حملة ضد المشعوذين في غزة تقضي بالكف عن ممارسة نشاطاتهم

في خطوة تبنتها السلطات بالقطاع

نساء غزة كن ضحايا سهلة لمشعوذيها وعرافيها
TT

في حي السطر الغربي بشمال مدينة خان يونس، ثانية كبرى مدن قطاع غزة الفلسطيني، ثمة تطور جديد هذه الأيام.

باستثناء أهالي الحي، الذي تتباعد منازل قاطنيه بشكل واضح أحدها عن الآخر، فإنه كان حتى الماضي القريب جدا لا يكاد وافد غريب على الحي يسلك الشارع الترابي، الذي يفضي إلى المنطقة الشمالية منه، والذي يعج بالسالكين ممن هم من خارج الحي، إلا ويبلغ منزل أحد العرافين. وكان كثيرون، وبالأخص من النساء، يتوافدون على هؤلاء العرافين أملا في العثور على حلول للمشاكل الاجتماعية والصحية التي يعانون منها.

لكن اليوم يرجع بعض أهالي الحي الهدوء الذي بات يميز شارعهم الوحيد، بشكل خاص، كما يقولون «إلى الوعي الديني» و«الجهود التي بذلها العلماء والدعاة في التحذير من التعامل مع العرافين المشعوذين واعتبارهم ذلك السلوك أمرا يتناقض مع تعاليم الدين والشريعة الإسلامية».

في الواقع العرافة أو الشعوذة كانت في غزة، شأنها شأن بقية مناطق كثيرة من مناطق الشرق العربي، تمثل تجارة رابحة لمن يمتهنونها، إذ كان العرافون وكاشفو الطالع ومن لف لفهم يجنون مبالغ مالية لا بأس بها من عملهم في مجال الشعوذة.

وخلال لقاء مع «الشرق الأوسط» قالت سيدة من القطاع إنها أنفقت بالفعل مبلغ 1000 دينار أردني، وهو مبلغ ضخم بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، على العرافين في غضون سنة واحدة فقط. وأضافت السيدة شارحة حالها أن نجلها البكر كان قد بلغ الخامسة والثلاثين من العمر، وظل يرفض الزواج. وعندما باءت كل محاولاتها لإقناعه بالزواج بالفشل، نصحتها واحدة من معارفها بالتوجه إلى أحد العرافين عله يساعدها. وعندما قصدته وأطلعته على تفاصيل مشكلتها زعم أن سيدة أخرى كانت قد أعدت «سحرا» لابنها لمنعه من التفكير في الزواج. وأردفت أن هذا العراف كان يتقاضى منها في كل مرة تزوره مبلغا من المال مقابل الوصفات التي يعطيها لها. وحتى عندما أخفقت وصفات العراف في إحداث تغيير في نظرة نجلها إلى الزواج انتقلت إلى عراف آخر، دون جدوى.

من جهة أخرى، كشفت صحافية غزية ما تصفه بـ«زيف بضاعة» هؤلاء المشعوذين، عندما تقمصت شخصية سيدة متزوجة وادعت أمامه أنها تخشى أن يتزوج عليها زوجها، أي يجلب لها «ضرة». وقالت للعراف ما معناه أن زوجها ما عاد يحبها وهو يريد الزواج من غيرها. وهنا أخبرها العراف بعدما قام ببعض الحركات أن جنيا مسلما يحبها ويريد الزواج منها، وأنه لذلك يريد التفريق بينها وبين زوجها، وهو لا يعلم أن هذه الصحافية لم تكن متزوجة أصلا.

وكان قد جرى في الفترة الأخيرة اعتقال بعض العرافين في القطاع، بعدما أدينوا باستدراج نساء توجهن إليهم وحاولوا ممارسة سلوك غير أخلاقي معهن. كذلك اعتقل آخر في أعقاب إصابة بعض زبائنه بأمراض جراء تناول الوصفات التي كان يعطيهم إياها.

وفي أعقاب تكاثر اتهامات الغزيين للعرافين بأنهم يتسببون في كثير من المشاكل العائلية، واتهامهم خصوصا بأنهم يقومون بأعمال سحر تهدف إلى الإضرار ببعض الناس بناء على طلب أناس آخرين يريدون إيذاءهم بعد أن يتقاضوا أموالا عن ذلك، شنت «سلطات» حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة، أخيرا، حملة كبيرة ضد العرافين والمشعوذين في جميع أرجاء القطاع غزة. وفي سياق هذه الحملة أقدمت شرطة حماس على استدعاء 142 من المشعوذين والمشعوذات، وهو عدد العرافين الذي تقدره السلطات الأمنية، إلى مراكز الشرطة، حيث طلب منهم التوقيع على تعهد بالكف عن ممارسة هذه الأعمال من جديد. وحسب مصادر الشرطة، فقد جرى التمهيد للحملة ضد المشعوذين عن طريق إعداد تقارير حول مستوياتهم الأخلاقية وتقييمهم على الصعيد الأمني، إلى جانب انتماءاتهم السياسية وحالتهم الاجتماعية وطرائق العلاج التي يتبعونها.

ووفق هذه المصادر فإن المشعوذين والمشعوذات وقعوا فعلا على التزامات خطية بالكف عن ممارسة الشعوذة والعرافة، وإلا سيكونون تحت طائلة القانون.