مدرس مصري يبتكر طريقة لمحو الأمية خلال 3 أشهر

تعتمد على التراكيب السلسة للحروف وغواية تراسل الألوان

المدرس المصري جمال الشوالي ممسكا بإحدى مراحل الطريقة التي توصل إليها لمحو الأمية («الشرق الأوسط»)
TT

ظلت تؤرقه مشكلة الأمية الفاحشة بين أبناء قريته، وعدم معرفة الكثيرين من أهله ومعارفه القراءة والكتابة، وكان يشعر بالضيق والحرج كلما لجأ إليه أحدهم لقراءة خطاب من عزيز، أو معرفة مضمون رسالة رسمية. ومع تفاقم نسبة الأمية التي وصلت إلى نحو 30 في المائة بين أبناء الشعب المصري قرر المدرس جمال محمد علي البحث عن طريقة لحل هذه الأزمة، حتى يساهم في إنقاذ أبناء مجتمعه من ظلام الجهل.

بعد سنوات من البحث والتجريب توصل المدرس إلى طريقة «التراكيب السلسة» لمحو الأمية خلال 3 أشهور فقط وبنسبة تصل إلى 100 في المائة على حد وصفه، ووصف بعض المتعلمين لطريقته والتي قام بتسجيلها في الشهر العقاري بتاريخ 7/9/2004، وحصلت على رقم إيداع 21129 لسنة 2011 بدار الوثائق المصرية.

يشير المدرس المصري والذي يلقب بين أبناء قريته الرئيسية بمركز نجع حمادي التابع لمحافظة قنا بـ«جمال الشوالي»: إلى أنه عكف على ابتكار هذه الطريقة 5 سنوات لكي يصل بها إلى مستوى يُمكن الجميع من استيعابها بسهولة ويسر.

ويضيف الشوالي: «كنت مكلفا بتدريس اللغة العربية للصف السادس الابتدائي، فوجدت أكثر من ثلثي التلاميذ بالمدرسة لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، وهذه كانت بداية المشكلة التي جعلتني أبحث عن حلول لها، فعكفت مع نفسي لإيجاد طريقة لمعالجة مشكلة الأمية التي يعاني منها التلاميذ بشرط أن تكون طريقة سهلة وسلسة وبسيطة، وكانت طريقة التراكيب السلسة التي يمكن من خلالها محو الأمية خلال 3 أشهر فقط وبنسبة تصل إلى 100 في المائة لسهولة الطريقة ويسرها سواء على المعلم أو المتعلم».

ويشير الشوالي إلى أن هذه الطريقة تعتمد على صوت وشكل الحرف مع استخدام الألوان لإزالة الرهبة لدى الأطفال عندما يطلب منهم قراءة أية كلمة، وذلك بتقسيم الكلمات إلى مقاطع واستخدام الألوان لإثارة المتعلم وشد انتباهه، بالإضافة إلى النغمة الموسيقية التي تنتج عن تركيب الحروف بهذه الطريقة والتي تحبب المتعلم في الترديد والتكرار، مع التأكد التام من البعد عن الحفظ والقرب من الفهم والإدراك بشكل ونطق وصوت الحرف.

وعن طريقة التراكيب السلسة يقول الشوالي: «تبدأ الطريقة بعد حفظ الحروف الأبجدية جامدة، ثم يتم تطبيق الطريقة على عدد من المراحل يجتاز المتعلم كل مرحلة خلال فترة محددة، وفي النهاية يكون قادرا على القراءة بشكل سليم. ونبدأ بالوحدة الأولى والمعروفة بوحدة البناء ويتم خلالها وضع حرف الهمزة مفتوحا مع كل الحروف ساكنة مثال «أب – أت – أث – أج.. إلخ»، ثم الباء «بأ – بب – بت.. بي»، ويتم الانتهاء من هذه المرحلة بعد 28 حصة بما يعادل 21 ساعة، حتى يتم التشبع بشكل كامل بشكل ورسم ونطق الحرف، وفي نهاية هذه الوحدة يكون المتعلم قادرا على نطق أي حرفين مع بعضهما ويستطيع نطق أي حرف يطلب منه بجوار ما تعلم من أمثلة».

