تونس: الخيام الصحية ظاهرة جديدة بعد الثورة

تركز في حملاتها التوعوية على الموروث الثقافي الأقرب للناس

احدى الخيام الصحية المنتشرة في تونس («الشرق الأوسط»)
TT

يبلغ عدد مرضى السكري في تونس نحو 800 ألف مريض من بين 12 مليون نسمة، وتعد هذه النسبة مرتفعة نسبيا، مقارنة بالعدد الإجمالي في العالم الذي تقدره منظمة الصحة العالمية بأكثر من 300 مليون نسمة. وقد عرفت الساحة التونسية ظاهرة الخيام التي تقدم الخدمات الصحية مجانا للمواطن، بمبادرات من الجمعيات الخيرية. إضافة لذلك، أقيمت في العاصمة «دار السكري» وهي مكسب مهم للصحة في تونس.

وقال عضو المكتب المحلي للقيروان الجنوبية، العربي الشمنقي لـ«الشرق الأوسط»: «نقوم بهذا النشاط بمناسبة اليوم العالمي لمرض السكري، مساهمة مع المجتمع المدني والمهتمين بهذا المرض في رفع نسبة الوعي الجمعي بالبلاد بأهمية الثقافة الصحية».

وقالت الدكتورة سلوى مالك: «يشارك في الخيمة الصحية أطباء واختصاصيون في مرض السكري، وخبراء تغذية.. نقدم نصائح ونقوم بقياس نسبة السكر، ونوزع مطويات حول أعراض ومضاعفات مرض السكري».

كانت الدكتورة تستخدم مكبرات الصوت عند الحديث مع المرضى أو الرد على أسئلة واستفسارات الصحافيين.

ويجب على الراغبين في قياس نسبة السكري في دمائهم أن يفدوا إلى الخيام الصحية قبل تناولهم الطعام؛ أي وهم صائمون.. «نحن نعلم الناس بأن عليهم مراجعتنا قبل تناول الطعام في الصباح أوفي أي وقت، ونقوم بأخذ عينة من دم الشخص ثم ننقلها إلى المختبر ونقدم له نتائج الكشف».

كثير من المراجعين، اكتشفوا أنهم مرضى بالسكري لأول مرة.. «عدد لا بأس به من المراجعين اكتشفوا اليوم أن هناك نسبة من السكر في دمائهم تزيد وتنقص من حالة إلى أخرى». أما الإقبال، فكان جيدا، حسب الدكتورة سلوى مالك.. «الإقبال كان جيدا وقد استقبلنا حتى الآن (كانت الساعة تسير إلى الثالثة والنصف بعد الظهر) أكثر من 500 حالة».

وأشارت الدكتورة سلوى مالك، إلى أن «كثيرا من المراجعين عادوا أدراجهم من دون أن يجروا الفحوصات اللازمة لأنهم وفدوا إلى الخيمة الصحية بعد تناولهم الطعام». وأعربت عن أملها في تكرار التجربة في المناطق الريفية مستقبلا، لا سيما أن التجربة تشجع على تكرارها.

يصف الدكاترة لمن يكتشف لديه مرض السكري، الدواء الناجع المناسب له، كما يطلب من البعض إجراء مزيد من الفحوصات. ومن الأشياء التي ينصح المصابون بمرض السكري بها عدم الإكثار من تناول «المعجنات كالمعكرونة والسباغيتي والكسكسي، وجميع أنواع الحلويات، أو الامتناع عنها، ويمكن لبعض مرضى السكري تناول كل شيء، ولكن بكميات محدودة جدا مع الإكثار من الخضراوات في الطعام».

تركز الخيام الصحية، في حملاتها التوعية على الموروث الثقافي، لأنه الأقرب والأكثر فاعلية في إقناع الناس، لذلك نجد من اللافتات التي ترفعها الخيام الصحية، الآية الكريمة: «كلوا واشربوا ولا تسرفوا»، وأحاديث مثل: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه». وعن ذلك تقول الدكتورة سلوى: «في ثقافتنا كثير من المفاهيم الصحية التي خسرنا كثيرا بجهلها.. وأكثر من ذلك عدم تفعيلها».

لم يتم حتى الآن اكتشاف دواء يقضي نهائيا على مرض السكري، لكن الأبحاث لا تزال مستمرة، كما تقول الدكتورة سلوى مالك. ومع ذلك، تطورت طرق علاج مرض السكري مثل حقنة الإنسولين، التي أصبحت اليوم تتم بطريقة القلم.

كان على الطاولة حلويات وبسكويت، في حين كانت هناك صورة تحمل صورا لحلويات وقد رسم عليها حرف «إكس» أو خطان متقاطعان تعبيرا عن الدعوة لتجنب الحلويات. وكان ذلك مدعاة لنسأل الأطباء والاختصاصيين عن سر ذلك التناقض، لكن الجواب كان بتقديمهم الحلويات للسائل. وقد اكتشفنا أن تلك الحلويات مصنوعة من القمح وهي خالية من السكر، ومناسبة للمرضى وهي مستساغة جدا.

وقالت الدكتور حبيبة الجوادي اختصاصية التغذية: «إلى جانب الأمراض الوراثية، هناك أسباب لمرض السكري وهي السمنة، ولذلك استشهدنا بالآية الكريمة التي تنهى عن الإسراف في الأكل. وهناك ثلاث خصائص لا بد للمريض التقيد بها؛ وهي: استخدام الدواء بالكيفية التي شرحها الطبيب، وثانيا النظام الغذائي الذي يجب اتباعه وعدم مخالفته أو إهماله، وثالثا لا بد له من ممارسة الرياضة أو نشاط بدني». ونصحت الدكتورة الجوادي الأولياء بعدم ترك الطعام أمام أبنائهم وهم يشاهدون التلفزيون، كما يقللون من نقلهم في السيارات إلى المدارس وتركهم يمارسون رياضة المشي يوميا.. «إن ذلك بمثابة تشجيعهم على السمنة ودعوة مرض السكري ليقيم في أجسامهم.. لا بد من تحديد أوقات للجلوس أمام الكومبيوتر والتلفزة وتشجيعهم على المشي إلى المدارس راجلين».

الدكتور نجم الدين العامري، الذي عاد لتوه للخيمة حاملا نتائج التحاليل، ذكر أن «عدد المصابين في كشف هذا اليوم كان قليلا، وكثير من المصابين يكتشفون لأول مرة إصابتهم بالمرض»، وتابع: «يجب على المرضى القبول بوضعهم الصحي، ومتابعة إرشادات أطبائهم، أما الرياضة، فهو مطلوب ممارستها من قبل الأصحاء، فما بالك بالمرضى، لا سيما مرضى السكري».