الإسكندرية: «صنارة».. تجمع لعشاق صيد السمك

يشارك فيه الصغار والكبار

يتجمعون من كل الأعمار والفئات على الشاطئ ليمارسوا معهم هواية صيد السمك («الشرق الأوسط»)
TT

إن مشهد جلوس شخص بصنارته على الشاطئ أو اصطفاف مراكب الصيادين مشهد مألوف وعادي عند أهالي المناطق الساحلية، ومنها المناطق الموجودة على شواطئ مصر. لكن أن يستوقف المرء تجمع كبير من الصيادين في بقعة واحدة بعينها.. فإن الأمر لا يصبح مسألة طبيعية بالضرورة.

هنا.. في مدينة الإسكندرية، ثاني كبرى مدن مصر و«عروس المتوسط»، يُعد صيد السمك من أبرز الهوايات التي يستمتع بها أهالي المدينة، وبالأخص عشاق البحر منهم، مع تذكر أن شاطئها يشكل جزءا لا يتجزأ من حياتهم وثقافتهم ومصدر رزقهم.

واليوم، تحتضن الإسكندرية تجمعا أطلق عليه اسم «صنارة»، يهدف (بحسب قول صاحب فكرته) إلى «تجميع محبي الصيد وعشاقه من كل الأعمار والانطلاق في رحلات جماعية لصيد الأسماك»، متابعا: «يتيح هذا التجمع المشاركة والتفاعل والتنافس، مما يضفي جوا من المرح يسعد المشاركين فيه».

أحمد يوسف، صاحب فكرة تجمع «صنارة» ومؤسسه، قال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «حياتي في مدينة ساحلية مثل الإسكندرية كان لها، بطبيعة الحال، تأثير على حبي للصيد والبحر والرحلات البحرية، كما أن مشاركتي في عدد كبير من الأعمال الخيرية والجماعية في مجالات مختلفة أكسبتني خبرة في التعامل مع الناس والمشاركة في نشاطات جماعية تعتمد على روح الفريق».

وتابع يوسف: «من هنا جاءت فكرة (صنارة) كتجمع لمحبي وهواة صيد الأسماك. في البداية، كان عددنا ضئيلا لا يزيد على 20 شخصا، وكنا بمعظمنا من الأصدقاء والمقربين. إلا أن الأمور أخذت تتغير شيئا فشيئا بعدما بدأ الناس يسمعون عن (صنارة)، ومن ثم، ينضمون إلينا. وهكذا ازدادت الأعداد، ومعها رحلات الصيد التي بتنا ننظمها بصورة منتظمة في أعقاب نجاح الفكرة والتجربة الأولى. خاصة أنها فكرة جديدة وغير منتشرة».

ثم أوضح أن «الشائع أن من يهوى الصيد يأخذ صنارته ويتوجه بها إلى البحر ليصطاد بشكل فردي. ولكن فكرة وجود تجمع وحدث جماعي منظم لهواة الصيد، بشكل منتظم، كانت جديدة نسبيا». واستطرد قائلا: «ثمة أشخاص قد تكون لديهم الهواية والرغبة في الصيد أو في تعلمه.. غير أنهم لا يدرون كيف يبدأون. أو إلى أين يتوجهون، ومهمتنا نحن أن ننظم لهم الأمر بالكامل ونوفر لهم كل شيء يحتاجه الصيد».

وحول فئة الأشخاص الذين يشاركون في تجمع «صنارة»، قال لنا يوسف: «حاليا، يشارك معنا أشخاص من كل الأعمار والاتجاهات، فلدينا شباب ورجال كبار وسيدات وأمهات، وكذلك أطفال. كل هؤلاء يجمعهم حب الصيد والرغبة في المشاركة في حدث جماعي بين أشخاص لهم نفس الاهتمام ونفس الهواية». من جهة أخرى، أكد أحمد يوسف على أهمية هذا التجمع «من حيث فتحه المجال للمبتدئين للمشاركة في مجال الصيد، فهو يقدم لهم في كثير من الأحيان تجربتهم الأولى مع الصنارة والسمك، وبالتالي، يفتح أمامهم فرصة للاصطياد بجوار محترفين لهم خبرة طويلة».

وأردف يوسف: «نحن هنا نعمل على تعليم المبتدئين أصول الصيد، ونوفر لهم الصنارة والطعم ووسائل حفظ الأسماك بعد صيدها حتى لا تفسد. كذلك فإننا نعلمهم كيفية استخدام الصنارة إلى أن ينجحوا في الصيد ويصطادوا أول سمكة. مما يثير فرحة خاصة عندهم».

يقول أحمد يوسف بلهجة الخبير المجرب: «بشكل عام صيد السمك لا يحتاج إلى مؤهلات أو قدرات خاصة في الشخص الراغب بالصيد سوى أن يكون لديه شيء من الصبر وطول البال، وأن يكون حريصا على الاستمتاع بما يفعله بغض النظر عن النتيجة، وعن عدد الأسماك التي سيصطادها في النهاية. وذلك يختلف من شخص لآخر، فهناك من يصطاد سمكة واحدة طوال النهار وهناك من لديه خبرة ويصطاد كمية كبيرة من السمك خلال اليوم، إلا أن سعادة الشخص بالأسماك التي يأخذها معه في نهاية الرحلة لا تختلف في الحصيلة النهائية لأنه يكون قد استمتع بيومه ومارس هوايته التي يحبها وسط آخرين لديهم الاهتمام ذاته».

ولكن على الرغم مما سبق، يشير يوسف إلى أن الصيد «يحتاج، في المقابل، إلى بعض الخبرة في معرفة مواسم الأسماك المختلفة وأماكن وجودها بكثافة، فكل فترة تختلف عن الأخرى وكل مكان يختلف عن الآخر لجهة أنواع الأسماك التي توجد فيه وفي كثافة وجودها». ومن هنا يوضح، قائلا: «إننا نحرص على تنظيم رحلات مختلفة؛ فأحيانا نتوجه إلى البحيرات ونصطاد أنواعا معينة من السمك مثل البلطي، وأحيانا أخرى إلى جزر، وقد ننظم رحلات باليخوت في أماكن معينة من البحر، وكل مكان تختلف نوعية الأسماك وكميتها فيه عن الآخر، وعلى أي حال، بجانب متعة الصيد، فإن الرحلة باليخت تكون ممتعة للمشاركين وتضفي على اليوم جوا من السعادة على الجميع».

واختتم يوسف كلامه بالقول: «أتمنى أن يسعى كل شخص إلى ممارسة الهواية التي يحب، لأن هذا الأمر ينعكس على حياته كلها. ولذلك أعتبر (صنارة) تجربة مميزة جدا بالنسبة لي، ولها فضل كبير عليّ. كما أنها أضافت إلي الكثير على كل المستويات. إن تجربة الصيد نفسها أكسبتني كثيرا من الصفات، أهمها الصبر والتأني والمثابرة، بالإضافة إلى أن تنظيم تجمعات الصيد أتاح لي فرصة المشاركة والتفاعل مع شخصيات مختلفة في إطار هواية يحبها الجميع.. هي الصيد».