المدارس الأجنبية تروج لأنظمتها في معرض حاشد بالقاهرة

البعض يراها ضرورة بعد تردي التعليم في المدارس الحكومية

شاركت قرابة 20 مدرسة خاصة وشركات أخرى للخدمات التعليمية المختلفة في المعرض («الشرق الاوسط»)
TT

قد يظن العابر من أمام مدخل هذا المعرض المزدحم بالآباء المصطحبين أطفالهم الصغار أنه أمام إحدى حفلات الأطفال، وليس أمام مدخل أحد معارض الترويج المدرسية، فالزينة والبالونات تملأ المكان، وكذلك الحلوى التي توزع على الأطفال عند دخولهم. واللافت أيضا أن هذا المعرض يقام بشكل مبكر استعدادا للعام الدراسي المقبل.

داخل صالة المعرض اجتمعت قرابة 20 مدرسة خاصة وشركات أخرى للخدمات التعليمية المختلفة، واتخذت كل مدرسة وشركة أحد الأكشاك المخصصة للدعاية لها، بينما ازدحمت الأروقة بين الأكشاك على مدار يومين متتاليين بالآباء وأطفالهم معظمهم من دون السنوات السبع، بحثا عن وسيلة تعليمية مريحة ماديا، خاصة بعد تردي التعليم في المدارس الحكومية.

هند حسن، أحد زوار المعرض، ترى أنه فرصة كبيرة للتعرف على مجموعة كبيرة من المدارس وتقييمها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتاح لي المعرض أن أرى مجموعة كبيرة من المدارس، ففي الغالب كنت سأستشير أحد أصدقائي أو أقاربي عن المدارس التي يرتادها أولادهم حتى أدخل أبنائي فيها».

أضافت هند: «اختلف الأمر عما كان في الماضي، حيث كانت سمعة المدارس من الناحية الدراسية هي التي تجذب الآباء إليها، أما الآن؛ فبجانب المستوى الدراسي والأنظمة الأجنبية والنظام المصري نسأل عن كماليات المدرسة والإمكانيات الأخرى المتاحة فيها، التي لم نفتقدها في مدارسنا الضيقة داخل القاهرة، مثل الملاعب الواسعة وصالات الموسيقى وغيرها».

وتعتبر معظم هذه المدارس حديثة على سوق التعليم المصرية، فأقدمها لا يزيد عمرها على 10 سنوات، ومعظمها يقع في ضواحي القاهرة وبالذات الواقعة بجانب المدن الجديدة؛ سواء في التجمع الخامس أو مدينة الشروق أو السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، ومعظم قاطني هذه المدن من الشباب حديثي الزواج، والكثير منها يتمتع بمساحات شاسعة تسمح بوجود أماكن للترفيه والرياضة، على عكس معظم المدارس داخل المدن.

وتفننت كل مدرسة في الدعاية لنفسها، ما بين توزع الكتيبات الخاصة بطرق التعليم والمناهج الدراسية والمصاريف ومستلزمات الدراسة. وكثير من المدارس كانت تقدم عروضا ترويجية بمناسبة المعرض، كتخفيضات على المصاريف أو الإعفاء من رسوم التقديم، إضافة إلى إبراز الكماليات التي تتميز بها، كالملاعب الرياضية وحمامات السباحة، بينما يقف بعض التلاميذ بالمدارس إلى جانب المدرسين للترويج، وفي كثير من الأحيان كان يقف ملاك المدارس بأنفسهم للإجابة عن استفسارات الزوار.

تعتبر منه الله يسري، صاحبة مدرسة، المعرض التي تشارك فيه للمرة الثالثة فرصة جيدة للترويج أسهمت في أن يتعرف الكثيرون على المدرسة ويلتحقون بها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «قمنا بتقديم عرض بتخفيض قدره 20 في المائة على المصروفات الدراسية للمتقدمين، للالتحاق بالمدرسة طوال فترة المعرض. وقد أدخلنا على مدرستنا نظام أن يلتحق الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة مع الطلاب الطبيعيين، ولكن ليست الحالات شديدة التعقيد أو الخطورة، مثل التوحد مثلا، ويكون معهم مرافق، وبالتالي يكون بمقدور هؤلاء الأطفال التعايش مع أقرانهم دون الشعور باختلاف». وكان أكثر ما يستفسر عنه الزوار في المعرض هو النظام التعليمي؛ سواء كان قوميا أو دوليا. وإذا كان دوليا فهل هو نظام أميركي أم إنجليزي، وهناك عدة مدارس جمعت بين النظامين القومي والدولي، واللافت أن كل المدارس كانت تعرض كتيباتها باللغة الإنجليزية.

وخلال السنوات الأخيرة زاد إقبال الشرائح المتيسرة والمتوسطة من المصريين على التعليم الأجنبي بالذات، مع زيادة عدد المدارس الخاصة التي تحصل على شهادات تعليمية أجنبية في ذلك الشأن. وعلى الرغم من التكلفة العالية لهذه الأنظمة، فإن الطلاب يرون فيها نوعا من الهروب من نظام الثانوية العامة المصري الذي يعتبر معقدا ويراه الكثيرون لا يقيم أداء وكفاءة الطلاب. وفي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كانت في مصر عدة مدارس أجنبية، لكنها كانت مقصورة على أبناء الجاليات الأجنبية، مثل المدارس الأرمينية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية، إلا أن معظمها لم تفصل أنظمتها التعليمية عن النظام الحكومي، فقط كانت تضيف مادة اللغة الأجنبية الخاصة بالمدرسة، إلا أن المدارس الجديدة تستعيض عن نظام التعليم المصري بأنظمة أجنبية أخرى أكثر تطورا.

ويعرب عمرو محمود، أحد زوار المعرض عن استغرابه من تكلفة المدارس الذي يراها مبالغا فيها، والتي تتراوح ما بين ألفي دولار وعشرة آلاف دولار، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا أظن أن هذه المدارس ستعطي لأبنائي مستوى تعليميا متميزا، لأني أرى أنها تهتم أكثر بالناحية الاستثمارية، وليس بالمستوى العلمي أو التربوي للأطفال. ولكن هناك مظاهر اجتماعية كثيرة تدفعنا لإلحاق أولادنا بهذه المدارس إلى جانب انهيار نظام التعليم المصري وفقدانه لمعايير تعليمية سليمة».