مهاجر عربي يبتكر «التاكسي المجاني» في باريس

«التوك توك النظيف» انتقل من بكين والقاهرة إلى عاصمة النور

TT

لم يكن خير مازري، رجل الأعمال المتحدر من عائلة مهاجرة، يتصور أن بادرته هذه ستجعل منه اسما شهيرا ومادة للصحافة ووكالات الأنباء. إن كل ما قام به هو ابتكار وسيلة نقل سهلة وشبه مجانية، يستخدمها سكان باريس في مشاويرهم، تشبه سيارة الأجرة غير أنها أقرب إلى الدراجة النارية أو «التوك توك» الذي غزا شوارع المدن الآسيوية ومنها انتقل إلى القاهرة، في السنوات الأخيرة. والفارق الوحيد الذي يحسب لخير هو أن «تكاتكه» نظيفة، تسير بالكهرباء ولا تلوث البيئة.

وبما أن الحاجة هي أم الاختراع، فقد توصل الشاب الثلاثيني الذي درس الهندسة الميكانيكية إلى هذه الوسيلة بعد أن عانى من البطالة ولم يكن أمامه سوى النزول إلى ميدان العمل الحر وتجربة أفكار جديدة ذات عوائد معقولة. وهكذا بزغت في ذهنه فكرة تأسيس شركة لوسائط النقل الزهيدة الثمن، سماها «التاكسي المجاني». ونزلت العربات الأولى للشركة إلى شوارع باريس، منذ يومين، وعددها 12 عربة كمرحلة تجريبية. وكان خير مازري أول سائقيها. إنه يقود دراجة نارية ذات لون أحمر ومزودة بمقعد خلفي عريض يتسع لجلوس راكب ثقيل الوزن أو راكبين رشيقين كحد أقصى.

من حي مونبارناس إلى ساحة الباستيل، ومن جادة السان جيرمان إلى هرم اللوفر، يقود السائقون دراجاتهم التي تعمل بالطاقة الكهربائية ويدعون المشاة المتعبين والسياح الذين تورمت أقدامهم من اللف والدوران، إلى الركوب في توصيلة لطيفة حتى ولو كانت لا تحمي من المطر والريح. إنها وسيلة نقل صيفية أكثر منها شتوية، وقد لفتت انتباه مراسل وكالة «رويترز» فخصص لها برقية من باريس. ويمكن للتكاتك أن تتحول إلى فرصة للتنزه الجميل فيزدهر العمل مع بوادر الربيع المقبل.

إن دراجات «التاكسي المجاني» تتبع خطوط سير الحافلات العمومية التقليدية، سوى أن زبائنها لا يقطعون تذاكر الركوب. ويتصور بعضهم أن صاحب المشروع يعتمد في تمويله على ما يقترحه السائق من مشروبات ساخنة أو معجنات فرنسية لذيذة على الراكب مقابل مبلغ لا يتجاوز اليورو الواحد. لكن خير يؤكد أن الزبون ليس مجبرا على أي منها. وليس معنى ذلك أن صاحب الفكرة يعمل ويكد لوجه الله وخدمة البشرية فحسب، ذلك أن العائد الحقيقي يمكن أن يأتي من الإعلانات الملصقة على جانبي كل «توك توك»، وهذا ما يراهن عليه خير، حاليا. وقد كشف لصحيفة «الباريزيان»، أمس، عن أنه تلقى عرضين إعلانيين حتى الآن واتصلت به شركات استحسنت فكرة أن تكون هذه الدراجات مجانية.

أدار خير مازري الفكرة في رأسه طوال سنتين. وبعد أن مر بأشهر طويلة من البطالة وأقام لفترة في كندا، قرر أن ينشئ شركته الخاصة التي تقترح وسيلة نقل مجانية لأولئك الباريسيين الذين لا يريدون الوقوف في انتظار الحافلات لفترات قد تزيد على ربع الساعة. وهو قد صمم بنفسه هيكل الدراجة وأوكل مهمة تنفيذها إلى مصنع صيني مقابل بضعة آلاف من اليوروهات. وفي حال كانت التجربة مشجعة في باريس فإن صاحبها ينوي توسيعها إلى شوارع مدينة مرسيليا، جنوبا، حيث نشأ.