مصري يبتكر «طعام الفضاء».. ويصر على تنفيذه في بلده

قال إنه سيجعلها في مصاف الدول المتقدمة

المصري عماد حمدي مخترع «طعام الفضاء» خلال حفل تكريمه في ماليزيا («الشرق الأوسط»)
TT

قد لا تكون هناك اليوم أي مشكلة متعلقة بتناول الأطعمة تواجه المسافرين إلى أي بقعة من بقاع العالم. إلا أن السفر في الفضاء الخارجي ذو طبيعة خاصة، والبقاء لمدة أسبوع أو أكثر في منطقة تنعدم فيها الجاذبية الأرضية يستلزم تأقلم المسافرين مع ما يتناسب مع هذه الحالة، وخصوصا، الوجبات الغذائية التي يشترط فيها الثبات حيث هي، كي لا تصطدم بالمسافرين.

هذا، بالذات، ما نجح المصري عماد حمدي، المدير التأسيسي لـ«سياحة الفضاء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، في صنعه.

خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال عماد: «عملت في مجال التدريس الجامعي لمدة سبع سنوات، وبعدها عملت في مجال السياحة مع إحدى الشركات التي تنتشر فروعها حول العالم. ولقد بدأت التفكير في اختراع طعام مناسب للرحلات الفضائية بعدما انتقلت إلى ماليزيا. هناك التقيت شابا ماليزيا أثناء عملي مديرا لبحوث تطوير إحدى الشركات الماليزية المتخصصة بالأطعمة، إذ طلب مني ابتكار وسيلة لتقديم الطعام على متن سفن الفضاء».

وأضاف عماد: «حددنا في البداية مجموعة من الأوصاف والمعايير التي يجب مراعاتها في طعام الفضاء، أبرزها أن تتناسب مع طبيعة انعدام الجاذبية لجهة ألا تحتوي في تصميمها على انثناءات حادة حتى لا تصيب المسافرين بجروح، وأن يتراوح وزنها ما بين 100 غرام و120 غراما للوجبة الواحدة، وأن تمد المسافرين بالسعرات الحرارية التي يجب تتراوح بين 600 و700 سعرة لكي تساعدهم على أداء أنشطتهم، وأخيرا وليس آخرا، لا بد أن تكون الفضلات الناتجة عن عملية الهضم ضئيلة».

واستطرد: «لقد نفذت الوجبة على شكل كرة بعدما لاحظت من النقوش الفرعونية أن الأطعمة كانت تقدم بهذا الشكل، كما وجدت أن الشكل الكروي يتناسب مع طبيعة انعدام الجاذبية. وبعدها، عمدت إلى إرسال نموذج مطبوع لـ(إدارة الطيران والفضاء الوطنية) الأميركية - (ناسا) - التي قبلت الفكرة من بين 228 فكرة مقدمة من حول العالم. إلا أنني لم أستطع السفر إلى الولايات المتحدة نظرا لظروف اقتصادية وخلافات مع راعي المشروع في ماليزيا».

بعد ذلك، انتقل عماد حمدي بفكرته إلى معرض خاص بأبحاث الفضاء في ماليزيا، وهناك - كما شرح لنا - أعرب وزير الاستثمار الماليزي عن إعجابه بالابتكار، كما عرض على عماد أن يواصل تجاربه بدعم من الحكومة الماليزية يصل إلى 2.3 مليون جنيه، غير أن رغبة الممول الرسمي للابتكار في الحصول على جزء من الدعم الحكومي جعلت عماد يفكر في العودة إلى مصر بأمل الحصول على دعم ممولين مصريين... لتصبح مصر هي المسؤولة الوحيدة عن أطعمة الفضاء مما سيدر عليها دخلا كبيرا..».

وفي رحلة عماد للبحث عن ممول في مصر، اتجه إلى وزارة البحث العلمي في حكومة أحمد شفيق التي أخبرته أن بحثه لا يدخل ضمن اختصاصات وزارة البحث العلمي، ثم اتجه إلى مراكز الاستشعار عن بعد، وهناك نصحوه بالاتجاه إلى مراكز الغذاء في مراكز البحوث، الذين نصحوه بدورهم ببيع الابتكار.

وفعلا، انطلق عماد بعد ذلك إلى سوق القطاع الخاص باحثا عن ممول، غير أنه يقول: «إن الاستغلال كان هو الصفة الغالبة على الممولين... فعندما عرضت على رجل أعمال مصري الابتكار... طلب مني استيراد حاويات تحتوي على فوانيس رمضان لتباع في مصر بعدما يلصق عليها شعار (ناسا)، وهو ما رفضته لأنني لا أقبل باستغلال اسم (ناسا) إلا بما يتناسب مع مكانتها وأهميتها».

عماد أكد لنا أن المزايا التي يوفرها الاختراع «لا تقدر بثمن»، وأشار إلى أن الراعي سيكون هو المسؤول عن تصدير طعام سياحة الفضاء، كما سيكون له الحق في وضع شعار شركته وكل تفاصيلها على الموقع الإلكتروني الخاص بـ«ناسا»، ويمكن دمج شعاره مع شعار «ناسا»، بالإضافة إلى ذلك، كما ذكر عماد، «فإن الأرباح الناجمة عن تنفيذ المشروع ستكون غير تقليدية وسيسترد الممول الأموال التي أنفقها على المشروع خلال سنة، كما أن مصر سترتفع إلى مصاف الدول المتقدمة في علوم الغذاء».

بعدها، أوضح عماد أن الوجبة من طعام الفضاء ستكلف 30 دولارا أميركيا، وسيحدد ثمن 150 دولارا لبيعها لسائحي الفضاء، كما أن رحلة الفضاء نفسها تكلف 35 مليون دولار وانخفضت بعد ذلك إلى ما يعادل مليون جنيه. وأوضح أن تنفيذ المشروع سيحتاج إلى ما يزيد على مليوني جنيه.

ماذا الآن؟

عماد حمدي قال إن الكثير من الجهات الأجنبية ما زالت تراسله بهدف تنفيذ مشروعه، غير أنه ما زال يرفض تنفيذ المشروع خارج مصر، وهذا مع أنه لاحظ «أن الوضع بعد الثورة ازداد سوءا، إذ قل عدد رجال الأعمال المهتمين بتمويل المشاريع العلمية»، وهذا، بالإضافة إلى وجود الكثير من الالتزامات الخاصة به داخل مصر والتي تتعلق بكونه المدير التأسيسي لـ«سياحة الفضاء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

واختتم عماد حديثه قائلا: «لن أفقد الأمل في تنفيذ المشروع داخل مصر... أملي أن يساعد في جعلها في مصاف الدول المتقدمة ويدر عليها دخلا يفوق أضعاف ما سيجري أنفاقه على تنفيذ المشروع».