النخيل في السعودية.. قامتها «ظل» وعذوقها «اقتصاد»

جريد النخل «واقيات» الشمس ضد صيف قائظ

بلديات السعودية تفضل اختيار شجر النخيل لزينة الشوارع (تصوير: أحمد حشاد)
TT

باسقات الطلع، يانعات المجني، نضيدات الرطب، تسر الناظرين، وتعبر بك نحو هوية ضاربة في أعماق التاريخ العربي والإسلامي، حيث تذهب مع النخل نحو قضايا الكرامة والاقتصاد في التاريخ الإسلامي والعربي.

وبرهنت شجرة النخل في السعودية على جسارة المشهد في جميع الشوارع والأحياء، حيث نقلت بشكلها الجمالي المتفرد عرائش الظل وسط أجواء ترتفع فيها درجات الحرارة إلى مساحات عالية.

«سعف» النخيل أو ما يسمى «الجريد»، سرق الأنظار حين امتداده، من قبل الأمانات في المدن السعودية، حيث تعتبر زراعة النخيل في المجتمعات العربية ذات أهمية خاصة ليس فقط كمصدر للغذاء ولكن لارتباطها بعادات وتقاليد وقيم اجتماعية توارثتها الأجيال، مما جعل للنخيل نظرة تقدير خاصة في هذه الدول ومنها على سبيل المثال السعودية، لذلك اعتبرت شعارا لها وتجسيدا عمليا لمكانتها ولتآلفها مع البيئة المحلية، حيث لا تخلو حديقة أو شارع من النخيل بأنواعه المختلفة من حيث الإنتاج والزينة.

وتعتبر أشجار النخيل رمزا للبيئة الصحراوية، حيث إنها من أكثر النباتات تكيفا مع البيئة الصحراوية نظرا لتحملها درجات مرتفعة من الحرارة والجفاف والملوحة قد لا تتحملها كثير من النباتات الأخرى، حيث قطعت تلك الخصائص التي يتميز بها النخل في السعودية على كثير من الأشجار الموجودة في الشوارع السعودية، مثل شجر الفكس التي اشتهرت بها كثير من المدن في السعودية.

ويتم تنفيذ مشاريع التشجير والتحسين والتجميل من قبل الجهات التابعة للوزارة على أفضل وجه ممكن ووفقا لأفضل المواصفات الفنية، ونظرا لأهمية الخدمات البلدية في مجال التشجير، فلقد تم إعداد هذه الشروط والمواصفات للاستعانة بها عند دراسة وتنفيذ مشاريع البلديات في مجال التشجير وزراعة النباتات والتحسين والتجميل والصيانة الزراعية، وذلك لتحقيق الهدف الأساسي من مشاريع التشجير وهو نشر الرقعة الخضراء وتجميل المدن بما هو ملائم من نباتات للظروف المناخية والبيئية السائدة.

الدكتور فهد اليحيوي، باحث متخصص في الشؤون الزراعية قال لـ«الشرق الأوسط» إن خدمات تعتبر البلديات في مجال التشجير عنصرا مهما وأساسيا في إبراز وتنسيق المظهر الحضاري للمدن والقرى والمحافظة على الموارد الطبيعية وحماية البيئة. ولعل من الطبيعي الإشارة إلى أن تحقيق الأهداف العامة للتشجير يتوقف بالدرجة الأولى على التقيد بالشروط والمواصفات والعمل المتواصل الجاد في التخطيط والتنفيذ والمتابعة من قبل المختصين في هذا المجال.

وأضاف في حديثه: «تعتبر التربة عنصرا أساسيا ومهما في نجاح ما تتم زراعته من نباتات وذلك لتأثيرها المباشر على نمو النبات. ومن الضروري توفير التربة الزراعية الجيدة الغنية بالعناصر الغذائية لضمان نمو النباتات المزروعة فيها بصورة جيدة ويجب أن يورد النخيل إلى مواقع الزراعة المستديمة بعد تنظيفه وإجراء عملية التكريب، كما يجب أن تكون أشجار النخيل من الأصناف الجيدة والملائمة للظروف البيئية السائدة في المنطقة، وخالية من أي إصابات مرضية أو حشرية، أن تترك مسافة 5 إلى 8 أمتار بين كل نخلتين عند الزراعة».

وزاد اليحيوي أنه يجب وضع إشارة لتحديد الاتجاه الشمالي للنخلة قبل عملية النقل للمحافظة على نفس الاتجاه بعد الغرس، وقلع النخلة مع الكتلة الترابية ونقلها بواسطة رافعة مناسبة الحجم، ثم وضعها في الشاحنة التي ستنقلها لمكان الزراعة مع توجيه السعف باتجاه مؤخرة الشاحنة لكي لا يؤثر الهواء الشديد في جفاف الأوراق، وحفر الحفرة وفقا للمواصفات الخاصة بذلك والعمق المحدد لذلك، وتهيئة الخلطة الترابية المناسبة لزراعة النخيل المنقول على أن تكون الحفرة بحجم أكبر من حجم الكتلة الترابية المحيطة بجذع النخلة، وأن تكون أشجار النخيل مماثلة في الارتفاع والنوع والحجم مع بعضها البعض.

وعن فسائل نخيل البلح، أوضح أنه يجب أن تورد فسائل النخيل إلى مواقع زراعتها بعد تنظيفها وإجراء عملية التكريب عليها. وتكون ملفوفة بالخيش لحماية القلب الداخلي من الجفاف أو التعفن، وألا يقل عمر الفسيلة عن 3 إلى 4 سنوات وأن تكون ثقيلة، وأن يكون لها مجموع جذري جيد، ومن أم مثمرة يزيد عمرها على 6 سنوات، وأن يكون ارتفاع الفسيلة ووزنها وسمك الجذع مناسبة للصنف المزروع وحسب المواصفات المحددة، ويجب أن تكون كل فسيلة مرصصة ومختومة بختم وزارة الزراعة والمياه طبقا للقواعد المنظمة لذلك، أن تكون الجذور سليمة وقوية مع عدم وجود تجويف أسفل الفسيلة.

واختتم المتخصص في العلوم الزراعية أنه يجب دراسة خواص التربة ومنسوب المياه السطحية في المواقع المزمع زراعتها ويشترط في التربة الزراعية الجيدة، حيث إن شكل الجمار (القمة النامية للنخلة) وهو عبارة عن أنسجة حديثة التكون (خلايا ميرستيمية) غضة وطرية وهشة وحلوة المذاق وخالية من الألياف يتغير طعمها كلما ابتعدت عن القمة، وتوجد في قلب النخلة والجمار بمكان المخ من جسم الإنسان إذا أصابتها آفة فتلفت هلكت النخلة.