عبد الله «صائد الذئاب»: تعلمت منها القوة والذكاء والتعفف

منزله في صعيد مصر صار متحفا لها ويحلم بدخول موسوعة «غينيس» للأرقام

ذئاب اصطادها عبد الله وقام بتحنيطها مستفيدا من ميراث أجداده الفراعنة («الشرق الأوسط») و عبد الله «صائد الذئاب»، يحلم بدخول موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية
TT

حلمه بدخول موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية لم يأت من فراغ، فصعوبة المهمة التي يقوم بها عبد الله عطا الله ابن محافظة قنا هي التي جعلت هذا الحلم يراوده مع كل انتصار يحققه على الذئاب المفترسة بقريته القابعة في أحضان الجبال بمركز دشنا التابعة لمحافظة قنا في جنوب مصر.

صيد الذئاب ليس مهمة عادية كما يروى عبد الله، فهي «مهمة صعبة وشاقة قد يكون ثمنها حياتي، لكن ظروف قريتي وطبيعتها الجبلية التي أعيش بها هي التي أجبرتني على امتهان هذه المهنة الشاقة، حتى تحولت معي إلى هواية أدمنتها وعشقتها وجعلتني بعد ذلك أتفنن في صنع آلات وأسلحة قادرة على اصطياد الذئاب دون وقوع ضرر على الآخرين».

عبد الله عطا الله الذي يدخل العقد الرابع من عمره والحاصل على دبلوم التجارة، اشتهر بين أهله في القرية والقرى المجاورة لها بـ«صائد الذئاب» لتميزه وانفراده في هذا العمل الخطر الذي يخشاه الجميع نظرا لشراسة الذئاب التي تقطن المناطق الجبلية بصعيد مصر.

يفخر عطا الله بأنه قام باصطياد 16 ذئبا حتى الآن ويسعى لزيادة حصيلته من الذئاب، متمنيا الدخول بهذه الأرقام في موسوعة غينيس للأرقام القياسية. وبنبرة لا تخلو من حماس، يقول: «هذا العمل لا يقوم به غيري، لأن التعامل مع الذئاب على طريقتي عمل في غاية الخطورة، فأنا لا أقوم بضربها بالطلقات النارية، بل أستدرجها إلى المكان الذي أريده، وعندها أقوم باصطياد الذئب حيا، كي أحتفظ به بعد ذلك أو أبيعه للراغبين فيه، بالإضافة إلى الاستفادة من أحشائه الداخلية وخصوصا الأكباد التي يبحث عنها الكثير من المرضى في صعيد مصر، اعتقادا من الكثيرين بأنها قادرة على شفاء الأمراض المستعصية، كما يستخدم البعض شحم الذئب لعلاج خشونة الركبة، بينما تستخدم بعض السيدات مرارة الذئب لعلاج العقم لديهن».

أما عن الجهاز الذي ابتكره عبد الله عطا في صيد الذئاب فيقول: «الجهاز مصنع من خامات محلية موجودة في البيئة التي أعيش فيها، فهو عبارة عن آلة حديدية ابتكرتها بنفسي، طولها وعرضها 30 سم2، لها ذراعان تفتحان وتغلقان للإمساك بالذئاب عندما تقترب من الجهاز، وأقوم بحفر حفرة بالأرض في المكان الذي أختاره بعناية، وتكون بعمق 15 سم وطول 10 سم وعرض 10 سم، مع تثبيت سلسلة حديدية طولها 25 سم مربوطة بمسمار مدفون في التراب، ويوضع فوق ذراعي الجهاز خشبة هشة فوقها خبز وعظام لخداع الذئب، وفور اقترابه من الخبز تنقبض عليه الأذرع، بالإضافة إلى نثر قطع الخبز والعظام لعدة أمتار قبل الجهاز لكي يأتي الذئب مهرولا وراء قطع الخبز ويقع في الفخ في النهاية».

ويضيف عطا الله أن الذئب فور وقوعه في المصيدة يطلق عواء يحذر به بقية أفراد جنسه، وهو لغة متعارف عليها بينهم، ويختلف هذا العواء التحذيري عن أي عواء آخر تطلقه الذئاب، فهناك عواء تطلقه الذئاب من شدة الجوع ويعرفه الكثيرون من الأهالي، لذا يحذرون بعضهم البعض فور سماعهم هذا الصوت.

يكره صائد الذئاب القناوي اصطياد الذئاب الشرسة وقتلها ثم تركها وجبة هنية للكلاب المفترسة، بل يحافظ عليها ويجلبها معه إلى المنزل بعد اصطيادها من الجبل لكي يضيفها إلى رصيده من الذئاب التي يصطادها بين الحين والآخر، ويتفاخر بها عطا الله أمام أبنائه وأهله الذين يقدرون قيمة هذا العمل الشاق الذي يخلصهم به من الذئاب المفترسة التي يخشاها الجميع.

ويقوم صائد الذئاب بتحنيط الذئاب التي يصطادها وتبدأ عملية التحنيط – حسب ما يقول - بسلخ الذئب، الذي يتراوح وزنه في أغلب الأحيان ما بين 25 إلى 30 كجم، ويقوم بعدها بفتح مسافة 10 سم في جسد الذئب لنزع الجلد بطريقة سليمة، ثم القيام بتفريغ جسد الذئب من الشحم، «بعدها أقوم بوضع الملح والجير والحناء على الجلد حتى لا يتعفن»، مشيرا إلى أن الكثير من الناس يتهافتون على شراء جلد الذئب تقديرا لقيمته.

ويضيف عطا الله أنه يحتفظ بالكثير من الذئاب التي اصطادها في المنزل، ويقوم بعرضها كما لو أنها في متحف، لكي تشهد على مغامراته في الجبال وقدرته على الفتك بهذه الذئاب التي تتسبب في الفتك بحياة الكثير من الأهالي الأبرياء، خاصة المزارعين الذين يقومون بري أراضيهم في المساء.

وعما تعلمه من مطاردة الذئاب، يقول عبد الله إنه تعلم أشياء كثيرة، «من أبرزها القوة والذكاء، بالإضافة إلى التعفف، فالذئب لا يأكل إلا إذا كان جائعا، كما أنه لا يميل إلى أكل الميت من الحيوانات مثل الكلاب الضالة، إضافة إلى أن الذئب لا ينسى ثأره مهما طالت الأيام وهو الأمر الذي يقلقني كثيرا، فهروب الذئب من المصيدة يجعلني في حالة ارتباك وخوف، خاصة من ثأر أنثى ذئب، هربت ذات مرة من المصيدة التي قمت بإعدادها لها».