شباب المناطق السياحية يلفتون انتباه السواح بـ«تحجير» سياراتهم

فراغهم قادهم إلى الابتكار.. وعبارة «للعوائل فقط» فجرت طاقاتهم

«تحجير السيارات» هواية شبابية في جبال السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

يشد انتباه السائح أو الزائر في المناطق المرتفعة من المملكة العربية السعودية منظر السيارات المرفوعة فوق الأحجار بطرق مبتكرة، وكأنها لوحات فنية رسمها فنان. ويتنافس الشباب في مجموعات على إبراز فنونهم، ولفت انتباه المارة الذين يحرصون على التقاط الصور لهذه الإبداعات.

والواقع، أن شباب مناطق جنوب وغرب السعودية، مثل عسير والطائف والباحة، يستغلون فترة الصيف لتنفيذ هذه الإعمال، مستفيدين من توافد السواح والمصطافين على المتنزهات الجبلية العالية طلبا للأجواء الباردة والترفيه والتمتع بجمال الطبيعة، ليمارس الشبان «عرض مواهبهم» بهذه الطريقة. وحقا يلفت الانتباه تباهي الشبان بمبتكراتهم وقدرتهم على رفع السيارات على عدد من الأحجار بطريقة لا تخلو من المخيلة والفن. وهم في ذلك يستخدمون حجارة محلية من البيئة الجبلية نفسها المحيطة بالمكان.

عابد الطويرقي، وهو شاب من هواة هذا العمل، يشير إلى أنه اعتاد هو ورفاقه على التخييم في منطقة الشفا، القريبة من مدينة الطائف، والتي ترتفع عن سطح البحر بأكثر من 2800 متر في مثل هذه الفترة من العام. وفي الشفا يعكف هو ورفاقه على بناء تشكيلات من حجارة الجبال المحيطة، ويتفننون في طرق رص الحجارة تحت السيارات أو ما يسمى بـ«التحجير»، مع إضافة ألوان ترش بطريقة مقاربة للون السيارة. وحسب الطويرقي فـإن هذه العملية تأخذ منهم قرابة ثلاث ساعات وأحيانا أكثر، حسب حجم السيارة.

أما موسى الزهراني، وهو شاب من الباحة ويقيم بالطائف، فقال إن «هذه الطريقة ابتدعها شبان المناطق المرتفعة كالطائف والباحة وأبها تعبيرا عن ترحيبهم بضيوف المتنزهات بطريقتهم الخاصة»، وأردف: «وهذا يأتي بسبب الوقت الطويل الذي يمضونه في المخيم، محاولين عبر هذه الهواية استغلال وقتهم في الإبداع وجلب الأنظار لهم». ثم أشار إلى أن «كثرة من العابرين، ومنهم المصطافون من بعض مناطق السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، يحرصون على التقاط صور لهم بجوار المركبات المعلقة فوق الحجارة، والسؤال عن كيفية عمل هذه الأعمال والهدف منها».

والتقينا الشابين محمد هادي عسيري وخالد القحطاني، وهما من أبها، فقالا إن «شبان المنطقة، وبالذات من يعيشون قرب أحد رفيدة ومتنزه الحبلة، يتشاركون في هذه الهواية خلال الإجازة الصيفية، فيقومون بتحجير السيارات أي برفعها على الأحجار بطرق إبداعية ويحاولون كل عام إضافة أشكال أو أدوات جديدة على التحجير، وهم يستخدمون أحيانا العلب الفارغة للمرطبات الغازية بعد تلوينها بألوان جاذبة وبطريقة تناسقية مبتكرة». وأضافا: «من الأسباب التي جعلت الشبان يقومون بهذه الأعمال العبارة الشهيرة التي تواجههم في المتنزهات الكبيرة (للعوائل فقط).. وبالتالي، قرروا أن تكون الساحات والطرق مجالهم الخصب للإبداع والابتكار».

وطالب القحطاني من الجهات المختصة مراعاة الشبان في برامج الصيف، مقترحا إجراء مسابقات مستمرة للشباب في أماكن تجمعهم، ولافتا إلى «أن الشبان الذين يقومون بهذه العملية ينظفون مكانهم من الحجارة بإعادتها للطبيعة بعد إزالة الأشكال الفنية من على السيارات».

وبدوره، أوضح طارق محمود خان، المدير التنفيذي المكلف لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف، أن هذه الهواية الشبابية «تدخل تحت نطاق السيارات، ولذا لا بد أن تكون لها ضوابط معينة من حيث الأمن والسلامة». وأشار إلى أن «رياضة السيارات أصبحت رياضة معتمدة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولها اتحاد خاص، وهذا ما يمنع هيئة السياحة من التدخل في مجال جهة أخرى». ثم أضاف أن الشباب «يبتكرون هذه الأيام طرقا مختلفة للترفيه والاستمتاع، ولذا من الضروري مواكبتهم في كل جديد ومجارات عصرهم والرقابة المنضبطة على ما يقدمون حفاظا على أمنهم وسلامتهم».

واختتم عبد العزيز الشهراني، منظم مهرجان «أكشنها» للسيارات المعدلة في الطائف، لقاءاتنا بقوله إن «إضافة (تحجير السيارات) في المنافسات المقبلة للمهرجان ستدرس بعد استيفاء الضوابط المنظمة لمثل هذه الهواية والحصول على الموافقات الرسمية الخاصة بها»، وتابع معتبرا أن «هذه الهواية من جماليات إبداع الشباب في تغيير شكل السيارة ورفعها فوق كومة من الحجارة الصغيرة».