مولات بغداد.. انفتاح اقتصادي جديد لتجديد جمالها الحزين

أصحابها لـ«الشرق الأوسط»: مشروعنا ناجح وما نحتاجه هو الأمان فقط

معظم العراقيين في بغداد يفضلون تجربة المولات («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من حداثة تجربة الأسواق التجارية الكبيرة في بغداد (المولات)، التي أخذت تنتشر في مناطق عدة من العاصمة العراقية في السنوات الأخيرة، فإن استقبال البغداديين لها حمل أكثر من معنى، بعد سنوات من غلبة مظاهر الخوف والدمار والكساد التي علقت بالسوق العراقية ما بعد عام 2003. وغدت تجربة «المولات» اليوم جزءا من مؤشر اقتصادي ينتظره الكثيرون نحو الانفتاح على العالم الخارجي، إضافة لكونها المشروع الأكثر ربحا لأموال المستثمرين.

تجربة المولات في بغداد وجدت تشجيعا مناسبا من الحكومة العراقية، كونها مرتبطة بالاستثمار المرتقب، وحاجة المدينة لمجمعات تجارية كبيرة تضفي جمالا على وجهها، بعد أن شوهته الحروب الأخيرة، إضافة لقدرتها على استيعاب زيادة تعداد سكانها، الذي وصل إلى نحو سبعة ملايين نسمة، في الوقت الذي اندثرت فيه تجربة شركات الأسواق المركزية التي استحدثت في ثمانينات القرن الماضي، وتعرضت معظم الأسواق للدمار.

عدد من أصحاب المولات التجارية عبروا في أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن مشاريعهم تعد ناجحة تماما مع تزايد حاجة المواطن لمثل تلك المجمعات التي تلبي كل ما يريد، لكن استمرارها مرهون بتحقق الأمان في المدينة، ووصفها الشاب محمد أحمد صاحب مول (فاملي سنتر) في منطقة المنصور وسط بغداد، بأنها من المشاريع التي تدر أرباحا عالية لما تقدمه من خدمات يطلبها الزبائن. وتابع يقول: «تحتوي سوقنا التي افتتحت قبل سنتين تقريبا على أربعة طوابق للتبضع بمساحة 500 متر، بما فيها الطابق الأخير، وهو عبارة عن مطعم وقاعة للأعراس والمناسبات، والإقبال على السوق والقاعة كبير جدا، ونقوم لأجل ذلك بتطوير عملنا وتنويعه باستخدام تقديم وجبات الطعام السريعة للمتبضعين، وتوفير بعض لعب الأطفال في مدخل السوق للترفيه عن الصغار».

وعن إقبال الناس على المولات، قال: «معظم الناس صارت تفضل تجربة المولات بعد أن اطلعت عليها لأول مرة في إقليم كردستان والدول المجاورة، وحاولنا هنا تقليد الفكرة، ونجحنا في ذلك».

وحول الأمان المتحقق من أي حوادث طارئة كحوادث الاقتحام بقصد السرقة، قال: «الحراسة هنا مشددة من قبل القوات الأمنية التي تنتشر في الشارع المقابل لنا، ولأجل ذلك عملنا يزداد وتبقى أبوابنا مفتوحة حتى الحادية عشرة ليلا».

الشابة رنا رعد، تعمل بمهنة مفتشة للنساء، وتصف نفسها بأنها «بوليس السوق» قالت: «مهمتي هي مراقبة حقائب النساء خشية وجود أي مواد متفجرة، وهو عمل مؤقت لي، لأني أطمح أن أصبح مذيعة أخبار!»، وعن إقبال الناس على ارتياد المولات، قالت: «هناك إقبال كثير من النساء، وخصوصا في مواسم الأعياد والمناسبات والموسم الدراسي»، بينما عبرت أم مهند (إحدى المتسوقات) عن أهمية فتح مولات أكثر في بغداد، لطبيعة كثافة السكان فيها وازدحام شوارعها بشكل يصعب معه التسوق.

ولفتت إلى أن خطر التفجيرات دفع بالكثير من العائلات إلى الابتعاد عن ارتياد الأسواق الشعبية البعيدة عن محل سكناها، مثل أسواق الجملة الشهيرة في الشورجة و«السوق العربي» وشارع النهر، وصارت تفضل المولات القريبة لتشابه وفرة البضائع على اعتدال أسعارها» أحد المتبضعين واسمه «خالد شبر»، اصطحب عائلته للتسوق، أخبرنا قائلا: «تجربة المولات في بغداد تعطينا مؤشرا على تجميل شكل بغداد الحزين، بعد أن خربت المفخخات والمتفجرات كل معالم جمالها»، وزاد يقول: «تعرفنا على المولات في الإقليم أول الأمر قبل سنوات، وها هي التجربة تطبق لدينا هنا ونطمح لأجل انتشارها».

ويرى الاقتصادي سلام ناهي أن تجربة المولات في العراق توفر فرصة اقتصادية للاستثمار، لكنها لن تكون بطريقة عادلة للاستفادة منها من قبل ذوي الدخول المتواضعة من غير فئة الموظفين، الذين يحظون بفرصة زيادة رواتبهم.

وبصفتها مسؤولة عن منح العقود لمستثمري الأسواق، أكدت أمانة بغداد عبر مدير إعلامها حكيم عبد الزهرة لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «نشجع ونقدم كل التسهيلات للمستثمرين الذين يريدون أن ينفذوا مشاريع تسويقية ضخمة، حيث لدينا لجنة استثمار شكلت في أمانة بغداد تتحقق من طلبات المستثمرين وصور التصاميم والمخططات».

وتابع يقول: «تعتزم إحدى الشركات الفرنسية افتتاح متجرين كبيرين من السلسلة الفرنسية في العراق (سيتي مول) في جانبي الكرخ والرصافة تبلغ مساحة كل منهما 50 دونما، في حين أعلنت شركة بريطانية عن شروعها في تنفيذ مشروع (مول بغداد الكبير المؤمل)، حيث سيحتوي على خمس صالات عرض سينما وحدائق ومطاعم والكثير من وسائل الترفيه».