شاب سعودي في العشرين من عمره اختار أن يرسم البسمة، ولو للحظات معدودة على ملامح كثيرين من أبناء وبنات جيله، بأدوات أقل من تقليدية لا تتجاوز الأوراق البيضاء والأقلام المختلفة، يجسد بها لوحات كاريكاتيرية في غضون بضع دقائق.. معها يكون قد حقق لهم أحد أحلامهم التي قد لا تعني الكثير لبقية شرائح المجتمع.
علي جيلان الذي يتمتع بقدرة إضاءة العالم القاتم حتى في أعين الأطفال، كان جالسا في أحد الأركان الواقعة بصالة افتتاح مناسبة اجتماعية، وبدأ في رسم الشخص الجالس أمامه على الكرسي.. حيث أمسك بريشته وألقى نظرة سريعة على ملامحه، ومن ثم ركز جيلان في ورقته وريشته من دون أن يلتفت يمينا أو يسارا، وانتهى خلال بضع دقائق من رسم الشخص، وأعطاه الصورة.. فاستقبلته ابتسامة عريضة تلقائية ارتسمت على شفتي صاحب الصورة موحية بالرضا.. هذه الابتسامة عند علي الجيلان تمثل أغلى ثمن يدفعه صاحب الصورة.. وأي صورة يرسمها.
الجيلان قال، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، إنه يستمتع كثيرا برسم الكاريكاتير أثناء مشاركته في الأعمال التطوعية الخيرية التي غالبا ما تكون مخصصة لأطفال مرض السرطان والمعاقين وغير ذلك، سعيا منه لإدخال قليل من البهجة والفرح على قلوبهم عبر رسومه. وتابع «لدي مشاركات تطوعية كثيرة في الفعاليات التي تقام في يوم المعاق ويوم الإيدز والمناسبات الخاصة بمرضى السرطان وغير ذلك في العديد من المعارض والملتقيات».
واستطرد شارحا «لقد شاركت في إحدى الفعاليات الخاصة بمرضى السرطان وبحضور أطفال مصابين، واستمتعت بالرسم في ذلك الوقت لأنني بينما كنت أرسم كنت أحاكي الأشياء التي يحبها الأطفال المرضى، وحقا شعرت بأنني حققت لهم بعض أمنياتهم من خلال رسمهم مع الشخصيات التي يعشقونها كلاعبي كرة القدم والمصارعين. فعندما رسمت صورة لشخص يحب المصارعة قمت بوضع عضلات له، كما سألت أحدهم عن نوع السيارة التي يحبها ورسمته وهو يقودها.. وشعرت بسعادة بالغة عندما شاهدته فرحا بما رسمته له».
ثم قال «أتمنى من المجتمع أن يتفهم ويتعايش مع هذه الفئة التي هي بحاجة إلى دعمنا حتى تستطيع أن تكمل حياتها ومسيرتها، إنهم بشر مثلنا لا بد أن نتقبلهم ونستوعبهم ونتعايش معهم».
من ناحية أخرى، على الرغم من أن تخصص علي العلمي بعيد كل البعد عن الرسم والكاريكاتير فإن ذلك لم يقف عائقا أمام تنمية موهبته التي صقلها بالبرامج والدورات التدريبية خارج السعودية وداخلها. وبالطبع عمل أيضا على تنميتها من خلال ممارسته العملية للرسم بشكل دؤوب. وخلال الحوار معه قال علي الجيلان «نعم، تخصصي العلمي بعيد كل البعد عن الرسم.. فأنا تخرجت في معهد التقنية حيث حصلت على شهادة بكالوريوس من قسم (ميكانيكا)، وحاليا أعمل بشهادتي في أحد مراكز الصيانة، لكنني كنت منذ البداية حريصا على أن أنمي موهبتي من خلال المشاركة في دورات خارج المملكة وداخلها بشكل مستمر».
وأضاف «هوايتي في رسم الكاريكاتير أمارسها دائما في أوقات الفراغ، إلا أنني أبحث عن الفعاليات بشكل مستمر عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والصحف وغيرها، وأحاول أن أتوصل إلى منظميها وأعرض عليهم مشاركتي فيها للمساهمة في رسم الشخصيات التي تحضر هذه الفعاليات مجانا».
ولفت إلى أنه يعشق رسم الشخصيات المعروفة، والتي لها دور بارز من خلال وضعها في قالب كوميدي مغاير للتي يظهر بها أمام العالم. وحسب قوله، غالبا ما يقوم بإيصال رسمه للشخصية ولم يقابل أي مرة بالرفض بل على العكس يتقبل الشخص رسمته بنوع من المرح. ثم ذكر أنه أثناء حضور المناسبات الاجتماعية غالبا ما ترافقه أدواته التي هي عبارة عن استناد ومجموعة أوراق «A4» و«A3» والألوان المائية والباستل (الفحم)، ولا شعوريا يخرج ريشته وألوانه ويبدأ في رسم الشخصية التي تجذبه ليجد نفسه بعد دقائق قد انتهى من رسمها.
وحول كيفية توفيقه بين موهبته وعمله، أوضح علي الجيلان أنه بحكم عمله، الذي يتطلب ساعات عمل طويلة، فإنه يحرص على ألا يبدأ ممارسة هوايته في الرسم إلا بعدما ينتهي من دوام عمله، لكنه يحرص في المقابل على أن يمارس هوايته حتى في إجازاته.
ويشير إلى أنه يطمح مستقبلا إلى أن يصبح رساما في إحدى الصحف السعودية، قائلا «أتمنى أن تشاهدوا رسومي قريبا في الصحف، بإذن الله، ولكن هذا بالطبع لن يمنعني من المشاركة في الفعاليات والمناسبات الإنسانية بشكل دائم».