تونسيون يقبلون على العلاج بـ«سم النحل»

رغم تحذيرات المرجعيات الطبية وشكوكها في جدواه

سم النحل.. علاج لبعض التونسيين («الشرق الأوسط»)
TT

يلتقط التونسي المنصف شطورو النحلة بملقط صغير من داخل علبة خصصها لجمع النحل، ويضعها مباشرة فوق الجزء العليل من جسم مريضه فتلسعه. وتبقى النحلة فوق الموضع نفسه لمدة تتراوح بين 10 دقائق و15 دقيقة.

يختلف عدد الجلسات المخصصة لـ«العلاج» وكذلك عدد اللسعات، تبعا لطبيعة المرض ومقدرة المريض على تحمل لسعات النحل. وقد يحتاج المريض لما بين جلستين و5 جلسات بالنسبة لالتهاب الأوتار، على سبيل المثال، ويتعرض في كل جلسة للسعتين أو 3 لسعات. بينما يرتفع عدد اللسعات بالنسبة للأمراض المزمنة فيتراوح بين لسعة واحدة و30 لسعة في الحصة الواحدة، في 3 جلسات خلال الأسبوع الواحد، ولمدة لا تقل عن 3 أشهر متواصلة. كذلك، يتطلب الأمر التحري من إصابة المرضى بالحساسية، وهو ما يترك تعكرات صحية يحرص شطورو على تلافيها.

عن قصته مع الوخز بإبر النحل، يقول المنصف شطورو لـ«الشرق الأوسط»، خلال لقاء معه: «كنت أعمل لمدة فاقت الـ16 ساعة بصورة متواصلة في أحد المطاعم بالسويد، وذلك بعدما درست طب الأسنان لمدة سنتين لم أستطع بعدها مواصلة دراستي الجامعية. تلك الساعات الطويلة من العمل أثرت على عمودي الفقري وصيرتني شبه مُقعد أعتمد على عكاز في تنقلاتي. ولكن صادف أن سافرت عام 1994 إلى الولايات المتحدة الأميركية للتفاوض حول آلات لصالح شركة متخصصة في الأدوات الطبية، وكان بجانبي أحد الأساتذة الجامعيين الأميركيين الذي سألني عن أحوالي الصحية بعدما تجاذبنا أطراف الحديث بسبب طول الرحلة. وبعدما أخبرته بكل التفاصيل عن نفسي دعاني إلى حضور مؤتمر عالمي حول طب النحل يُعقد في الولايات المتحدة في تلك الفترة، فاغتنمت الفرصة وحضرت. ولاحقا دعاني إلى مصحه الخاص». وتابع: «لا أخفي أنني كنت وجلا من تلك الدعوة لئلا يكون الرجل وراء شبكة للمتاجرة بالأعضاء أو غيرها، فاستشرت في الحين عائلتي حول المسألة، لا سيما أن الطبيب الأميركي وعدني بأنني سأخرج معافى بعد أقل من أسبوع من الزمن. ووافقت العائلة على الأمر. وبالفعل، تمكنت من السير من جديد على قدمي من دون أن أتلقى أي جرعة دواء سوى بضع وخزات خفيفة من سم النحل».

وأضاف شطورو: «منذ ذلك اليوم قررت أن أدخل هذا العالم، خاصة أنني كنت قد درست سنتين في اختصاص طبي، وهكذا أمضيت 3 سنوات درست خلالها في الولايات المتحدة الوخز بسم النحل، ورجعت إلى تونس لتقديم عصارة ما تعلمته هناك، وأنا كلي إيمان بأنني قد أشفي كثيرين من التونسيين بأساليب طبية مبتكرة ومن دون مضاعفات صحية تذكر».

هكذا قدم المنصف شطورو لـ«الشرق الأوسط» حكايته الخاصة مع سم النحل، وكيف أصبح أحد أهم الداعين لـ«الطب البديل» في تونس، الذي - كما يقول - جلب له «مئات التونسيين من كل الأعمار والفئات، وجعل الإقبال على العلاج عن طريق الوخز بإبر النحل من أهم وسائل العلاج التي يثق كثيرون بجدواها ومساهمتها الفعالة في علاج حالات البعض منها ميئوس منه».

شطورو انطلق في العلاج بإبر النحل منذ عام 1997، وخلال لقائه «الشرق الأوسط» قال: «إن سم النحل يشفي من الصداع النصفي والمصران الخشين وعصب المعدة والسكري والمعثكلة. ويحتوي سم النحل على قرابة 300 مضاد حيوي وأكثر من 40 مادة فاعلة، من بينها مضادات للالتهابات مثل (الميلاتين).. وبالتالي، فسم النحلة - على حد تعبيره - صيدلية متنقلة».

من ناحية ثانية، حرص شطورو على التمييز بين الوخز بالإبر الصينية والوخز بسم النحل، فقال شارحا: «إن الوخز على الطريقة الصينية لا يحتوي على مواد تدخل الجسم حتى تحول الألم من مكان إلى آخر، أما بالنسبة لسم النحلة فهو يحتوي على أنواع مختلفة من المضادات الحيوية والأدوية، القادرة على تنشيط الجسد بأكمله». وأردف أن زبائنه من تونس والجزائر وليبيا وفرنسا، وأنه ينطلق حاليا باتجاه دول الخليج العربي للتعريف بفوائد هذا «الطب البديل».

وعلى صعيد مراجعي شطورو، قالت سعيدة (27 سنة) لـ«الشرق الأوسط» إنها جاءت من حي التضامن، الواقع بضواحي تونس العاصمة ولم تكن قادرة على المشي على الرغم من أنها ليست متقدمة في السن. وبعد أيام قليلة من التداوي عن طريق الوخز بسم النحل تحسنت حالتها الصحية وفكت كل القيود التي كانت تكبل ساقيها ومجمل مفاصلها.

في السياق نفسه، قالت برنية، وهي من جندوبة بمنطقة الشمال الغربي التونسي، إنها أجرت عملية في أحد المعاهد الصحية المتخصصة في استئصال الأكياس، غير أن الحالة ذاتها عاودتها بعد 4 سنوات. وقد زارت «هذه العيادة الطبية الطبيعية» - على حد تعبيرها - للمرة السادسة على التوالي، وهي تنوي زيارتها لما بين 5 و10 مرات بعدما أظهرت صور الأشعة، كما قالت، أن وضعها الصحي تحسن بشكل ملحوظ.

ولكن على الرغم من إقبال التونسيين على هذه النوعية من العلاج، فإن مرجعيات الطب العلمي الحديث لا تبدي تحمسا كبيرا للعلاج بسم النحل. ومع أن الطب العلمي الحديث يعترف باحتواء صمغ النحل على مواد فعالة ضد بعض الفيروسات وأنواع من البكتيريا والفطريات، ويعتبر سم النحل بمثابة المضاد الحيوي غير السام، فالهيئات الطبية تؤكد أن فعاليته في العلاج لا يمكن أن ترتقي إلى فعالية الأدوية المصنعة كيماويا. ويحذر الأطباء من إمكانية ممارسة هذه النوعية من العلاج من قبل «مشعوذين ودجالين»، وهو ما ينفيه شطورو، مشددا على أنه درس الطب و«يعرف تقنيات الوخز ويقدر جيدا عدد اللسعات المطلوبة»، وله دراية واسعة في دراسة الوضعية الصحية لكل حالة.