«الحبحب».. من أهم المنتجات الزراعية في السواحل السعودية الغربية

أبناؤها يصدرون البطيخ الأحمر إلى مختلف أنحاء الخليج العربي

سوق ناشطة لـ«الحبحب».. داخل السعودية وخارجها («الشرق الأوسط»)
TT

للبطيخ الأحمر الذي يجود إنتاجه في المناطق الساحلية بغرب المملكة العربية السعودية، أسماء عدة على امتداد العالم العربي. ففي بعض أنحاء شبه الجزيرة العربية يعرف باسم «الحبحب»، وفي العراق وبعض مناطق الخليج يسمى «الرقي»، وفي مناطق عربية أخرى يعرف بـ«الجبس»، وفي شمال أفريقيا بـ«الدلاع».

العالم ابن قيم الجوزية يقول عنه في كتاب «الطب النبوي»، إن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يأكل البطيخ بالرطب، ويقول «يدفع حر هذا برد هذا». وعبر السنين اشتهرت محافظتا الليث والقنفذة، الواقعتان إلى الجنوب من مكة المكرمة بإنتاج البطيخ الأحمر، أو «الحبحب» وتصديره، وخصوصا في فصل الصيف، نظرا لخصوبة أراضيهما. ويعتبر الصيف موسم جمع أو جني «الحبحب» الذي يصدر من هاتين المنطقتين إلى دول الخليج كالكويت وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة، وكذلك إلى الأردن ولبنان، ويستمر هذا الموسم شهرين كاملين. ولا يمكن أن يتوه أي شخص يبحث عن «الحبحب»، لأنه حتم سيجد الباعة على جانبي الطرق، وكذلك على الأرصفة في المدن السعودية الكبرى كجدة ومكة والرياض ومدن المنطقة الشرقية، وهم يعرضونه بكميات كبيرة.

محمد العمري، بائع «حبحب» من القنفذة متوجه إلى جدة ومنها، إلى الرياض (1500 كلم) التقيناه، فقال لنا، إن «مكاسب بيع (الحبحب) كبيرة جدا، ونبيع منه آلاف الأطنان. وكثيرون من المستهلكين يفضلون شراء (حبحب) المناطق الساحلية نظرا لحلاوة طعمه وتماسكه».

وذكر العمري أن شبان المناطق الساحلية بشكل عام امتهنوا بيع «الحبحب» بعدما نجحت زراعته في الأراضي الخصبة، التي تتميز بها أطراف المناطق الساحلية، وتابع كلامه قائلا «زبائننا من داخل المملكة وخارجها، ولعل سر اهتمام المشترين أيضا هو فوائد (الحبحب)». حول فوائد «الحبحب» تكاد تجمع الآراء على أنه ثمر مرطب ومنق للدم ومدر للبول، بجانب كونه مفيدا للمصابين بالروماتيزم ويعد علاجا فعالا للإمساك، كما أن أليافه تساعد جدا في طرد الفضلات المتراكمة على جدران الأمعاء، بينما يقي عصيره من مرض التيفوئيد. ويشير بعضهم إلى أنه عندما يؤكل صيفا يريح الجهاز الهضمي، ثم إن لبذور «الحبحب» قيمة غذائية عالية لاحتوائها على البروتين بنسبة 42 في المائة من وزنها، ويستخرج من هذه البذور زيت طعام ممتاز.

وحول أسعار «الحبحب» حاليا، قال عمر آل محمد، وهو أيضا من تجار الساحل، إن «الأسعار تبدأ من 20 ريالا للثمرة الواحدة، ويتعامل بعض التجار ببيع حمولة كاملة تختلف حسب حجم الثمار وحسب الكمية». ثم قال «إننا نشهد إقبالا كبيرا، في كل عام، من كل المدن على شراء «الحبحب»، ولكن الأسعار هذا الموسم قد تكون مختلفة.. وقدر ترتفع بنسبة 20 في المائة، بسبب تأثر المرسم الزراعي بقلة الأمطار الهاطلة على المناطق الساحلية من المملكة خلال العام الحالي». ولدى سؤالنا إياه عن أفضل أنواع «الحبحب» - أو البطيخ الأحمر - أجاب «العثري من أفضل الأنواع لكونه يزرع بعد هطول الأمطار مباشرة، وسمي بهذا الاسم لكونه لا يعتمد على مياه الآبار». وقبل أن نتركه، أبدى آل محمد أمله بأن يصار إلى تنظيم مهرجان خاص لـ«الحبحب»، وخصوصا لأنه المنتج الزراعي الأكبر أهمية والأكثر رواجا على الساحل السعودي.

ومن جانبه، شرح حسين سلمان، وهو أيضا من تجار «الحبحب»، أن زبائنه «من الدول المجاورة يحرصون على شراء هذا المنتج بأسعار منافسة»، ملاحظا أن حقيقة كون «الحبحب» لا يزرع في بلدان كدول الخليج «يسهم بصورة مباشرة في ارتفاع الطلب عليه. وهو بات عنصرا رئيسا على موائد البيوت الخليجية في وجبة الغداء».

وأضاف سلمان «(الحبحب) يأتي على هرم الاستثمارات الموسمية التي تكون المتاجرة بها صيفا.. ونتمنى اهتماما أكبر من الجهات المسؤولة لكي يصبح منتجنا إنتاجا وطنيا، لا سيما أنه ينتج في بعض المناطق وفي موسم واحد فقط». وفي رد على سؤال طرحناه عليه قال «يقدر ما يخصص زراعته لـ(الحبحب) نحو 2500 هكتار من الأراضي الزراعية في القنفذة وحدها، وذلك لتغطية الطلب المتزايد على هذا المنتج الزراعي المهم، سواء على صعيد المستهلكين داخل المحافظة أو خارجها. ومن ناحية أخرى، يتجاوز إنتاج الهكتار الواحد نحو 50 طنا يجرى تسويقها يوميا بواسطة الشاحنات وسيارات النقل بها من المحافظة إلى المدن السعودية الكبرى، وكذلك الأسواق خارج المملكة».

وهنا لا بأس من الإشارة إلى أن محافظتي الليث والقنفذة، بفضل خصوبة أراضيهما تعدان من أبرز المحافظات الزراعية في المملكة العربية السعودية اليوم، إذ يشتهر إنتاجهما الزراعي الذي يشمل الكثير من أنواع الخضار والفواكه الأخرى، وعلى رأسها المانجو والليمون والطماطم.