مقاهي الدار البيضاء تتجمل بخدمات متنوعة.. من مشاهدة الكرة إلى الإنترنت وقراءة الصحف

المغرب بات الدولة الثالثة أفريقيا في استعمال الشبكة العنكبوتية

مقهى «نور الخليل» للإنترنت في الدار البيضاء («الشرق الأوسط»)
TT

ما عادت معظم المقاهي في الدار البيضاء، كبرى المدن المغربية، تكتفي بتقديم خدماتها المعتادة، أي المشروبات الساخنة والباردة، بل صارت تحرص على تقديم خدمات جديدة.

إنها اليوم تؤمّن خدمات تلبي رغبات شرائح مختلفة من الزبناء، بحيث استحقت لقب «مقاهٍ متعددة الخدمات». ذلك أنها إلى جانب وجبات الفطور ومختلف المشروبات والحلويات، باتت الصحف والمجلات، كما توفّر للزبائن شاشات تلفزيونية كبيرة تنقل لهم آخر الأخبار ومباريات كرة القدم، وبالإضافة إلى كل هذا، أدخلت خدمة الإنترنت التي راحت تنتشر من مقهى إلى آخر في تنافس شديد لاجتذاب أكبر عدد من الروّاد.

هكذا، أصبحت عدة مقاهٍ تزاوج بين خدمات المقاهي التقليدية والإبحار في شبكة الإنترنت، وتستقطب أعدادا متزايدة من الزبائن، وبالأخص من شرائح الشباب. وتتفاوت العروض بين المقاهي إذ يقدم بعضها هذه الخدمات الإضافية مجانا في حين البعض الآخر أخرى مقابلا ماديا.

وفي لقاء مع رشيد الخضري، وهو نادل في أحد المقاهي، قال رشيد لـ«الشرق الأوسط» معلقا على الشكل الجديد للمقاهي «الزبائن الجدد لخدمة الإنترنت يجلسون لوقت أطول وليس مثل باقي الزبائن التقليديين. وبالتالي، فهم يشغلون المكان لفترة طويلة، في حين أن الآخرين يأتون لتناول غالبا لشرب مشروبات باردة أو ساخنة». وأردف رشيد «وعلى الرغم من أن بعض أصحاب المقاهي يتبرمون من جلوس بعض الزبائن لفترات طويلة وهم يستعملون الكومبيوتر (الحاسوب)، فإن هناك مَن يرى خلاف ذلك، بل إن هؤلاء يعتبرونهم تميزا للمقهى وقيمة مضافة لجذب زبائن آخرين».

مقهى «نور الخليل» مقهى يقع في حي بجنوب مدينة الدار البيضاء، وكثيرون يفضلون الجلوس في هذا المقهى لأنه بات متاحا لهم استخدام كومبيوتراتهم. ولقد ارتأى مدير المقهى أن ثمة مصلحة له في تسهيل استفادة جميع الزبائن من المزوّدات الكهربائية، قدر الإمكان، بالإضافة إلى رفع طاقة عمل شبكة الإنترنت بعد تزايد الإقبال عليها وارتفاع أعداد المستفيدين منها.

صاحب هذا المقهى اسمه عبد العالي، وهو في عقده الرابع. ولعبد العالي طفلان أحدهما اسمه نور والثاني اسمه خليل، ولذا اختار أن يطلق اسميهما معا على المقهى الذي يملكه. وهكذا صار «نور الخليل». وبعد مرور سنتين على افتتاح المقهى، عام 2006، بادر عبد العالي إلى تزويده بشبكة الإنترنت اللاسلكية (واي فاي). وعندما لاحظ أن هذه الخدمة تستقطب عددا طيبا من الزبائن، قرّر إعادة تجهيز المقهى بالمكيّفات، ورفع طاقة الإنترنت من 8 ميغا إلى 20 ميغا، وتوفير عشرة أجهزة «آي باد» وإعارتها للزبائن الذين يثق بهم من أجل استعمالها في فترة جلوسهم في المقهى. وهذا، إضافة إلى طاولات عليها أجهزة الكومبيوتر تتيح لباقي الزبائن فرصة تصفح مواقع الإنترنت من دون الحاجة إلى شراء كومبيوتر أو حمله.

عبد العالي قال في تفسير أسباب اعتماد خدمة الإنترنت بالمقهى «لقد وجدنا في هذه الخدمة تميزا لنا وللزبائن، فنحن نرى أن المقهى فضاء للراحة وبديل عن البيت والعمل. وبالتالي، من أجل تأمين قدر أكبر من الراحة للزبائن اخترنا هذه الخدمة لجذب أكبر عدد ممكن منهم». ومضى يقول «لم يكن هناك إقبال كبير على المقهى من قبل، ولكن عندما زودته بالإنترنت تضاعف عدد الرواد، ووجدت نفسي اجتذب إليه شرائح جديدة دون سابق قصد». وأوضح عبد العالي، في سياق كلامه، أن معظم زبائن المقهى حاليا من الأساتذة الجامعيين والمقاولين والإعلاميين والموظفين، وطلاب المدارس والجامعات.

من جهة ثانية، يرى عبد العالي، بخلاف آخرين أن «جلوس زبائن الإنترنت في المقهى لوقت أطول له أثر إيجابي. فالزبون إذا ما شعر بالراحة يستأنس ويداوم على المجيء»، مضيفا أنه يسعد كثيرا عند رؤيته شخصا يحتسي قهوته ويستخدم كومبيوتره في الوقت نفسه، وفي رأيه أن هذا الوضع أفضل بكثير من منظر الكراسي الفارغة. ثم يقول معلقا «مثل هذا الزبون يستحق أن ندفع له للجلوس في المقهى.. لأنه يحسّن كثيرا من سمعته».

في المقابل، يقول عبد الرحيم الراشيدي، وهو مدير مدرسة خاصة وأحد من يترددون على مقهى «نور الخليل»، إن تجربته مع مقاهي الإنترنت تختلف من مقهى لآخر، «ذلك أن بعضها على الرغم من إضافته لهذه الخدمة لا يحرص بشكل جيد على توفير الحيّز المناسب لها أو إضافة بعض الخدمات، مثل توفير عملية شحن أجهزة الكومبيوتر بالطاقة الكهربائية، ورفع طاقة الإنترنت، ومكيّفات الهواء»، وتابع عبد الرحيم عن مقهاه المفضل أن «صاحبه دأب على تحديث خدماته مما أدى إلى زيادة عدد الزبائن زيادة ملحوظة»، وأشار إلى أنه «يمضي حاليا معظم أوقات فراغه في هذا المقهى مستفيدا من خدمة الإنترنت وتجاذب أطراف الحديث مع أصدقائه من الروّاد الآخرين، وطبعا، هناك مشاهدة مباريات كرة القدم».

ولكن أمام الاحتياجات الكثيرة لاستعمال الإنترنت، خاصة للطلاب والباحثين أو تدبير الأعمال أو غير ذلك، يطرح متخصصون تساؤلات حول إشكالية «الإدمان». وهم يرون أن «وقت المقهى» أضحى أطول بكثير من الوقت الذي يمضيه الشخص في العمل أو المنزل. وحقا تشير دراسة أنجزها موقع «انترنت وورد ستات» أن المغرب يحتل راهنا المرتبة الثالثة على مستوى أفريقيا في استعمال الإنترنت والمرتبة الرابعة في استخدام شبكة «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي.