خبير سعودي يثمن سجاد الحرير في القصور ويعيد حياكته

شرح خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» معايير التقييم والتثمين

محمد السعيد يشير إلى التاريخ القمري في قلب سجادة إيرانية قديمة (تصوير: أحمد يسري)
TT

لم يمتهن المواطن السعودي محمد السعيد تجارة السجاد الفاخر لمجرد التجارة فقط، بل كان قبل أن يتجاوز سن الثانية عشرة من العمر، قبل 30 سنة، يلازم والده ويسافر معه خلال تجواله داخل أشهر دول العالم في مضمار صناعة السجاد، ابتداء بإيران وتركيا، وانتهاء بباكستان وروسيا. الخبرات التي يتمتع بها الخبير والتاجر السعودي محمد السعيد، دفعت أصحاب القصور ومقدري السجاد الفاخر من ملوك ورؤساء وأعيان، إلى الاستعانة برأيه، من أجل تقييم وتثمين، بل كذلك، صيانة ما تزخر به قصورهم من أرقى أنواع السجاد وأغلاه، وفي بعض الحالات ما يملكونه من قطع أثرية تصل أعمار البعض منها إلى أكثر من 300 سنة.

«الشرق الأوسط» زارت مؤخرا المعرض الخاص بمحمد السعيد، واطلعت خلال معاينتها تلك السجاجيد على عدة نماذج نفيسة تعود ملكيتها لسلالات مالكة توالت على حكم تركيا وإيران، كان البعض من تلك السجاجيد من مقتنيات رؤساء وملوك كانوا حصلوا عليها أو قدموها هدايا قيمة لنظرائهم وزوارهم من كبار الشخصيات والموفدين. ومن هذه السجاجيد حقا ما يقدر عمره بمئات السنين، وهذه بالذات قد تدخل الأسعار التقديرية للقطعة الواحدة في مصاف ملايين الدولارات الأميركية، بصرف النظر عن طولها وأبعادها وهوية تصاميمها.

بطبيعة الحال، يفضل محمد السعيد، كخبير ومرجع، الاحتفاظ بهذه الفئة «التحفية» من السجاد الأثري الفاخر بدلا من بيعها، موضحا: «لا يوجد لمثل هذه القطع النادرة بدائل أو قطع مشابهة». قبل أن يشير إلى أصالة وعظمة مستوى التصنيع اليدوي الذي يظهر للعين الخبيرة بمجرد وقوع أول نظرة على السجادة، من دون أن يتوقف لشرح بعض أنفس المواد المستخدمة في السجاد الفاخر القديم، مثل المعادن الثمينة، ومنها خيوط الذهب والفضة، وطبعا الحرير الأصلي.

وكانت «الشرق الأوسط» قد رصدت إحدى الصفقات التي أدارها محمد السعيد مع أحد التجار الأميركيين من أصول إيرانية، وكان من المهتمين بتجارة السجاد الفاخر، ولقد حرص هذا التاجر على اقتنائها بغض النظر عن سعرها، وذلك لإدراكه التام أنه لن يجدها إلا عند أمثال محمد السعيد، وخصوصا أنه حسب علمه لم يصنع مثيل لها من قبل ولا من بعد.

من جهة أخرى، تحدث محمد السعيد عن سجادة نفيسة جدا من مقتنياته صنعت من الحرير الخالص، ولقد حدد في قلب السجادة (التاريخ القمري المجوسي) في تلك الحقبة، وهو يشير إلى عام 1039 حسب التاريخ القمري المجوسي آنذاك، أي قبل 300 سنة (حسب قول السعيد).

ولدى العودة إلى طريقة التثمين التي يمتهنها في عملية التقييم الخاص بسجاد القصور الملكية أو الدواوين الرئاسية، قال لنا السعيد: «تجري عملية التثمين عندما يأتينا طلب رسمي من تلك الجهات لأجل تقييم ما يوجد بداخلها من سجاد فاخر، وهي عملية شبه سنوية (حسب تعبيره) تقوم بها تلك الجهات. ومن ثم تبدأ عملية المعاينة من خلال النظر إلى الحالة العامة للسجادة وشكلها ومواد نسجها وطريقة نسجها. وبالتالي، تجري عملية التثمين حسب معايير محددة».

وتطرق السعيد إلى بعض أنواع خامات الحرير التي يتعامل معها، مشيرا إلى استعانته في بعض الأحيان بخبراء من تركيا وإيران وباكستان وروسيا، سبق له أن عمل معهم قديما. وقال إن كثيرين من الذين يتعامل معهم موجودون في مدينة هره كه التركية، التي تبعد عن إسطنبول نحو 150 كلم، «باعتبارهم أصحاب باع طويل في التعامل مع أجود أنواع الحرير وحياكته». ثم قال: «إن سعر المتر من الحرير في سجاد إيران وتركيا يبدأ من 1500 دولار أميركي وينتهي بـ25 ألف دولار، في حين يعتبر السجاد المصنوع في باكستان وأفغانستان من السجاد الشعبي الرخيص الثمن، ومن أشهره السجاد البلوشي وسجاد تركمان أفغانستان».