مهنة «الخطافة» تدخل البرلمان المغربي.. وحزب يدعو لإعفائهم من الضرائب

مدينة الرباط فشلت تماما في حل مشكلة النقل حتى بعد اللجوء إلى حافلات متهالكة

«خطاف» ينقل بسيارته الصغيرة بعض الزبائن (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

ازدهرت مهنة النقل غير القانوني عن طريق سيارات خاصة ازدهارا ملحوظا بالعاصمة المغربية في الآونة الأخيرة، بسبب إضرابات متكررة لسائقي الحافلات مما تسبب في أزمة نقل في الرباط التي تحتفي هذه السنة بمرور قرن على اختيارها عاصمة للمغرب، في وقت تعاني فيه كثيرا من المشكلات بسبب انقسامات وخلافات داخل المجلس البلدي، وعجز السلطات المحلية عن التدخل، ومن بين هذه المشكلات مسألة النقل داخل مدينة تمددت وتوسعت كثيرا خلال الحقبة الأخيرة.

تفاقم مشكلة النقل، خاصة بالنسبة للموظفين الذين يشكلون أغلبية سكان العاصمة المغربية، جعلت مهنة النقل غير القانوني لا تزدهر فحسب؛ بل هناك من راح يطالب بتقنينها، أكثر من ذلك، طرح الموضوع داخل البرلمان.

ويطلق المغاربة على الذين يعملون في هذه المهنة اسم «الخطافة» أي أولئك الذين «يخطفون» الزبائن الراغبين في التنقل من مكان إلى آخر بطريقة غير قانونية. وبسبب هذا ازدهاره دخل موضوع «الخطافة» إلى البرلمان، حيث طالب نواب من حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض الحكومة بإعفاء هؤلاء السائقين من الضرائب على سياراتهم، بوصفهم «يساهمون في الحد من أزمة النقل في الرباط.» غير أن سائقي سيارات الأجرة (تاكسي) في المقابل لا يخفون سخطهم من انتشار «الخطافة»، إذ إنهم باتوا يزاحمونهم في عملهم. ويقول سائقو سيارات الأجرة إنهم يؤدون الضرائب والرسوم القانونية في الوقت الذي لا يؤدي فيه سائقو السيارات الخاصة التي تستعمل في النقل غير القانوني أية ضرائب أو رسوم قانونية، كما أنهم ليسوا معنيين بالعدد القانوني للركاب، الذي يحدده القانون بثلاثة أشخاص لسائقي سيارات الأجرة. ونظرا لانخفاض تكلفة التنقل مع «الخطافة»، فإن كثيرين يفضلون هذه الوسيلة على سيارات الأجرة، على الرغم من وجود بعض المخاطر في بعض الأحيان، عند استعمال سيارات «الخطافة.» ويعرف سكان الرباط «الخطافة» حتى دون أن يعلنوا عن أنفسهم، حيث يقفون بسياراتهم في محطات الحافلات يقترحون على الناس نقلهم في سياراتهم إلى الجهة المطلوبة مقابل خمسة دراهم (نحو نصف دولار) وهو السعر الذي حدده «الخطافة» منذ سنوات دون تغيير.

وأصبح أمرا عاديا وجود أنواع سيارات مختلفة لا تخفى على الشرطة، وهي تقف على جنبات شوارع الرباط الرئيسية، خاصة أماكن وجود الإدارات والوزارات لنقل الناس، دون أن تتدخل شرطة المرور لإيقافها؛ إذ توجد حالة أقرب ما تكون إلى التواطؤ مع هؤلاء السائقين ما دام أنهم يساهمون في حل مشكلة النقل في مدينة تعاني اكتظاظا في ساعات الذروة.

ويقر عدد من «الخطافة» بأنهم يعملون خارج أية ضوابط قانونية، وهم يرون أنهم بالمقابل يقدمون خدمات مهمة للناس تلاقي استحسانا منهم. ويعاني الناس مع ساعات الصباح الأولى مع قلة وسائل النقل، والشيء نفسه يتكرر في المساء، وحتى خلال ساعات الليل أحيانا، خصوصا في نهاية الأسبوع حيث تزيد حركة السفر من الرباط.

وتتحول بعض محطات الوقوف إلى حلبة للصراع من أجل الصعود إلى سيارة «الخطاف»، وأصبح وسط الرباط، خاصة أحياء «حسان» و«أكدال»» و«يعقوب المنصور» من الأمكنة التي تعج بالركاب في أوقات الذروة، بعضهم ينتظرون في بعض الأحيان أكثر من ساعة للعودة إلى منازلهم.

ويبدو المشهد في بعض الأحيان لافتا؛ تقترب سيارة «الخطاف» من المحطة التي تقف فيها عادة الحافلات، يسارع نحوها الركاب لا يكترثون بالعواقب التي قد تترتب على اعتقال أصحاب سيارات النقل غير القانوني، حيث تبادر الشرطة إلى سحب رخصة القيادة من السائقين، ويطلبون كذلك البطاقات الشخصية من الركاب، للاستعانة بها أدلة على ارتكاب «الخطاف» للقوانين. وكلما اقتربت دورية أمن بالمحطات التي يكثر فيها أصحاب النقل غير القانوني، يتخذ «الخطافة» الحيطة والحذر، ويتبادلون معلومات فيما بينهم عن الأمكنة التي يوجد بها رجال الشرطة.

يشار إلى أن الرباط، تعاني، على غرار الدار البيضاء، من خلافات كثيرة داخل المجلس البلدي أدت إلى تعطيل الكثير من المشاريع. وحاول المجلس البلدي عدة مرات حل مشكلات النقل، لكن دون جدوى، ومما فاقم المشكلة، إفلاس شركة «ستاريو» الفرنسية التي كانت تمتلك حافلات من الحجم الكبير (حافلة ومقطورة) جلبتها الشركة من الصين، وعلى الرغم من تأسيس المجلس البلدي شركة جديدة محل شركة «ستاريو»، فإن ذلك لم يحل المشكلة، خاصة بعد أن توالت إضرابات سائقي الحافلات.

ولا توجد أغلبية واضحة في المجلس البلدي لأي حزب، ويقود المجلس الاشتراكي فتح الله ولعلو الذي أنتخب، عبر تحالف سياسي هش، «عمدة الرباط»، لكنه يواجه صعوبات في ممارسة مهامه. وحاولت السلطات المحلية حل مشكلة النقل في العاصمة المغربية، بعد أن أفلست الشركة الفرنسية، بيد أن جميع المحاولات باءت بالفشل، بما في ذلك السماح لحافلات متهالكة محاولة لسد العجز.. وهكذا يستمر «الخطافة» في عملهم.