مطعم «شارلو».. مأدبة شعبية تونسية بمزايا شبابية

يحمل اسم نابغة الكوميديا العالمية

داخل مطعم «شارلو» الشعبي.. الشبابي («الشرق الأوسط»)
TT

على تقاطع الطرق أو ما يعرف بدائرة السيد الصحبي يتموضع مطعم «شارلو»، نسبة إلى الشخصية الكوميدية البريطانية العالمية الشهيرة شارلي شابلن – أو «شارلو» - على اختلاف اللغات.

وفي البهو أو سقيفة المطعم الذي مر على افتتاحه أكثر من 30 سنة، تجلس صاحبة المطعم السيدة مها مفتاح، التي قالت بترحاب: «هذا المطعم يعمل على مدى 24 ساعة وكان يحمل اسم (الشبيبة)، وهو اسم النادي الرياضي المرموق في مدينة القيروان، وقد غيرنا الاسم إلى (شارلو) عام 1996 لأننا نحب هذا الاسم... وهو اسم جذاب - يطلق أيضا على الكلاب في تونس مثل أسماء أخرى - ويحبه الصغار والكبار ومن جميع المستويات الاجتماعية». وتابعت: «تغيير الاسم نتج عن تغيير الإدارة... فقد كان والد زوجي هو من أطلق عليه اسم (الشبيبة) ولكن بعد زفافنا عام 1996 قررت أنا وزوجي اعتماد اسم (شارلو)، ومن ثم أجرينا الكثير من التحسينات، غير أن المطعم ظل للشباب لأنه يوفر لهم كل ما يريدونه، فنحن في عصر السرعة...».

بدأت مها العمل في المطعم مع زوجها عام 1997، وهي تعتبر كل يوم تقضيه في المطعم مصدر «ذكريات جميلة تروي تاريخ التضحيات من أجل تحسين ظروفنا المعيشية، فأنا أعمل في النهار وهو يعمل ليلا، وننتظر أن يكبر ابننا (15 سنة) ليحمل المشعل من بعدنا... ولقد بدأ يتعلم الصنعة شيئا فشيئا».

أما عن المأكولات التي تلقى إقبالا أكبر من سواها، فقد ذكرت مها أن «الكفتاجي» وهو اللحم المطبوخ مع الفلفل المشوي أو المقلي، أو المعد على البخار، والبيض مع التوابل، مثل الثوم والتابل والكراوية، والبعض يضيف عليه الطماطم المشوية، (تخلط جميعها في مدق بطرق مختلفة وتقدم مع قطع البطاطس المقلية) من أكثر المأكولات شعبية في تونس لعدة اعتبارات منها السعر المناسب... حيث لا يزيد سعر اللمجة عن دينار ونصف الدينار (الدينار نصف يورو تقريبا) والمذاق اللذيذ.

وتابعت: «وهناك الدجاج الروتي ورؤوس الخرفان المعدة في الفرن (يطلق عليها في تونس اسم المصلي - بضم الميم وتسكين الصاد وكسر اللام). ويبلغ سعر ربع دجاجة معدة بالإكليل (القصعين) والكركم، دينارين مع السلطة والبطاطس المقلية. أما رأس الخروف المعد في الفرن، فيخلط بالإكليل والزعتر والثوم والفلفل الأحمر والقليل من الملح. كما يقدم المطعم اللحم المعد على البخار، حيث توضع الآنية في الجمر وتغطى به من جميع الجهات، وهو أشبه بـ(المندي) في دول الخليج. مع بعض الفوارق منها أن الخروف أو اللحم يوضع في آنية من الفخار وليس أي شيء آخر».

وسألنا مها عما إذا كانت العائلة تتناول وجبات الطعام في المنزل أو المطعم، فابتسمت وأجابت: «أحيانا في البيت وأحيانا أخرى في المطعم، فما نقدمه هنا أكلات شعبية، نطبخ هنا كل شيء، الكسكسي والمقرونة والجلبانة (البازيلا) والكمونية وجميع أنواع المأكولات الأخرى».

واستفسرنا عن التعامل مع اللحم الذي يرغب فيه التونسيون كثيرا، فأوضحت «كل يوم نشتري اللحوم، وليس كل لحم يمكن أن يؤدي الغرض، فكل أكلة تحتاج إلى أوصاف ومزايا معينة، فاللحم الخاص بالشواء مثلا يختلف عن اللحم المعد للطبخ مع الفاصوليا أو البطاطس وما إلى ذلك».

وأردفت: «مع ارتفاع أسعار اللحوم المشوية، أصبح الناس يميلون إلى طلب الدجاج المشوي على الفحم، بدلا من المعد في الفرن أي الروتي. هذا النوع من المأكولات أصبح مرغوبا أكثر من الروتي، وكل جديد مرغوب كما يقولون».

هنا، يقوم على خدمة الزبائن 4 نادلين في اليوم ومثلهم في الليل. وبينما كنا في حوارنا كان الزبائن يقاطعون حديث مها لدفع أسعار المأكولات التي طلبوها. وبعد ترتيب أمر بعض الزبائن، علقت مها مفتاح على الموقف: «هذا مطعم شعبي، أي أنه مخصص للطبقة المتوسطة والفقيرة، أي أننا لم نر الطبقات البورغوازية والمرفهة التي تقصد مطاعم أكبر ضخامة وأرفع سعرا ورغم ارتفاع أسعار الخضار فإننا لم نزد في الأسعار...».

واستدركت: «الكثير من مستخدمي الطريق والمسافرين يأتون إلى مطعمنا، وكثيرون من هؤلاء يعودون مرة أخرى لإبداء إعجابهم بالمطعم». لكنها شرحت أن نسبة الزبائن أقل في الليل، «بسبب إغلاق الأسواق والمحلات في ساعات مبكرة». واعتبرت الإغلاق في حدود منتصف الليل مناسبا، بينما تغلق الكثير من المحلات أبوابها حاليا في الساعة التاسعة أو العاشرة ليلا.