تونس: مطاعم الشواء حتى على الطرق

موائدها عامرة في كل الفصول

اللحم المشوي.. شهوة لا تقاوم («الشرق الأوسط»)
TT

تنتشر مطاعم الشواء على الطرق في تونس حتى باتت تشكل ظاهرة، لا سيما في المناطق الريفية. ولكون بعضها بعيدة بمسافات متفاوتة عن المدن، فإنها باتت تمثل نقاط استراحة واستجمام لمستعملي طرق السيارات. ذلك لأن كثرة من المسافرين تجد متعة إضافية عند التوقف بغرض الأكل والاستراحة، وغالبا ما يكون هذا السلوك مبرمجا مسبقا قبل الانطلاق في الرحلة.

ومن ثم، فإن الإقبال على مطاعم الشواء القائمة على الطرق التي تخترق الأرياف التونسية دفع الكثير من أصحاب محلات بيع اللحوم (الجزارة) لفتح مطاعم يبيعون فيها اللحم الطازج لمن يريده واللحم المشوي لمن يرغب فيه.. من عابري الطريق. وكلما كان العدد الأكبر، كانت المنافسة أشدّ، وهو ما ينعكس إيجابا على ميزانية المستهلك، إذ إن سعر كيلو اللحم في تونس يصل إلى 17 دينارا، بينما يقل السعر عندما تكون هناك نقاط متنافسة كمنطقة الباطن، حيث ينخفض السعر في إطار المنافسة إلى 12 دينارا فقط.

الحاج محمد السقني، وهو صاحب مطعم شواء، التقته «الشرق الأوسط» واستوضحته عن الحال، فقال: «يعمل المطعم على مدار 24 ساعة، ويأتي الزبائن من مدينة تونس وضواحيها، إضافة للمسافرين عابري الطريق، ومنهم جزائريون وليبيون وغيرهم».

وكما أخبرنا، يقوم الحاج محمد الساعة الرابعة صباحا كل يوم ويتوجّه إلى المسلخ لذبح خرافه بعد صلاة الفجر: «في حدود الخامسة والربع (5:15) أتوجه إلى المسلخ لإحضار الخرفان إلى المطعم، وفور وصولي أضع اللحم في الثلاجة ولا أبقي في الخارج سوى خروف واحد، حتى إذا انتهى اللحم المعروض أخرج خروفا آخر.. وهكذا حتى ينتهي اللحم».

لم يذكر الحاج محمد عدد الخرفان التي يذبحها كل يوم، غير أنه اشتكى من غلاء أسعار الخرفان التي تضطر الجزّارين وأصحاب مطاعم الشواء إلى رفع تسعيرة اللحم المشوي، في حين يشتكي الفلاحون من ارتفاع أسعار العلف، وقال: «نحن نبيع كيلو اللحم بـ17 دينارا لأن أسعار الخرفان مرتفعة، فهي لا تقل عن 230 دينارا للخروف، وهذا ما يجعل سعر اللحم المشوي مرتفعا كما يقال».

لا يبيع الحاج محمد السقني اللحم المشوي فحسب، بل يبيع الدجاج المشوي (الروتي)، فـ«هناك من يريد أن ينوّع مائدته.. فيضع الدجاج إلى جانب لحم الخروف. ويكون ذلك في أغلب الأحيان عندما يكون ضمن مجموعة الأفراد (سواء كانوا من أسرة واحدة أو أكثر أو مجموعة أصدقاء)، فمن لا يأكل لحم الدجاج أو لحم الخروف في تونس؟».

في الواقع، جميع طبقات المجتمع ترتاد مطاعم الشواء سواء في الليل والنهار، وثمة من يجلب معه جميع أفراد أسرته، أو أصدقاءه. وقال لنا عبد اللطيف الماجري، الذي كان في المطعم لتناول الغداء مع زوجته عندما التقيناه: «أعرف هذا المطعم منذ وقت قصير. فقد أتيت إليه مع ابن خالتي الذي يملك فندقا من فئة ثلاثة نجوم ويعتبر مطعم فندقه من أفضل المطاعم التي تعدّ السمك المشوي. والحقيقة أنني أعجبت بهذا المطعم على الرغم من بساطته، ومنذ ذلك الحين وأنا أتردّد عليه مع زوجتي وأسرتي»، ثم أضاف: «ليس كل من فتح مطعما يستطيع أن يشوي اللحم كما ينبغي، فمنذ فترة تناولنا لحما مشويا في أحد المطاعم الملحقة بنقطة لبيع اللحوم الطازجة لكن طريقة الشواء لم تعجبنا، وبالتالي قررنا أن لا نعود إليه مطلقا». ولا يخفي الماجري وغيره مما تحدّثت إليهم «الشرق الأوسط» من الزبائن، قوة الرغبة في تناول اللحم المشوي، إذ علّق موضحا: «رائحة الشواء مغرية جدا والنفس تشتهي اللحم المشوي.. إنها شهوة لا تُقاوم».

من ناحية أخرى، «على الرغم من أن معظم مطاعم الشواء نظيفة في الغالب، فإن الجهات المتخصصة، ولا سيما وزارة الصحة التونسية، تبذل جهودا مضنية من أجل مراقبة مستويات النظافة في هذه المطاعم التي يرتادها المواطنون وحتى السياح الأجانب» كما يقول الأطباء.

وهنا ينصح الدكتور عبد الله خليف بأن «تجري مراقبة مطاعم الشواء ومحلات بيع اللحوم، ولا سيما أدوات شواء اللحم.. فلا بد من تنظيف أدوات الشواء كالشوّايات والملاقط (جمع ملقط وهو الأداة التي يحرك بها الفحم واللحم) وأن تكون الأجزاء صغيرة جدا لكي تبقى لأقل فترة ممكنة فوق الفحم الذي يجب أن يكون في حالة جمر، كذلك يجب أن لا يُكثر المرء من اللحم المشوي فما يستفيد منه الجسم لا يزيد عن 100 غرام».

وحذر الدكتور خليف من الدخان المصاحب لعملية الشواء قائلا: «هناك 300 مركب في الدخان، وهناك دراسات تحذر من الإصابة بالسرطان بسبب تناول اللحوم المشوية بطرق غير صحية، مثل عدم تحول الفحم إلى جمر، وتعرُّض اللحم لكميات أكبر من الدخان»، ناصحا بـ«تناول كميات كبيرة من الخضار (ولا سيما الخضار الطازجة كالسلَطة) والفواكه قبل وبعد وجبة من اللحم المشوي».