تربية الأرانب في تونس.. مشاريع بسيطة واهتمام ضئيل

لحومها أفضل رد على غلاء الأسعار

TT

الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة العربية بالإضافة إلى الأجواء السياسية غير المستقرة، دفعت بكثيرين للبحث عن حلول محلية ووطنية لتلبية قوت ولقمة العيش اليومية للإنسان العادي.

وفي تونس، تعالت أصوات الخبراء إلى تسليط الضوء على تربية الأرانب باعتبارها من المشاريع التجارية البسيطة التي قد تكفي مدخولها العائلة التونسية مما ينعكس بالضرورة على الوضع الاقتصادي للبلاد ككل.. ثم إن الأرقام تشير حاليا إلى وجود نحو 80 ألف أرنب أنثى ولادة تربى في المحاضن العصرية، ونحو 110 آلاف أم ولادة تربى في المحاضن التقليدية. أضف إلى ذلك أن طبيعة تونس الجغرافية والمناخية قادرة على تربية الأرانب وتحول هذه الأرقام الراهنة إلى أرقام بالملايين بشرط تطوير الوسائل التقليدية.

وحسب الخبراء، فإن عزوف التونسيين عن تربية الأرانب وتقلص اهتماماتهم بالزراعة بشكل يهدد أمن بلدهم الغذائي يعودان إلى قلة العوائد، وتواضع مستوى الإلمام بالطرق الحديثة في تنمية المزارع، ناهيك عن غياب استراتيجية عريضة للنهوض بالقطاع الفلاحي (الزراعي) في كل المجالات، بما في ذلك تربية الأرانب.

والواقع أن المشهد عند المواطن التونسي مختلف تماما عن وجهة نظر الخبراء.. فهنا أروى، وهي ابنة 22 ربيعا، وقد تلقت أرنبا أنثى هدية من زوج أختها الذي يملك مزرعة أرانب على الطريقة التقليدية. وها هي وضعتها في بيت مشترك مع جار لها لتربية الأرانب. وكل ما تفعله تجاهها لا يزيد على وضع بقايا خضار ثم تعود أدراجها إلى بيت أسرتها المجاور من دون أن تكلف نفسها عناء ما يتولاه الجار، واسمه منصور، على صعيد تنظيف أقفاص الأرانب والاهتمام بكبارها وصغارها، وإضافة بعض الخرانق (صغار الأرانب) لبعض الأمهات المرضعات، ومحاولاته إقناعها بقبولها، وكذلك إعادة الذكور إلى أقفاصها بعد عمليات التلقيح سواء كان التلقيح البيولوجي من أجل التناسل أو التلقيح البيطري.

أروى قالت لـ«الشرق الأوسط» عندما التقيناها «أنا لا أومن بالطرق الجديدة في تربية الأرانب، أو ما يعرف بالطريقة (العصرية)، فهي تأخذ الكثير من الوقت من دون فائدة. لقد كان لدينا المئات من الأرانب تعيش في مطامير (جمع مطمورة، وهي حفرة بسعة متر ونصف المتر وعمق نحو المتر أو أكثر وفي جنباتها تعيش الأرانب وتضع خرانيقها).. وكانت تخرج من المطامير عن طريق الحفر وتحدث منافذ لها، كما كانت تقتات بنفسها وأحيانا نضع لها بعض الطعام سواء كان الخضار كالجزر أو الجاف كالخبز وما شابه».

وهنا دخل منصور، جار أروى، الذي لا يؤمن بالطريقة التقليدية في تربية الأرانب، مدعما حجته بعدد من الأسباب، قائلا «الأرانب تأكل لحاء الزيتون، وتفسد المزروعات أحيانا، لا سيما إذا كانت سائبة. وقد تهرب من المزرعة.. وقد تأكلها الكلاب أو يصطادها البعض على الرغم من معرفتهم بمن يملكها». ومن ثم نفى منصور أن تكون لديه أهداف تجارية من تربية الأرانب «نظرا لما تحتاجه من عناية فائقة»، وأكد أنها «ما هي إلا هواية ومحاولة لتوفير حاجة عائلتي من الغذاء».

ولدى العودة إلى آراء الخبراء، تحدث الخبير الفلاحي عبد المجيد العزعوزي إلى «الشرق الأوسط» عن تربية الأرانب وفوائدها، حيث أوضح أنه «على الرغم من صغر حجم الأرانب فإن لديها قدرة عجيبة على التكاثر، وهي تعتبر مصدرا مهما للحوم الصحية الخالية من الكولسترول، ذلك أن نسبة الدهون في لحوم الأرانب قليلة جدا تكاد لا تذكر. وكل 28 يوما أو شهر تلد الأرانب وتتكاثر باستمرار، وهذا بالإضافة إلى الأرانب البرية التي يتمتع لحمها بجودة وأهمية صحية لا تضاهى».

وبحسب ما شرحه لنا العزعوزي، فإن عملية تربية الأرانب في الأقفاص، وخاصة مع زيادة عددها وحجمها، تحتاج إلى عناية صحية وغذائية وبيطرية كبيرة. ولكن في المقابل، ومع حاجة الأرانب للاهتمام المستمر فإنها تتمتع بخاصية فريدة وهي قلة تكلفة غذائها مقارنة بالأبقار أو الأغنام. وبين أن الأرنب الأنثى البالغة تقدم 8 ولادات وحتى 12 ولادة (بطن) في السنة، أي ما بين 80 و100 أرنب في العام. وإذا كان وزن الأرنب كيلوغرامين اثنين، فالأرنب الأنثى الولادة الواحدة تعطي في السنة بين 160 و200 كيلوغرام من اللحم، وهذا له مردود على مستوى الإنتاج وعلى مستوى العائد المادي، إذ يبلغ سعر الأرانب المعدة للغذاء وحتى التربية بين 15 و20 دينارا تونسيا (بين 7.5 و10 يوروات).

إلى ذلك، دعا العزعوزي إلى تربية الأرانب بطرق علمية ثابتة، بعيدا عن العشوائية، للتغلب على الحالات المرضية التي تصيب هذه الحيوانات في ظل غياب معرفة بطرق التعامل معها والتعاطي مع أساليب تربيتها بشكل علمي. وأشار إلى غلاء أسعار اللحوم الحمراء ولا سيما لحوم الخرفان التي وصل سعر الكيلوغرام الواحد في تونس إلى ما بين 18 و20 دينارا.

واختتم الخبير الفلاحي حديثه، ناصحا، إذ قال «تحتاج تربية الأرانب إلى نسبة رطوبة معينة، وقدر من التهوية، ولا تتحمل درجات حرارة مرتفعة»، متابعا أنه «لا بد من احترام قواعد تربية الأرانب، فدرجة الحرارة يجب ألا تزيد على 25 درجة مئوية، ولا بد من توفر المتطلبات البيولوجية للأرانب، وتوفير المعدات اللازمة، ولا ننسى أهمية النظافة».