تونس: سكان الغابات يبتهجون بقدوم موسم جني الفطر

الموسم يعتبر مصدر دخل للعائلات ويتواصل إلى غاية شهر مارس المقبل

معظم طحالب الفطر تنمو داخل الغابات التي هي ملك الدولة التونسية
TT

تعيش مجموعة كبيرة من عائلات تونسية بين فجوات الغابات الممتدة على مساحات كبرى في الشمال الغربي لتونس وخاصة المنطقة الغربية الممتدة على ولايات (محافظات) باجة وجندوبة وبنزرت والكاف والقصرين. وتشهد تلك المناطق خلال الفترة الممتدة بين شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة وإلى غاية شهر مارس (آذار) حركة ملحوظة تترافق مع موسم جني الفطر (فصيلة من الفطريات يتكاثر في الفجوات الغابية)، إذ مباشرة بعد نزول الكميات الأولى من أمطار الخريف تبرز تلك الكائنات الصغيرة والشهية بين فلول الغابات.

ويسمي التونسيون الفطر باللهجة العامية «الفقاع» وربما لتسميتها علاقة بخروجها المفاجئ من التراب وسرعة اندثارها، ويطلقون على بعض الأنواع السامة منها اسم «فقاع الكلاب» حتى لا يقبل الأطفال الصغار على جنيها واستهلاكها. وتتكاثر تلك المنتوجات الغابية في ظلال أشجار الكلتوس والزان والفرنان وشجيرات الذرو والريحان والكشريد و«الملية» وهي تحبذ الأماكن الرطبة وتنمو في ظلال الأشجار الغابية الكبرى.

حول الموسم الجديد قال عبد الكريم بن الطيب، وهو من سكان إحدى الغابات بالشمال الغربي، لـ«الشرق الأوسط» إن جمع نبتة الفطر توفر فرص عمل بالنسبة لكثير العائلات التي تسعى إلى جمعها وبيعها إما على قارعة الطريق أو توجيهها إلى الأسواق الموسمية أو كذلك تسويقها في بعض النزل السياحية التي ترحب بها كبضاعة مميزة أساسها بيولوجي.

وأضاف أن العائلات تلجأ للفطر خلال أشهر الشتاء الباردة فتوظفه في مجموعة من الأكلات الشعبية من بينها «الشكشوكة» وهي تعطي طعما لذيذا وخاصة لكل وجبة غذائية. كما أن الأطفال الصغار يعرضونها فوق الجمر فيقع شيها ويضاف لها القليل من الملح فتكون عبارة عن وجبة محببة لأبناء تلك العائلات التي قد لا تكون قادرة على شراء هدايا أخرى لأبنائها.

ويوجد في تونس مصنع لمعالجة وتعليب منتجات الفطر وذلك بمنطقة «المريج» في عين دراهم بمحافظة جندوبة بالشمال الغربي التونسي، ولا يمكن حصر الكميات التي تستهلكها العائلات أو توجهها إلى المصنع ولكن خبراء في ميدان الفلاحة يقدرونها بالأطنان عند كل موسم فلاحي.

وتعرض بعض الأراضي للتأجير العمومي لأن معظم طحالب الفطر تنمو داخل الغابات التي هي ملك الدولة التونسية. وتعاني بعض المناطق من قلة الإمكانيات المادية للدخول في مجال عروض الحصول على قسط من تلك المناطق.

وتذكر بعض المصادر المطلعة من منطقة عيد دراهم أن حصة المنطقة المملوكة من قبل وزارة الفلاحة التي تشرف على الغابات تصل إلى مبلغ 50 ألف دينار تونسي (نحو 25 ألف دولار أميركي) وهو مبلغ مرتفع للغاية بالنسبة لتك العائلات. ولا تدوم حياة الطحالب طويلا إذ أنها سرعان ما تذهب بين أرجل الحيوانات أو أفواهها التي تلتهمها بشراهة. ويباع الكيلوغرام من الفطر بنحو خمسة دنانير تونسية (نحو 3.5 دولارات أميركية) لعامة الناس إلا أن الأسعار تتضاعف عند التسويق في النزل السياحية.

ويوجد نوعان من الفطريات في معظم المناطق التونسية أحدها قابل للاستهلاك الآدمي والثاني سام وقاتل وتشن وزارة الصحة العمومية التونسية بتعاون مع وزارة الفلاحة مطلع كل موسم فلاحي حملة توعية صحية بين سكان الغابات وذلك للتحذير من تناول الفطر المسموم وهناك تشابه كبير بين النوعين مما يتسبب سنويا في كثير من الإصابات. ولا يمكن لمن ليست له الدراية الكافية بعالم الفطريات أن يفرق بين النوعين.