ارتفاع الطلب على «التاكسيات» في الجنادرية يرفع الأجرة 100%

بعضهم يرفض الاحتكام إلى العداد.. وآخرون يرون يرى الرقابة ذاتية

مهرجان الجنادرية.. شعبيته ولدت زحاما أثر على العرض والطلب في سيارات الأجرة («الشرق الأوسط»)
TT

أدى ارتفاع الطلب على «التاكسيات» – سيارات الأجرة – الموجودة لنقل زوار «مهرجان التراث والثقافة «الجنادرية 27»، في المملكة العربية السعودية، إلى ومن مقر المهرجان (20 كم شمال العاصمة الرياض) إلى ارتفاع كبير في الأجرة. ولقد تفاوتت نسبة الارتفاع إلى ما بين 70% و100%، بالمقارنة مع الأجرة المتعارف عليها عادة.

والملاحظ أن عددا كبيرا من سائقي هذه التاكسيات لا يحتكم إلى «عداد الأجرة» المخصص لحسم «المساومة» المعهودة التي تندلع غالبا بين السائق والراكب. والسبب هو، كما يقول السائقون، الزحام الشديد، والتدافع الأشد بين الزوار، بهدف ضمان الحصول على «تاكسي» يوصلهم، بالنظر إلى قلة عدد هذه السيارات بالنسبة إلى حدث بضخامة هذا المهرجان الذي يستقطب عشرات الألوف من الزوار يوميا.

عبد الله البعيجان، الذي يعمل في القطاع الخاص، قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه، إنه اضطر إلى ركوب سيارة أجرة للذهاب إلى المهرجان مع أبنائه، نتيجة تعطل سيارته أمام إصرار الأبناء على الذهاب بأي وسيلة. وتابع أنه لم يواجه أي مشكلة عندما فكر في الذهاب من منزله، الواقع في جنوب الرياض بمبلغ 45 ريالا سعوديا (12 دولارا أميركيا)، غير أن المفاجأة صدمته عندما أراد العودة من المهرجان إلى منزله. فهنا طلب منه سائق «التاكسي» مبلغ 80 ريالا (21.3 دولار) من أجل إعادته وأبنائه إلى المنزل، الأمر الذي قوبل من جهة عبد الله بالرفض. ومن ثم أضاف أنه اضطر بعد ذلك إلى البحث عن «تاكسيات» أخرى، لكنه فوجئ بأن الأجور التي يطلبها سائقوها متقاربة «وكأن ثمة اتفاقا مسبقا بينهم، ذلك أن مبلغ 80 ريالا كان الأدنى، بينما طلب آخرون أجرة أعلى منه». وفي نهاية المطاف اضطر إلى الرضوخ والركوب دافعا أجرة يراها غير مبررة.

من جهة ثانية، قال زيد العميرة إنه فضل الذهاب إلى المهرجان بسيارة أجرة «خوفا» على سيارته الجديدة، إلا أنه لم يكن يتوقع مواجهة الصعوبات التي واجهها حقا في طريق العودة من المهرجان. وقال زيد إنه اضطر إلى الوقوف لمدة تزيد على نصف ساعة من أجل البحث عن سيارة أجرة شاغرة بفعل ارتفاع الطلب، مضيفا أن «ثمة نقصا حادا في عدد التاكسيات قياسا بارتفاع الطلب، وذلك نظرا إلى بعد مكان المهرجان عن حدود العاصمة؛ إذ يرفض كثرة من السائقين التفكير بالذهاب إلى هناك، مما تسبب في عجز حاد في المعروض من السيارات».

وأردف العميرة، الذي يعمل في السلك العسكري، أنه دفع مبلغ 50 ريالا لسائق إحدى سيارات الأجرة «بعد ماراثون طويل» من المساومة في محاولة فاشلة منه لخفض الأجرة المطلوبة، وتابع أن «الرد الموحد الذي كان يأتيني: إذا أردت أن تركب ادفع، أو ابحث عن سيارة أخرى تُقلك إلى منزلك». وذكر زيد العميرة أنه على الرغم من دفعه مبلغ 30 ريالا (8 دولارات) في طريق الذهاب إلى المهرجان اضطر للقبول بدفع 50 ريالا؛ لأنه تضايق جدا من طول الانتظار، ملاحظا هنا رفض معظم السائقين الاحتكام إلى «العدادات».

لكن في المقابل، دافع مزيد الودعاني، وهو سائق سيارة أجرة، عن الارتفاع المبالغ فيه للأجور في تقديم خدمات التوصيل لزوار مهرجان الجنادرية. وبرر ذلك بقوله: «إن التوجه إلى خارج حدود الرياض، ثم الانتظار إلى حين انتهاء فعاليات المهرجان، أضيفت إليهما صعوبة الحصول على موقف مناسب بسبب الزحام، كلها أمور تضافرت لتفرض طلب أجور مرتفعة، أراها مقبولة في ضوء ما نكابده من عناء لخدمة زوار المهرجان».

غير أن الودعاني اعترف، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجميع يتذمر من الأجور الجديدة «لكن ليس بوسع السائقين أن يفعلوا شيئا في وجه هذا التذمر، خاصة أن الزبون لا يقدر جيدا ما نعانيه من أجل البقاء في المهرجان لخدمته». واستطرد موضحا: «المهرجان، لا شك، فرصة ممتازة لتحقيق الأرباح، وخدمة التوصيل بالنسبة لي مقصورة على سكان شمال الرياض، وذلك للاستفادة من أكبر عدد ممكن من زوار الجنادرية الذين يخرجون بتفاوت في التوقيت».

وفي صلب الموضوع، اعتبر محمود صبار، وهو أيضا أحد سائقي «التاكسيات»، أن المهرجان «موسم مهم، متى ما وفق صاحب الأجرة في اقتناص الزبون المناسب، الذي يضطر إلى إغداق الأموال مقابل خدمة التوصيل». ثم قال صبار: «إن العاملين مضطرون لدفع أجرة يومية إلى الشركات التي ينتسبون إليها، وهم متخوفون من أن المهرجان لا يكفل استخراج هذه المبالغ، وهو سبب خاطئ وغير وجيه». وحول الرقابة المفروضة على السائقين نتيجة فرض التسعيرة المحددة، قال: «الرقابة بالنسبة للسائقين رقابة ذاتية، وهي التي تحدد الأجرة. وللزبون كل الحق في قبولها وركوب التاكسي، أو رفضها، وبالتالي التفتيش على سيارة أخرى. إلا أن مخاطرة الذهاب إلى الجنادرية والانتظار حتى نهاية فعاليات المهرجان وخروج الزوار، وراء الأجور الاستثنائية».