رسامة لبنانية تبتكر مع زوجها نظام تصفيح كامل للسيارات

بعد تزايد جرائم السرقة والخطف والاعتداء

سيارة مصفحة بنظام «هاي جاك باي جاك» في لبنان («الشرق الأوسط»)
TT

الأملاك يمكن تعويضها، لكن الحياة واحدة. وحياتك، طبعا، أهم من سيارتك التي بات بالإمكان جعلها أكثر أمانا مع نظام التصفيح «هاي جاك باي جاك» الأقل كلفة، الذي يحميك مع أحبائك من الخاطفين والمسلحين واللصوص.

صاحبة الفكرة الرسامة اللبنانية شيرمين منقارة، تحدثت عنها في حوار مع «الشرق الأوسط»، فقالت «هذا النظام يعتمد على الاستعاضة عن كامل زجاج السيارة سماكة 5 ملم بزجاج مصفح مقاوم للكسر والخلع ورصاص المسدسات بسماكة 12 ملم، وهذا إضافة إلى تدعيم هيكل السيارة بألياف صناعية أو بحديد مقاوم للرصاص من دون أي تعديل في الهيكل، وبزيادة وزن لا تتعدى الـ150 كلغم، وهكذا تصبح أي سيارة مجهزة بالكامل بهذا النظام».

هذا النظام السهل والسريع التركيب لا يقتصر على الزجاج والهيكل، بل يشمل أيضا الإطارات التي يمكن تجهيزها بنظام «رن فلات»، الذي يلعب دور العجلة ويسمح للسيارة بالسير لمسافة 100 كلم في حال تعرض أحد إطاراتها أو جميعها لعطل طارئ أو للرصاص، وهو يركب فوق الإطار المعدني وداخل العجلة، أو بتجهيز العجلة بمادة لزجة تعمل على إقفال الثغرات تلقائيا.

الفكرة راودت منقارة بعد أكثر من محاولة اعتداء وسرقة، وقعت أسوأها قبل ثماني سنوات، عندما حاول أحد اللصوص خطفها وسرقة سيارتها. وعن تلك التجربة، علقت متذكرة «يومذاك، استعملت ذكائي وبرودة أعصابي في وجه مسدسه، وبذا استطعت العودة إلى البيت، لكنني.. خسرت السيارة».

ومن العوامل التي أسهمت في تنفيذ الفكرة، تأخر منقارة في عملها وعودتها بمفردها إلى منزلها يوميا، بحلول الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل من محترفها الفني الخاص، حيث أنجزت مجموعة كبيرة من لوحاتها الفنية، وهذا ما دفعها إلى سؤال زوجها يحيى منقارة، الذي يحترف تصفيح السيارات منذ عام 1973 «لماذا لا تصفّح سيارتي بتكلفة أقل من المعتاد، وبشكل أشعر معه بالأمان، ويبعد عنك القلق على سلامتي؟ وهل التصفيح مخصص فقط للشخصيات السياسية والدبلوماسية دون عامة الناس؟».

وحقا، من هنا انطلق نظام «هاي جاك باي جاك» المخصص لحماية السائق ومن معه. وغدت سيارة شيرمين منقارة باكورة تطبيقه. ومع تصفيح سيارتها صار بإمكانها السهر عند والدتها، التي لطالما كانت تحرص على طمأنتها هاتفيا لدى وصولها إلى البيت، معتمدة معها عبارة «اطمئني ماما أصبح الأمان حليفي».

أشخاص كثر من لبنان بينهم سيدات وصحافيون، لجأوا إلى تصفيح سياراتهم بالنظام المذكور منذ نحو 4 أشهر، واصفين إياه بالواقعي والعملي جدا «لأن حياة الناس العاديين أيضا في خطر متأت من الحجارة والمطارق والآلات الحادة» بحسب منقارة، التي تضيف أن «الزجاج غير قابل للخرق ولو تلقى عشرات الضربات أو الرصاص من المسدسات».

هذا الأمر ينسحب على كامل هيكل السيارة. وبالتالي، صار بمقدور شيرمين منقارة الهرب بسيارتها الـ«أودي» المصفحة من اللصوص والخاطفين، حتى لو أطلقوا عليها الرصاص من الأمام والخلف ومن الجانبين من الأسلحة الفردية الأكثر شيوعا في عمليات سرقة السيارات، وذلك بفضل الزجاج المصفح، وألياف «الأراميد» الصفراء اللون القادرة على امتصاص قوة الرصاص من عيار 9 ملم.

وإذ ترى منقارة أن أكثر الأماكن عرضة لسرقة السيارات في لبنان هي المواقف (الباركينغ) وعند الإشارات المرورية، ومن أمام الأملاك الخاصة لا سيما في المناطق البعيدة، فإنها تعدد بعض النصائح والإجراءات الاحتياطية للمواطنين، التي من شأنها تقليل احتمالات تعرضهم لسرقة سياراتهم أو الاعتداء أو الخطف.

وحول المدة التي يستغرقها تجهيز السيارة بنظام «هاي جاك باي جاك»، تجيب منقارة «تتراوح بين 4 و6 أيام، وهذا النظام فريد من نوعه في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، ويمكن تطبيقه على أي سيارة مهما كان نوعها». وبهدف إطلاع الناس على تفاصيل مشروع النظام، جرى تقديم نماذج عنه، منها سيارة منقارة ذاتها، في معرض بمركز «البيال» (وسط بيروت)، شارك فيه ممثلون عن الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى شركات الأمن والحماية في لبنان. ومن الإيجابيات التي حصدها هذا المعرض، الطلب الكبير الذي سجله العشرات من المواطنين ورجال الأعمال، خاصة في مصر، على هذا النظام المستحدث.

وفي ختام الحديث، كشفت شيرمين منقارة عن مبادرة قيد الدرس تهدف إلى خفض التكلفة «لكي تصبح مقبولة لدى شريحة كبيرة من الناس، تضم ربات المنازل وطلاب وطالبات الجامعات والمواطنين من ذوي الدخل المحدود، مع إمكانية التقسيط بالاتفاق مع شركات التأمين». وقالت إن المبادرة ستعرض على عدد من شركات بيع السيارات في لبنان، مبدية تفاؤلها برواجها، مستدركة «..طبعا، هذه المبادرة ستحتاج إلى وقت لكي تصبح مكتملة العناصر».

الجدير بالذكر أن شركة «إم إس سي إيه» هي الشركة التي تقدم نظام «هاي جاك باي جاك»، وهي تعمل في مجال تصفيح السيارات المدنية في لبنان منذ عام 1973 بمستويات مختلفة، من ناحية سماكة الزجاج المصفح من 40 ملم إلى 80 ملم، والمواد الخاصة بالتصفيح، وتعديل المكابح والمفصلات، ومنظومة التعليق لتتلاءم مع وزن التصفيح الزائد وهي الـ«B6» والـ«B7»، إضافة إلى المستوى «الرئاسي» لحكومات ودول عربية وشمال أفريقية عدة، وللنواب والوزراء وكبار الساسة والسفارات في المنطقة، ولقد استحصلت على شهادة الـ«أيزو ISO9001» في ما يختص بتصنيع وتصفيح السيارات.