مطعم «أبو عمار السوري».. يجمع شتات السوريين في القاهرة

يقبع في «شارع سوريا» بالجيزة

يجمع مطعم «أبو عمار السوري» بين الحس الشعبي والأرستقراطي معا
TT

جذب إليه الأنظار بقوة منذ افتتاحه قبل عدة سنوات في أحد الشوارع الرئيسية بحي المهندسين الراقي بمحافظة الجيزة. ورغم تواضع حجم المكان حينذاك الذي أخذ سمت «المقصف»، فإن الروائح الشهية التي تنبعث منه كانت كفيلة بأن تصنع له بصمة خاصة، سرعان ما تحولت إلى محبة لدى عشاق الطعام ومحبي الأكلات الشامية. ومع اتساع المطعم الذي أصبح يحتل طابقين من بناية معروفة بالشارع، اتسعت دائرة زبائنه، لينضم مطعم «أبو عمار السوري» إلى أجندة مشرفة لكثير من المحال التي افتتحها الشوام في مصر، في فترات زمنية متباينة؛ وعلى رأسها محال الحلوى الشرقية.

ورغم أن المصادفة وحدها هي التي جعلت المطعم يقع في شارع «سوريا» الشهير بالحي، منذ وطأت أقدام صاحبه مصر في عام 2004، فإن المطعم استطاع أن يصنع مصادفته الأخرى الخاصة، فمن خلال طاولتك وأنت تتناول الطعام، خاصة في المساء، تتناهى إلى سمعك لهجات العرب؛ المصرية والخليجية، والتونسية، والعراقية، والسودانية والفلسطينية.. وغيرها، وكأن «طبق أبو عمار» يوحدها بعدما تشتتت في دروب السياسة وصراعات السلطة والنفوذ.

يقدم المطعم أشهى الأكلات السورية والشامية مثل: الفتوش والتبولة والمنقوشة، التي تلقى إعجاب كثير من المصريين والعرب.. صاحب المطعم عمار محمد، وهو من ريف دمشق، تحدث مع «الشرق الأوسط» عن طبيعة مطعمه وما يقدمه من مأكولات، مؤكدا أن أغلبها سورية، وأن مطعمه يستمد شهرته من شهرة المطابخ الشامية وما تتميز به من أشهى وألذ الأطعمة، حيث من المعروف أن المطبخ السوري من أشهر المطابخ التي تقدم أطيب الأطعمة، وهو غنى بأطباقه الشهية المتنوعة العديدة. ويرجع عمار هذا التنوع الجميل إلى «الطبيعة السورية نفسها؛ فكل مدينة ومنطقة سورية لها ما يميزها من الأكلات التي تتعدد أصنافها بين دمشق وحلب وحمص وحماه ومدن الساحل السوري.

ويروي أبو عمار أنه اختار مصر لتكون محطته الثانية، التي يدشن فيها الفرع الثاني لمطعمه، ليكون امتدادا للفرع الأول في دمشق قائلا: «أنا من عشاق مصر، وتجذبني الروح المصرية وطيبة المصريين، ومصر هي مهد الحضارات وملتقى الثقافات المختلفة؛ ففي القاهرة والعديد من الأقاليم المصرية مطاعم تنتسب المأكولات التي تقدمها إلى دولها، فتوجد المطاعم التي تقدم الأكل الياباني والصيني المعروف بـ(السوشي)، ومطاعم تختص بتقديم المأكولات الإيطالية مثل المعكرونات (الباستا) والبيتزات. بالإضافة إلى المطاعم المحلية التي تقدم الأطباق المصرية الشهيرة».

يجمع مطعم «أبو عمار السوري» بين الحس الشعبي والأرستقراطي معا.. البساطة وعدم التكلف في التعامل مع الزبائن، وفي الوقت نفسه الحرص على الأناقة والشياكة في تقديم الطلبات.. سألته عن تأثر المطعم بالأوضاع الدامية في سوريا، خاصة بعد اتساع فضاء الثورة ضد نظام الأسد، فأجاب بنبرة مكسوة بالأسى والحزن: «بالطبع هذا أثر بطريقة ما، خاصة بعد ازدياد الإقبال من اللاجئين السوريين الذين زاد عددهم بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة في مصر خاصة في مدينة القاهرة».

ولفت أبو عمار إلى أن هناك عددا كبيرا من السوريين الذين يرغبون في العمل تقدموا إلى المطعم للعمل به، وهو ينظر بجدية في هذا الأمر، فواجبه يحتم عليه أن يساعد أبناء شعبه، مؤكدا أنه أعلن عن تأييده الثورة السورية، ومعربا عن تفاؤله بنجاحها القريب جدا، وعلى حد قوله؛ «لا توجد حكومة تستطيع أن تقهر شعبا مهما بلغت هذه الحكومة من قوة»، ولكنه يرى أن الثورة السورية بحاجة إلى المزيد من المساعدات الخارجية، موضحا أنه «لا بأس من التدخل العسكري»، مشيرا إلى أنه «لولا تدخل حلف الناتو في ليبيا لما سقط الرئيس الليبي معمر القذافي».

وبصوت مشوب بالقلق والخوف، تحدث أبو عمار عن أوضاع الجالية السورية في مصر، خاصة مع ما يتردد عن سوء علاقة السفارة السورية بهم، مؤكدا «أن الجالية في واد، والسفارة في واد آخر؛ بل هي تعاملهم معاملة بشار الأسد نفسها».. لكنه سرعان ما يطمئن نفسه قائلا: «الحمد لله.. مفيش خوف عليهم في مصر».