«مترو مصر الجديدة».. نزهة يفضلها المصريون في أرقى أحياء القاهرة

أسسه البارون إمبان عام 1910

«مترو مصر الجديدة» أو «زقزوقة» كما يحلو للبعض أن يطلق عليه («الشرق الأوسط»)
TT

بلونيه الأخضر والأبيض، وبحركته المهتزة التي يتمايل بها راكبه شمالا ويمينا، يجوب الـ«زقزوقة» شوارع القاهرة، باتجاه ضاحية مصر الجديدة، ليعطي خصوصية لهذا الحي الأرستقراطي منذ أكثر من 100 عام.

«مترو مصر الجديدة» أو «زقزوقة» كما يحلو للبعض أن يطلق عليه، وسيلة مواصلات لا تزال تحتفظ بمكانتها بجوار وسائل النقل الأخرى، فجمهوره من الركاب يحتفظون بولائهم له، كما أن رحلة بداخل عرباته تعد رحلة مميزة للتنزه وسط مباني هذا الحي التي تشتهر بالضخامة والفخامة.

أنشأ هذا المترو البارون إمبان، مؤسس حي مصر الجديدة، بعدما جاء من الهند إلى مصر في نهاية القرن التاسع عشر؛ فبعد افتتاح قناة السويس قام البارون باختيار مكان صحراوي بالقرب من القاهرة لإنشاء حي جديد أطلق عليه «هليوبوليس» - مصر الجديدة حاليا - وأنشأ قصر البارون، ولأن الحي يفتقر إلى المرافق والخدمات والمواصلات فأراد أن يجذب الناس إليه، ففكر في إنشاء مترو، مما جعله يكلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو، الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة «مترو باريس»، إنشاء أول خط مترو يربط الحي الجديد بالقاهرة، وذلك في عام 1910.

أنشئ المترو كخط أول بين محطتي كوبري الليمون وروكسي بمسافة 7 كيلومترات، تعمل عليها قطارات بتقاطر كل نصف ساعة وكان عدد الركاب لا يزيد على 4800 راكب في السنة. ثم تأسست الخطوط الأخرى تباعا، وفي عام 1963 تم امتداد الخطوط إلى كورنيش النيل قبل أن يلغى ذلك في التسعينات لتقف حدوده عند ميدان رمسيس.

ويضم مترو مصر الجديدة حاليا 5 خطوط تصل إلى الميرغني وعبد العزيز فهمي والنزهة وألماظة في مصر الجديدة، ومصطفى النحاس في مدينة نصر، لذلك فهو يغطي مصر الجديدة بكل ميادينها مثل ميدان سفير وتريومف وسانت فاتيما وميدان الحجاز والإسماعيلية. كما يمر في أهم وأكبر 3 شوارع بمدينة نصر وهي مكرم عبيد ومصطفى النحاس وعباس العقاد، كما يمر بالعباسية وجامعة عين شمس وكوبري القبة وغمرة لينتهي بميدان رمسيس مجاورا لمحطة مصر.

ولا يتجاوز ثمن التذكرة 50 قرشا، وفي بعض الخطوط 25 قرشا فهو يعتبر وسيلة مواصلات رخيصة جدا بالمقارنة بالوسائل الأخرى. ويعد مترو مصر الجديدة من أنظف وسائل المواصلات، فهو لا يصدر عنه أي عوادم، بل يعمل بالكهرباء، ولهذا السبب يصر الكثير من سكان الحي على استخدامه كوسيلة هادئة للمواصلات.

وفي البداية كانت عربات المترو صناعة بلجيكية وعددها 27 عربة، وقد تم زيادة 23 مركبة ما بين عامي 1920 و1938، وفي عام 1951 وضعت 12 مركبة في الخدمة وجميعها صناعة بلجيكية. ومنذ عام 1962 حتى عام 1989 تم زيادة أسطول المترو بـ280 مركبة صناعة يابانية بدأت في عام 1962 بقطار مكون من عربة واحدة ثم قطارات مكونة من عربتين وثلاث عربات وأربع عربات. وأصبحت حاليا كل قطارات المترو مكونة من عربتين فقط بعد أن كانت مكونة من 4 عربات من قبل.

ويعد مترو مصر الجديدة، المملوك لهيئة النقل العام المصرية، بعد أن كان تابعا لشركة فرنسية قبل تأميم ممتلكات الأجانب في حقبة الستينات من القرن الماضي، في الوقت الحالي، أحد أهم معالم هذا الحي، يحرص الكثير من الناس على استخدامه؛ سواء كانوا من سكان الحي أو الزائرين، فهو ليس فقط وسيلة مواصلات تربط بين أطراف الحي لكنه أيضا نزهة في حد ذاته، فقد يستخدمه البعض كنوع من الترفية للتجول بين شوارع مصر الجديدة.

ومع ما تردد خلال السنوات الماضية عن إلغاء الـ«زقزوقة» كونه يتعارض مع مسار الخط الرابع لمترو أنفاق القاهرة، فإن طارق مصطفى، مدير التشغيل بمترو مصر الجديدة، يؤكد أن المترو الآن يسير بشكل طبيعي ولم يتم إبلاغ المسؤولين عنه حتى الآن بأي تغيير لمساراته أو أماكن محطاته بسبب أعمال الحفر لمترو الأنفاق.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «زقزوقة» معلم مهم من معالم مصر الجديدة، بالإضافة إلى أنه يعد وسيلة مواصلات تغطي أماكن كثيرة وليس فقط داخل الحي، لذلك فإنه لا بد من الحفاظ عليه والعمل على صيانته بشكل مستمر، فعمره الآن أكثر من 100 عام والحفاظ عليه يعد حفاظا على خصوصية الحي وطابعه المميز. ويضيف أن «زقزوقة» مزدحم طوال الوقت، وذلك لأن له طريق خاص به ولا يتأثر كثيرا بزحمة المرور مثله في ذلك مثل مترو الأنفاق.

ويشهد المترو تنوعا في ركابه، فيقول أحمد يوسف، ويعمل محاميا، إنه اعتاد ركوب مترو مصر الجديدة للتنزه والتجول داخل شوارع مصر الجديدة، خاصة عندما يشعر بملل وضيق شديد. ويشاركه الرأي نادر شلبي، مدرس تاريخ، الذي يؤكد أن مترو مصر الجديدة يضفي طابعا خاصا على شوارع مصر الجديدة، كما أن ركوبه يعد متعة في حد ذاته فمجرد التجول بالمترو داخل شوارع مصر الجديدة ومشاهدة شوارع الحي ومبانيه الرائعة ذات الطراز الفرنسي الراقي يبعث على هدوء الأعصاب.

أما نهلة ممدوح، طالبة بجامعة عين شمس، فتشير إلى أنها تستخدم «زقزوقة» للذهاب يوميا إلى الجامعة، ويشاركها في ذلك الآلاف من طلاب الجامعة كونه أنسب وأفضل وسيلة مواصلات للذهاب إلى كلياتهم.