يتابع الشوالي: «ثم الوحدة الثانية (تكوين الكلمة البسيطة)، وفيها نبدأ بتكوين كلمات من ثلاثة حروف، مع استخدام لونين مختلفين للكلمة لتسهيل عملية النطق مع المتعلم دون مساعدة من المعلم، مثال (فوز – موت – فوج) يتم وضع الحرفين الأول والثاني بلون والثالث بلون مختلف، ونستغل هذه الوحدة في التعرف على الحركات الأخرى للنطق مثل الضم والكسرة، ويتم اجتياز هذه المرحلة خلال 6 حصص أو 4 ساعات ونصف».

أما الوحدة الثالثة «تكوين كلمات مكونة من 4 حروف»، فيتم فيها تقسيم الكلمة إلى تركيبين منفصلين بلونين مختلفين، مثال «أخضر» يتم تلوين أخ بلون و«ضر» بلون آخر، ويتم اجتيازها في 10 حصص.

ثم الوحدة الرابعة «وحدة الممدود» ويتم من خلالها إضافة الممدود بالألف «با – تا -.. يا» إلى كلمات أخرى وبلونين مختلفين مثل «بارع – تامر»..

ثم تأتي الوحدة الخامسة «تركيب الأ»؛ حيث نقوم من خلالها بوضع كافة الحروف بعدها مثل «الأب – الأت – الأث.. الأي»، ثم نقوم بتركيب كلمات معها مثل «الأبطال» ونكتب «الأ» بلون و«بطال» بلون مختلف.

ويشير الشوالي إلى أن هناك وحدات أخرى لكنها تستخدم كناحية تكميلية للطريقة مثل الوحدة الخاصة بتعليم «أل الشمسية والقمرية»، حيث لا توجد قاعدة في اللغة تحوي أو تشتمل على الحروف الشمسية، فقمت بوضع قاعدة للحروف الشمسية وهي كالتالي «نثر شذ ظن صد طز لست»، ولها قصة خيالية تحكي محتوى الجمل.

وأشار الشوالي إلى أن هذه الطريقة اكتملت بعد 5 سنوات، لكن الطريقة خاضعة للتجديد والتطوير المستمر لمزيد من السهولة واليسر مع المتعلم.

ويكشف الشوالي عن جانب آخر وهو قيامه بتقديم مذكرة بالطريقة لوزارة التربية والتعليم عام 2005 لاعتمادها بالمدارس، لكنها قوبلت بالرفض زعما بأن شرح الطريقة به 3 أخطاء إملائية ونحوية دون أن تتم مناقشتي في شيء، ولم يتم الاكتفاء بذلك، بل تم استبعادي من تدريس مادة اللغة العربية، وبعد تظلمي وعرض الموضوع في إحدى الصحف تراجعت الوزارة عن قرارها وعدت إلى تدريس اللغة العربية مرة أخرى. مشيرا إلى أنه لم يفكر في نشرها في كتاب للشروط المجحفة التي تتعامل بها دور النشر.

ويقول الشوالي إنه يقوم بتطبيق الطريقة في قريته على التلاميذ منذ 10 سنوات، لكن خارج أسوار المدرسة، «ويقوم حاليا أغلب أولياء الأمور بقريتي بتعليم أبنائهم بهذه الطريقة لسهولتها وبساطتها، إضافة إلى أن شرحها للكبار لا يستغرق أكثر من ساعة زمن. فهي تصلح للكبار والصغار معا».

ويتمنى جمال الشوالي أن يستفيد الجميع من هذه الطريقة ويتم تطبيقها على جميع الأجيال لأنها قادرة على تعليم القراءة والكتابة بيسر وسهولة وخلال فترة وجيزة.