تونس: إنتاج الفلفل زراعة واعدة يتهددها الكساد

تكلفة زراعته أكبر بسبب ارتفاع أجور اليد العاملة والاسدة ونقص الأمطار

المزارع حبيب المكني: لم تعد الزراعة مجزية ماديا
TT

تمتد مزارع الفلفل في تونس، والذي عرفه العالم قبل 7500 سنة على مساحة تزيد على 20 ألف هكتار، ويتجاوز إنتاجه الـ500 ألف طن سنويا، منها ما يزيد على 300 ألف طن يتم عجنها في المصانع وخلطها مع البهارات ويطلق عليها في تونس، الهريسة، التي كانت ولا تزال في بعض المناطق تهرس بالمهراس أو المدق وتخلط بالبهارات وتقدم مع زيت الزيتون كمقبل، وتضاف أيضا إلى مأكولات أخرى أو إلى الساندويتشات.

تبدأ زراعة الفلفل في تونس في شهر أبريل (نيسان) من كل عام، ويبدأ جني المحاصيل مرارا وتكرارا أو ما يعرف في تونس باسم البطون بعد شهر وأحيانا شهر ونصف الشهر من زراعته ويتكرر ذلك حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) من كل عام.

وقال المزارع الحبيب المكني لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحت تكلفة زراعة الفلفل أكبر بسبب الأسمدة التي علينا شراؤها، فنقص الأمطار، وما كانت تجلبه الأودية من تربة جديدة مع مياه الأمطار، دفعنا لشراء أسمدة جديدة لم يكن آباؤنا يستخدمونها، وكان بالإمكان زراعة الأرض التي تمر عليها مياه الأودية دون استخدام الأسمدة لمدة 10 سنوات، ومن الأسمدة: المونيتر والبوتاس، والأسيد، وليبوتاس».

تختلف أسعار الفلفل الأخضر، فهي تتراوح ما بين 300 و800 مليم (الدينار ألف مليم) ويرجع ارتفاع الأسعار نسبيا إلى قرب نهاية الموسم، حيث الفلفل الأحمر يوجد في جميع المزارع الموسمية في تونس ويستقر سعره في حدود 550 مليما للكيلو الواحد.

يعتبر المكني العائد الذي يدره محصول الفلفل مجزيا، لكنه اشتكى من كثرة المصاريف التي يتكبدها المزارع والمساحات المزروعة تقل عاما بعد عام لهذه الأسباب، وربما يحصل لزراعة الفلفل كما حصل لزراعة الطماطم، حيث هناك أحجام من قبل المزارعين على تكرار تجارب فاشلة، إذ إن الأسعار لا تكفي والزيادة المقررة من وزارة الفلاحة لم تنشر بعد في الرائد الرسمي.

تغيرت طرق ري الفلفل من السواقي والأحواض إلى الري بالقطرة عبر مواسير تمر بجذوع الفلفل وهذه طريقة مريحة وموفرة للفلاح ولولاها لانقطع الفلاحون عن الزراعة.

وكانت اليد العاملة في مجال جني محصول الفلفل، لا تتلقى أموالا وإنما كميات من الفلفل تتراوح ما بين 10 و20 كيلو، أما اليوم فأجرة العاملة الواحدة لا تقل عن 8 دنانير، على حد قول الحبيب المكني. وفي السابق كان الحرث بالحيوانات وإذا حصل الإنسان على 200 دينار فقط يكون قد وفر حاجته الزراعية والمعيشية لمدة عام كامل، واليوم يحصل الفلاح على 5 ملايين وفي الأخير يجد نفسه مدينا. وضرب مثلا بزراعة الطماطم قائلا: «زرعت هكتارين من الطماطم وحصلت على 16 مليون مليم، منها أكثر من 11 مليونا مصروفات فهل تعد هذا ربحا؟».

ويفضل بعض المزارعين البيع خارج السوق البلدية، وإن كان بأقل سعر، مفضلا تسلم المال فوريا على الانتظار يوم أو يومين، وسبب ذلك إشكالا بين المصانع وأصحاب ما يعرف بالمناشر (مفرد منشر).

يتفنن التونسيون في استخدام الفلفل، سواء كان أخضر أو أحمر، ولا يخلو منه منزل في جميع الفصول، ولا سيما الفلفل الأحمر المسحوق. فمن الفلفل الأخضر تعد الهريسة الخضراء، وهناك مطاعم لهذا الغرض تقدم «الكفتاجي» وهو الفلفل مع البيض والبهارات. ويقدم الفلفل السميك محشيا بالأرز واللحم المفروم، كما يحلو للبعض أكل الفلفل المشوي على الجمر، أو المقلي في الزيت، دون أي بهارات سوى الملح وزيت الزيتون ودون الحاجة إلى دقة في المدق.

وقال الباحث لمجد نصيب: «يختلف مذاق الفلفل من فلفل حار جدا إلى حلو فمتوسط. وقد زاد الإقبال عليه إقليميا ودوليا، وارتفعت نسبة الصادرات منه للخارج، بما في ذلك دول الجوار، ولا سيما الجزائر وليبيا».

أما الدكتور علي صبرة فأشار في لقاء «الشرق الأوسط» معه إلى فوائد الفلفل بقوله: «فوائد كثيرة منها انعكاسها الإيجابي على الدورة الدموية وعملية الهضم، ولا سيما إذا كان الفلفل حارا، فالفلفل ينظم ضغط الدم ويقوي نبضات القلب، ويخفض الكوليسترول في الدم، وينظف جهاز الدورة الدموية، ويخفف من الاحتقان، كما يخفف من التهاب المفاصل والروماتيزم ويمنع انتشار الأوبئة».

ويحتوي الفلفل على الكثير من المواد الغذائية الضرورية لصحة جهاز الدورة الدموية بما في ذلك فيتامين «سي» والأملاح المعدنية كالكبريت والحديد والكالسيوم والماغنسيوم، ويساعد مرضى السكر والبنكرياس، كما أنه يتضمن كميات كبيرة من فيتامين «أ»، والذي يساعد على الشفاء من «القرحة المعدية» وكلما ازداد احمرار الفلفل زادت كمية فيتامين «أ»، فيه، كما أنه يحارب الأمراض السرطانية، ويدفع الخلايا السرطانية في البروستات للانتحار، ويساعد على تخفيف الوزن، وسرعة حرق الدهون بمستوى 30 في المائة، وحرق المزيد من السعرات الحرارية، ويسهم في علاج اضطرابات الجهاز الهضمي ويسهم في الوقاية من السكري، ويخفض خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية ويخفف أعراض الصداع النصفي ويقلل من احتقان الجيوب الأنفية.