في عيد الفطر بتونس.. الحلوى «تتنافس» بين السوق والدار

بعد رحيل رمضان المبارك

حلويات من مختلف الأصناف متاحة للتونسيين في عيد الفطر («الشرق الأوسط»)
TT

تعود حلويات العيد إلى الظهور خلال النصف الثاني من شهر رمضان وتختلف اجتهادات العائلة التونسية في التعامل مع هذه المناسبة السعيدة.

عيد الفطر في تونس يعرف باسم «العيد الصغير»، وفيه تصنف أشهى الحلويات وأفضلها لتقدم إلى زوار العائلات وأقاربهم الذين يتوافدون من كل مناطق البلاد لزيارة أهاليهم.. ويحرصون على أن لا يتأخروا في الزيارة والمعايدة.

عادة تحضير «الحلو»، كما يسميه التونسيون، تختلف من جهة إلى أخرى إلا أنها كلها تجتمع حول المرأة المدبرة في منزلها، فهي صاحبة القرار الأخير في صنع الحلويات «الدياري» - أي ما يحضر في الدار أو البيت - أو التوجه نحو حلويات السوق.

وتنبه بعض ربات البيوت إلى ضرورة المحافظة على عادة «حل الحلو» في المنزل مع ما يرافق هذه العادة من التقاء نساء الحي في منزل واحد، وما يتخلل ذلك من ربط لعلاقات أسرية بالأساس، ومع الجيران خلال هذه المناسبات الدينية السعيدة. وتشير إلى أن الكثير من أغاني التراث التونسي تردّدها النساء في هذه المناسبات وترى «كبيرات الحومة» أن عقلية «الفاست فود» أتت على الكثير من العادات الحميدة.

وفي هذا المجال، تقول ربح المنوري، وهي ربة بيت، في حديثها مع «الشرق الأوسط» إن «المقارنة بين حلويات الدار وحلويات السوق لا تجوز من حيث الأصل، فالفوارق في المقادير وفي المذاق بعيدة كل البعد عن بعضها عن بعض». وتضيف أنها لا تقبل باقتناء حلويات السوق إذا لم تجد الوقت الكافي لصناعة حلويات الدار، وانتقدت سلوك بعض التجار الذين لا يتوانون في تقليد بعض الحلويات المعروفة بميزاتها في بعض المدن التونسية على غرار «المقروض القيرواني». واعتبرت أن المقارنة بين الصنفين تطرح أكثر من سؤال مع أن الأسعار بينها قد لا تكون متباعدة.

هذا، وتقبل العائلة التونسية، بالخصوص، على أصناف من الحلويات بعينها وذلك على غرار «البقلاوة»، ذات الأصول التركية، و«الغريبة» و«المقروض»، وهي تشكيلة من الحلويات التي تبقى في تناول العائلة التونسية ككل. إلا أن البعض الآخر من العائلات له عادات وتقاليد مختلفة ويسعى إلى صنع «كعكة الورقة»، ذات الأصول الأندلسية، والتي تتكون بالأساس من اللوز المرحي وتعد بماء النسري (النسرين) أو بماء الورد، وقد لا تكون الكميات كثيرة ولكن يكفي القليل منها لتقديمها إلى الضيوف الذين قد تنتظر أشهرا أخرى لاستضافتهم من جديد.

وفي حين يقبل أهالي الجنوب التونسي، وخاصة مدينة تطاوين (نحو 600 كلم جنوبي تونس العاصمة) على حلويّات «قرن الغزال»، وهي حلويات محشوّة بالفواكه الجافة على غرار اللوز والفستق، تتفق العائلات التونسية على إعداد أو شراء «المقروض القيرواني» الذي يعدّ من المكوّنات الأساسية لحلويات العيد. وتصنع منه أصناف كثيرة من بينها المقروض بالعسل والمقروض بزيت الزيتون والمقروض بالتمور وغيرها من الفواكه الجافة.

وفي هذا الشأن يقول نور الدين أبو مسعد، وهو اختصاصي غذائي، «إن الكثير من الحلويات التونسية تعتمد على مواد غذائية محلية فالتمر واللوز وزيت الزيتون والسمن والعسل من أهم مكوّنات أحلى الحلويات». ويرى أن أفضل تلك الحلويات «هي تلك التي تصنعها أيادي الأمهات داخل بيوتهن ولا مجال لمقارنتها بحلويات السوق».

ولكن ماذا عن الأسعار؟

تختلف أسعار الحلويات حسب نوعية المواد المستعملة، فسعر الكيلوغرام من المقروض يتراوح بين ثلاثة دنانير تونسية (ما يعادل دولارين أميركيين) وخمسة إلى ستة دنانير أو أكثر لأجود أنواع المقروض المصنوعة لدى عائلات تتقنها منذ عقود من الزمن. وتلقى «الحلويات الدياري» - كما ذكرنا - منافسة حادة من حلويات السوق التي ما تكون معروضة للعموم في الأسواق، وهذا مع أن حلويات الدار «راقية» وتراعي التركيبة والمقادير، فضلا عن أنها تتميّز بأنها معروفة المصدر. أما حلويات السوق فقد طغت عليها خلال السنوات الأخيرة عمليات الغش، ويقول راصدون إن بعض التجار استغل مشاغل المرأة المعاصرة وقلة توفر الوقت المتاح لها فأخذوا يطرحون حلويات من نوعية متوسطة أو رديئة قد تكون العائلة مضطرة لشرائها لإرضاء رغبات الأبناء الصغار وتوفيرا للوقت.