عرض أول سيارة إسعاف للهلال الأحمر السعودي

كانت هدية من الملك عبد العزيز وتحكي تاريخ تأسيس الجمعية

أول سيارة إسعاف أهداها الملك المؤسس لـ«جمعية الإسعاف الخيري» (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

على الطريق الرئيسي في الجنادرية، شمال العاصمة السعودية، عرضت أمام الجمهور أول سيارة إسعاف عرفتها المملكة العربية السعودية، وهي سيارة أهداها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - يرحمه الله - الملك المؤسس، لهيئة الهلال الأحمر السعودي، التي كانت تُعرف في حينه باسم «جمعية الإسعاف الخيري».

السيارة، كما شرح فهد المسعود، مسؤول جناح الهلال الأحمر السعودي بالجنادرية لـ«الشرق الأوسط»، من نوع «فورد»، واحتوت على معدات إسعاف أولية، وكانت تُستخدم لنقل ضيوف الرحمن في مواسم الحج، كما حملت المركبة الناقلة التي كانت تُستخدم لحمل الحجيج منذ ذلك التاريخ، وهي مصنوعة من الخشب. ويذكر أن جناح الهلال الأحمر السعودي ضم، بجانب سيارة الإسعاف الأولى، معرضا يحمل في طياته صورا متنوعة عن تاريخ نشاطات الهيئة ومراحل تطورها، كما شملت فعالياته عرض فيلم وثائقي عن تاريخ الهيئة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس الملك عبد العزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. وكانت بين المعروضات الحديثة، مقابل سيارة الإسعاف القديمة، طائرة هليكوبتر من أسطول الإسعاف الجوي تولى أحد منسوبي الهيئة تقديم شرح عن تجهيزاتها والمعدات المتوافرة فيها لزوار الجناح. وعرضت كذلك عربة القيادة المركزية التي يجري من خلالها تنظيم الاتصالات وتلقيها من المبلغين، سواء لخدمة الإسعاف الجوي أو لخدمة الإسعاف الأرضي، وهي تعتبر المشاركة الأولى للعربة في هذه المناسبة. وجاء عرضها هذا العام جنبا إلى جنب مع عربة التوعية التي جرى تجهيزها ببعض الصور والمجسمات التوعوية في مجال الإسعاف الجوي.

جدير بالذكر أن أول جمعية للإسعاف العام أُسست في السعودية كانت «جمعية الإسعاف الطبي الوطني» عام 1353هـ 1934م، ومن ثم تقرر إنشاء جمعية أهلية تعمل بصورة أكثر شمولية واستقلالا، وكان في طليعة من اقترحوا على الملك عبد العزيز إنشاءها الملك فيصل بن عبد العزيز – يرحمه الله – عندما كان نائبا لوالده في الحجاز. وبالفعل، أبصرت النور «جمعية الإسعاف الخيري» عام 1354هـ 1935م بموجب الأمر السامي رقم 3306، وكانت النواة الحقيقية لـ«جمعية الهلال الأحمر السعودي»، التي أُنشئت بعد فترة من الزمن بمرسوم ملكي عام 1383هـ 1963م.

كان أول مركز لـ«جمعية الإسعاف الخيري»، التي كان الملك عبد العزيز رئيسها الشرفي، عند باب الوداع في مكة المكرمة. ويومذاك لم يكن عدد سيارات الإسعاف المتوافرة يزيد على 5 سيارات، وكان المرأب الخاص بتلك السيارات في حارة الباب. وفي تلك الفترة اعتمدت موارد الجمعية ضمن ما اعتمدت على «مشروع القرش» و«طابع الإسعاف» الذي كان بقيمة ربع قرش، وكان يلصق على كل الأوراق الرسمية وطلبات الاستدعاء المقدمة من المواطنين بأمر الحكومة، وهذا طبعا إلى جانب التبرعات من بعض الأمراء والتجار، بالإضافة إلى إقامة مصنع للثلج في منى، وكان هذا المصنع من مصادر الدخل وتنمية الموارد للجمعية.

الملك فيصل بن عبد العزيز - الذي كان يومذاك الأمير فيصل - كان أول رئيس للجمعية، وهو الذي كلف وزير المالية في ذلك الحين، الشيخ عبد الله السليمان، بالإشراف على أعمالها، وساعده في ذلك الشيخ محمد بن سرور الصبان، متوليا دور المشرف المباشر. وكان من أبرز وجوه «جمعية الإسعاف الخيري»، بالإضافة إلى الصبان، كل من عرابي سجيني ومحمد شطا وأحمد إبراهيم غزاوي والطيب ساسي وعبد الوهاب آشي وعبد الحميد الخطيب. وبفضل همة هؤلاء وغيرهم غدا مقر الجمعية، خلال فترة بسيطة من إنشائها، صرحا يجتذب العلماء والأدباء والشعراء من داخل المملكة وخارجها، لإلقاء المحاضرات والقصائد.

وعام 1359هـ 1940م صدر قرار من مجلس الشورى يحمل الرقم 170 وافق فيه المجتمعون على تعيين رئيس لـ«جمعية الإسعاف الخيري» للمدينة المنورة، هو أمين مدني، مع ربط فرع المدينة بجمعية إسعاف مكة المكرمة، وظل الأمر كذلك طوال عهد «جمعية الإسعاف الخيري» وامتدادا إلى الفترة الأولى من «جمعية الهلال الأحمر السعودي».