تونس: ثورة جديدة ضد النفايات.. من أجل النظافة

بادرت بعض الأحزاب بالقيام بمهام البلديات عندما شنت إضرابا عن العمل

يشارك في الحملة أعضاء في الحكومة التي أعربت عن قلقها الشديد من تفشي مظاهر الإهمال
TT

شعور بالزهو ينتاب المواطنين في تونس وهم يشاركون في حملة النظافة التي دشنها رئيس الوزراء حمادي الجبالي يوم الجمعة الماضي، محاولا بذلك إنهاء حالة التسيب الإداري التي لا تزال تشهدها البلاد منذ ثورة 14 يناير (كانون الثاني) والتي تجسدت في الخدمات البلدية التي يفتقدها المواطن التونسي، ولمسها السياح.

وقالت سائحة بريطانية شابة تدعى ليندا (27 سنة) لـ«الشرق الأوسط» إنها شاركت مع عدد من السياح في الحملة بشكل رمزي، مضيفة: «تونس بلد جميل على الرغم من حرارة الطقس، وشعب مضياف ومحترم ولكن بعض الشوارع تنقصها النظافة وهذا مفهوم بسبب الاختلال في العمل الإداري». وتابعت: «تونس تحتاج لثورة ثانية، ثورة للنظافة، وهذا ما يقوله التونسيون ويطبقونه الآن بالفعل».

ليست هذه المرة الأولى التي تقوم فيها جمعيات وأفراد في تونس بحملات نظافة، فقد بادرت بعض الأحزاب والجمعيات بالقيام بمهام البلديات عندما شنت البلديات إضرابا عن العمل.

وقال الصحبي الولفرلي: «البلدية لا تقوم بواجبها في نظافة المحيط وما يقال عن نقص المعدات أكذوبة، فلديها شاحنات جديدة ولكنها لا تقوم بواجبها، كما أن بعض عمال البلديات يتعمدون ترك النفايات في أماكنها وأحيانا يأخذون بعضها ويتركون بعضها الآخر». وكشف عن تعرض البعض لتهديدات من قبل بعض النقابات لأنهم شاركوا في حملات نظافة عندما كانت البلديات تخوض إضرابا عن العمل: «هي لم تكن تعمل أصلا ومع ذلك قامت بالإضراب، وهدد منتسبوها من شارك في حملات نظافة بالانتقام».

فتيان وفتيات من فرق الكشافة أعربوا عن سعادتهم بالمشاركة في حملة النظافة، وقال توفيق السويسي (14 سنة): «لا يمكن أن يشعر الإنسان بروح الوطنية الحقيقية إذا لم يشعر بأنه قدم شيئا لمجتمعه وللصالح العام، وأنا فخور بمشاركتي في الحملة الوطنية للنظافة». أما رباب (14 سنة) التي كانت تحمل الأكياس مع رفيقاتها وهي تجمع الأكياس المتطايرة والزجاجات الفارغة والأوراق المتناثرة في الشارع فقالت: «لا بد من تنظيف محيطنا الذي هو بيتنا الكبير». وتابعت: «البيت والحي والشارع الذي نسكن فيه يهمنا أمر نظافته وليس بيتنا فقط». وعن سبب التقاعس في السنوات الماضية، ولا سيما بعد الثورة، عن المشاركة في النظافة قالت: «هناك مؤسسات مسؤولة عن النظافة وعن البيئة، ولكننا أدركنا الآن أنه يجب أن نتولى ذلك بأنفسنا». وأعربت عن أملها في أن تكون حملات النظافة الشاملة دورية كل شهر على الأقل.

ويشارك في الحملة أعضاء في الحكومة التي أعربت عن قلقها الشديد من تفشي مظاهر الإهمال في العناية بالنظافة. وقد شارك وزراء في حملة النظافة ميدانيا منهم وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو، في ولاية بنزرت، ووزير أملاك الدولة سليم بن حميدان في ولاية قبلي، ووزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي في القيروان، ولاعب الفريق الوطني التونسي الأسبق والمهاجم الشهير طارق ذياب، وزير الرياضة في تونس العاصمة.

وأكد رئيس الوزراء حمادي الجبالي أن «تدهور الوضع البيئي وتراكم النفايات في أغلب ساحات وأنهج المدن التونسية بصورة عشوائية، مظاهر لا تليق بصورة تونس وسمعتها في الوقت الذي بدأت تسترجع فيه مكانتها السياحية». وأشار إلى أن بعض تلك الظواهر «تمثل تهديدا للسلامة الصحية للمواطن في كل الولايات». وشدد الجبالي لدى إشرافه على مجلس وزاري للنظر في إشكالية تفشي مظاهر الإهمال وعدم العناية بالنظافة في أغلب ساحات وأنهج المدن التونسية. وأوضح أن «مظاهر الإهمال المسجلة، التي من شأنها أن تتفاقم بمناسبة فصل الصيف مع انتشار مكبات النفايات العشوائية وتراجع أداء البلديات لا تليق بصورة تونس وسمعتها، وتهدد السلامة الصحية للمواطن». وقالت الحكومة في بيان بهذا الغرض إنها اطلعت على تقارير حول الوضع البيئي في بعض الجهات وواقع النظافة العامة في البلاد والأسباب التي أدت إلى تراجع مظاهر الحفاظ على البيئة والوسط السليم والحلول الممكنة لتجاوز هذه الوضعية. ومن المقرر أن يتخذ مجلس الوزراء إجراءات وقرارات صارمة في هذا الغرض في أقرب وقت ممكن، بحسب البيان. وقد جاء هذا التحرك على أثر نشر «الشرق الأوسط» تقريرا عن الوضع البيئي في تونس، حيث تحولت بعض مكبات النفايات في بعض الولايات إلى مراع.