المصريون يتسابقون لشراء شجرة الكريسماس والاحتفال برأس السنة

هربا من أجواء السياسة المضطربة وتلمسا للدفء العائلي

بدأ بعض المصريين بتزيين بيوتهم بشجرة الكريسماس وما يحوطها من أجواء للشعور بالبهجة بعيدا عن المشكلات والهموم السياسية («الشرق الأوسط»)
TT

تعكس شجرة الكريسماس في مصر هذا العام التحولات السياسية التي مرت بها، بداية من ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بنظام الرئيس السابق مبارك، حتى جو الانتخابات البرلمانية الساخنة التي تجري حاليا، وحملت مؤشرات مرحلتيها الأولى والثانية الكثير من المفارقات والتحولات، التي ستحدد مع اكتمال مرحلتها الثالثة والأخيرة شكل البرلمان المقبل، أو ما اصطلح على تسميته «برلمان الثورة». وعلى الرغم من تدفق تلك الأحداث واحدة تلو الأخرى لم يغفل الشعب المصري، بمسلميه ومسيحييه، عن الاستعداد للاحتفال بالكريسماس ورأس السنة الميلادية الجديدة 2012، فبدأ البعض بتزيين البيوت بشجرة الكريسماس وما يحوطها من أجواء احتفالية للشعور ببهجة تلك المناسبات السعيدة، بعيدا عن المشكلات والهموم السياسية، متمنين سنة سعيدة، مليئة بالحب والديمقراطية والمساواة.

وعن مقدار احتفال الشعب المصري بالكريسماس ورأس السنة هذا العام، قالت شيرين ميشيل (21 عاما)، إنها تتوقع تزايد حفلات الكريسماس هذا العام، حيث امتنع الجميع العام الماضي عن الاحتفال بسبب الحزن لما حدث من تفجير كنيسة القديسين وقبلها حادثة نجع حمادي، وأضافت أن أغلبية البيوت ستقوم بتزيين شجرة الكريسماس وتعليق زينة رأس السنة، وذلك لتشجيعهم على الخروج من روح السياسة التي قد غلبت على الجميع بعد الثورة وفترة الانتخابات البرلمانية، وأكدت على ذلك بنبرة حماس قائلة «الناس زهقت وعايزة تنبسط».

ومن جانبها أعربت سارة بشرى (22 عاما)، عن سعادتها بالاحتفال بالكريسماس خاصة عند القيام بتزيين الشجرة مع أصدقائها وأقاربها، وأكدت عدم تأثير الأحداث السياسية على احتفالها بالكريسماس ورأس السنة، وقررت حضور حفلات الكريسماس للشعور ببهجة العيد.

من جهة أخرى، ترى إيمي عزيز (29عاما - أم لطفلتين) أنها ستزين البيت، ولكن ستقلل من الاحتفال بالكريسماس ورأس السنة، قلقا وتخوفا من قلة الأمن في الشوارع، وتحسبا لحدوث شيء، خاصة بعد نتائج الانتخابات.

وعلى الرغم من أن الاحتفال بالكريسماس يرجع إلى احتفال المسيحيين بميلاد المسيح، فإنه لم تقتصر الاحتفالات على البيوت المسيحية فقط، بل شملت البيوت المسلمة أيضا، فقالت مي مصطفى (23 عاما): «لقد تعودت على تزيين البيت وقت الكريسماس ورأس السنة منذ أيام المدرسة، وأفضل أن أقوم بعمل الزينة يدويا وتزيين الفصول المدرسية».. أضافت أنها ترى تدفقا كبيرا على بازارات بيع الزينة بشكل لم تره من قبل، وأرجعت ذلك إلى حاجة الناس للشعور بالبهجة والدفء الأسري دون التفرقة بين الجار المسلم والجار المسيحي.

وأعرب سامي عادل، صاحب إحدى محلات بيع هدايا الكريسماس، مبتهجا، عن سعادته بتوافد عدد كبير من الناس على شراء هدايا الكريسماس خاصة الشجرة الصناعية وزينتها، وديكورات بابا نويل. وأضاف أن إقبال الناس هذا العام على الشراء كاد يفوق الأعوام السابقة، متمنيا الفرحة والبهجة للجميع للخروج من بؤرة التفكير في مصير البلاد والحياة السياسية.

