل المطلة على شارع السيوفية، بالإضافة إلى أسقف قاعاته بزخارفها الهندسية البديعة، وغالبيتها عبارة عن مستطيل كبير في الوسط بداخله 3 مربعات، ويلتف على حواف الأسقف شرائط كتابية عبارة عن بحور تحمل كتابات بالخط الفارسي من بردة البوصيري باللون الأبيض.