تونس: مشاريع سكنية تعتمد سعف النخيل

يمكن استخدامه كعازل حراري وصوتي ومائي

يمكن اللجوء إلى مادة سعف النخيل الممزوج بالبلاستيك المقوى لتنفيذ مجموعة كبيرة من المشاريع المرتبطة بالمساكن في تونس («الشرق الأوسط»)
TT

ليست المرة الأولى التي يتم فيها اللجوء إلى منتوجات الواحة من سعف نخيل وجذوع أشجار من أجل ترتيب البيت سكان الصحراء التونسية، ولكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها من خلال المزج بين سعف النخيل المتوفر في واحات تونسية ممتدة، ومادة البلاستيك المقوى المستعملة على مستوى عالمي منذ قرابة 15 سنة، وهي اليوم تجد طريقها عن طريق إحدى المؤسسات التونسية المتخصصة في المجال، التي ستبدأ تسويقها في مشاريعها السكنية ومختلف منتوجات سعف النخيل الممزوج بالبلاستيك، بداية من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

الفكرة تناقلها التونسيون من مختلف الفئات الاجتماعية دون الغوص العميق في الفكرة وكيفية تنفيذها ولمن ستكون موجهة وعلاقة هذا المشروع الجديد بتراجع إنتاج مادة الخشب، سواء على مستوى تونس أو على المستوى العالمي.

حول هذه التقنية الجديدة، صرح ناظم معلال، المدير التقني للمشروع لـ«الشرق الأوسط» بأن هذا المنتوج موجه بالأساس لإنتاج الأبواب والشبابيك والأرضية والواجهات وتجهيزات المطابخ والمطاعم، انطلاقا من مادة سعف النخيل المتوفرة في تونس من خلال قرابة المليوني نخلة، التي تتوزع على الواحات التونسية الممتدة في توزر وقبلي وقفصة وقابس. وبالإمكان الاعتماد على هذا المنتوج كعازل حراري وعازل صوتي وعازل مائي في المسابح. وبدلا من اللجوء إلى الخشب المرسكل المستورد من السوق العالمية، يقول ناظم يمكن اللجوء إلى مادة سعف النخيل الممزوج بالبلاستيك المقوى من أجل تنفيذ مجموعة كبيرة من المشاريع المرتبطة بالمساكن. ويؤكد معلال أن نسبة الخشب تتراوح في كل الأحوال بين 50 و80 في المائة من المنتوج، وذلك حسب نوعية المنتوجات، وهي نسبة مهمة تحافظ على الجوانب البيئية الطبيعية في المنتوجات المقدمة إلى الأسواق التونسية.

ويشير معلال إلى أن سعف النخيل يقع جمعه من الواحات التونسية، وخاصة من منطقة توزر وقبلي (نحو 600 كلم جنوب العاصمة التونسية)، وهي طريقة مجدية ونظيفة يقع اللجوء إليها وضرب عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية يقع تنظيف الواحات التونسية من مخلفات شجرة النخيل التي غالبا ما تخفي في طياتها حشرات مضرة بالصابة، ومن ناحية أخرى، الاستفادة القصوى من مادة سعف النخيل من خلال استعمالها لأغراض بيئية بالأساس، وكذلك اجتماعية واقتصادية. واعتبر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المنتوج سيسوق في تونس وأفريقيا بلدان الخليج العربي في مرحلة أولى، على أن يقع التوجه إلى الأسواق الأوروبية في منافسة مفتوحة على منتوجات تتقارب مع المنتوج التونسي، إلا أنها لا تعتمد على مادة سعف النخيل الذي يعتبر جديدا وناجعا في كثير الاستعمالات.

وبعيدا عن الاستعمالات الكثيرة في مجال السكن، يرى معلال أن مادة سعف النخيل الممزوجة بالبلاستيك يمكن أن يكون لها أثر كبير على قطع غيار السيارات، وعلى كل تطبيقات الهندسة المعمارية وتقنيات التزويق الداخلي والديكور.

وفي هذا الشأن، قال المهندس المعماري التونسي، زكرياء بن عامر، إن مثل هذه التطبيقات قد تكون مجدية للغاية، وهي قد توفر مواطن عامل إضافية لسكان الواحات الذين تقل لديهم الموارد المادية، بعيدا عن موسم جني التمور. ولاحظ من ناحية أخرى أن الاعتماد على مادة طبيعية في إنجاز مشاريع سكنية قد تكون مفضلة لدى منفذي المشاريع السكنية، إذا ما تأكدت فاعليتها ونجاعتها في تعويض مواد أخرى دأبت كل المؤسسات على استعمالها. ودعا بن عامر المؤسسة المنفذة لهذا المشروع إلى دراسة مستفيضة لتكلفة الإنجاز حتى تكون قادرة على المنافسة في ميدان يعرف منذ سنوات منافسة حادة، على حد تعبيره.