ولم يقتصر الشعور ببهجة الكريسماس على البيوت فقط، بل شمل أيضا محلات الزهور والأشجار. فمع بداية شهر ديسمبر (كانون الأول)، توافد الكثير من المصريين على تلك المحلات لشراء شجرة الكريسماس ونبات السوسبية الشهير بـ«بنت القنصل». فذكر حسين وردة، صاحب محل لبيع الزهور في منطقة بوسط البلد بالقاهرة، أن الإقبال هذا العام على شراء بنت القنصل وشجرة الكريسماس غير عادي، فهو يفوق أعداد العام الماضي، معللا ذلك إلى رغبة الناس في الشعور بالسعادة بعيدا عن أخبار العالم والسياسة، حيث إنه له زبائنه المعتادون كل عام على شراء هذه النباتات، خاصة مع بداية يوم 20 ديسمبر لقرب الكريسماس وبدء تزيين البيوت.

وبالنسبة للأسعار أوضح وردة أن أسعار تلك النباتات ثابتة مهما كانت ظروف البيع، فسعر الشجرة يتراوح من 50 إلى 70 جنيها مصريا (بين 9 و12 دولارا) وسعر نبات بنت القنصل يتراوح من 25 إلى 35 جنيها مصريا.

وتعليقا على طريقة العناية بتلك النباتات، أوضح وردة أن شجر الكريسماس لا يسقى ويعيش داخل البيوت لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، أما عن نبات «بنت القنصل» فيفضل سقيها مرة واحدة في الأسبوع، وتعيش لمدة شهر فقط، فمع قرب نهاية شهر يناير تذبل زهورها الحمراء الجذابة وتموت النبتة.

يشار إلى أن شجرة الكريسماس ترجع تاريخيا إلى قرون العصور الوسطى بألمانيا، الغنية بالغابات الصنوبرية الدائمة الخضرة. وكان أول من ابتكر استخدام تلك الشجرة يدعى يونيفاس، فقد أدخل المسيحية إلى ألمانيا وطلب من الشعب أن يقطعوا شجرة صغيرة ويحملوها إلى قصر الملك تعبيرا عن ميلاد المسيح، والشجرة من نوع السرو أو الصنوبر، ثم بدأت في الانتشار بداية من عام ‏1605‏، وانتقلت إلى بلاد العالم حتى إن زوج الملكة فيكتوريا وضع شجرة الكريسماس في القصر. وقد بدأ الناس في تزيين وإضاءة شجرة الكريسماس عقب اختراع توماس أديسون للكهرباء، حيث أضيئت أول شجرة على يد إدوارد جونسون عام ‏1882.

وإلى جانب شجرة الكريسماس، يعتبر نبات بنت القنصل منفردا بلونه الأحمر الجذاب وسط غيره من النباتات، وذلك يجعله ضمن أساسيات احتفال البيوت بالكريسماس، وهو عبارة عن شجيرة خضراء يتراوح ارتفاعها بين 1 و3 أمتار، أفرعها كثيرة وساقها قصيرة، وأوراقها عريضة ومثلثة، عروقها بارزة. ومن غرائب تلك النبتة أنها تظهر في فصل الشتاء ومع بداية حلول شهر ديسمبر، وتظهر معها القنابات الورقية الحمراء الشديدة الجاذبية.

ومن المعروف أن ذلك النبات حساس، فهو يحتاج لدرجة حرارة متوسطة لينمو، نحو 45 درجة مئوية. وقد يحتمل الجفاف والرياح والملوحة، ولا يقدر أن يتحمل الصقيع، فمع نهاية شهر يناير تذبل أوراقها وتموت.

وعلى الرغم من جمال تلك النبتة، فإن الجمال وحده لا يكفي، فهي قد تسبب التسمم إذا ابتلع الإنسان جزءا من عصارتها البيضاء اللون على سبيل الخطأ. وقد تصيب بالحكة وتهيج اليدين إذا تلامست بالعصارة.