هاوٍ لبناني يجمع أكثر من 10 آلاف توقيع ويحتل المركز الثاني في العالم

الصدفة والنقاش الحاد مع زوجته جعلاه ينجح في كسب التحدي

فادي الديري... مع جزء من مجموعته («الشرق الأوسط»)
TT

تواصل فادي الديري، الهاوي والجامع اللبناني، مع المشاهير أشعره بأنه لا يوجد مستحيل، ولا فرق بين المواطن العادي والرئيس، أما دائرة أصدقائه الذين يتواصل معهم فهم كتاب ورسامون وموسيقيون وملكات الجمال ورياضيون ونجوم مسرح وسينما، بل وحتى من رواد الفضاء! على مدى أربع سنوات تقريبا، استطاع فادي الديري بناء شبكة علاقات مع مشاهير العالم ونجح في جمع ما يقارب 10 آلاف توقيع موزعة ما بين صور وكتب ولوحات ومخطوطات ورسائل. ومن دون أن يدري أو يخطط مسبقا، أدخله هذا العدد من التواقيع في سباق عالمي، فبات اليوم صاحب ثاني أكبر مجموعة تواقيع في العالم.

«الشرق الأوسط» التقت مؤخرا الديري وأجرت حوارا معه عن هوايته وكيف بدأها، فقال مستهلا شرحه: «بدأت هواية جمع تواقيع الرؤساء والمشاهير مصادفة، ففي إحدى المرات دخلت في نقاش حاد مع زوجتي، وهددتها بأنني سأشكوها إلى الرئيس الفرنسي (السابق) نيكولا ساركوزي، فتحدتني مشككة بجرأتي على فعل ذلك». وأضاف: «لم أعرف حينذاك لماذا وقع اختياري على ساركوزي بالذات، لكنني كنت مصمما على مراسلته وشغوفا بالتواصل معه بشتى الوسائل».

وحقا، لم يتلكأ الديري في تنفيذ مراده. وعن طريق شبكة الإنترنت راح يبحث عبره عن منفذ أو عنوان يتواصل من خلاله مع الرئيس الفرنسي السابق، وهو في خضم البحث تراجع عن قراره بشأن الشكوى، لا سيما عندما وجد موقع ساركوزي الرسمي، وعوضا عن ذلك أرسل إليه رسالة إعجاب وتقدير وطلب منه أن يرسل إليه صورة موقعة.

وتابع الديري كلامه، قائلا: «... عند هذا الحد بالنسبة لي انتهى الموضوع، ولم أكن أتوقع أن يصلني الرد بتاتا، لكن بعد أسبوعين، اتصلت بي زوجتي وأنا في العمل، وأخبرتني أنها تسلمت رسالة باسمي موقعة من الرئيس الفرنسي».

في تلك اللحظة، للوهلة الأولى، لم يصدق الديري كلام زوجته ظنا منه أنها تمازحه أو تتهكم عليه، إلا أنه عندما عاد إلى المنزل وفتح المغلف وجد بداخله صورة لساركوزي موقعة، بالإضافة إلى رسالة شكر على اهتمامه.

ومن ثم كانت هذه المفاجأة التي أفرحت الديري كثيرا، نقطة تحول في حياته، إذ شجعته على مراسلة رؤساء آخرين غير الرئيس الفرنسي، وراح يسأل: «لم لا؟.. ما دام الأمر بهذه السهولة؟». وبالفعل، توجه بالرسالة الثانية إلى رئيس مالطة، ولما أتى الرد قرر الديري التواصل مع جميع رؤساء دول العالم.

الهدف من متابعة هذه الهواية، كما أوضح فادي الديري: «هو أنني أحب عرض صور الرؤساء في بيتي لأقول للناس إن هؤلاء من أصدقائي، وأنا على تواصل دائم معهم».

إلى ذلك، قاد البحث عن مواقع رؤساء جمهوريات العالم وقادتها، الديري إلى مواقع مشاهير الكتاب والفنانين والأدباء والرياضيين والممثلين، ما دفعه إلى التوسع برسائله ومراسلة هؤلاء أيضا. وهنا علق بالقول: «إن البحث على الإنترنت والتواصل مع المشاهير أمر في غاية المتعة. تواصلي مع أشخاص كنت أسمع عنهم عبر الإعلام فقط أشعرني بأن لا شيء مستحيل».

وفي جديد التواقيع التي يفتخر بها الديري، انضم إلى مجموعته منذ فترة قصيرة توقيعان من رئيس وزراء سلوفينيا و«السيدة الأولى» في لاتفيا، ليلحقا بمجموعة ضخمة تضم تواقيع أمثال جورج بوش وبيل كلينتون ومحمد علي (كلاي) ودولوريس فرانش وإليزابيث بلاكبورن وجوليا لوبلان ومايكل دي وولف وجون كيري.

هواية الديري، الذي يعمل في شركة أمن، في جمع التواقيع والتواصل مع مشاهير العالم، جعلته يفرغ من وقته ثلاث ساعات كل ليلة لإرسال ما يقارب 60 رسالة، كما جعلته يتسلم يوميا ما بين 10 إلى 20 رسالة، حتى نشأت بينه وبين سعاة البريد صداقة، فحفظوا عنوان منزله، وهم يتواصلون معه يوميا للتنسيق بشأن الرسائل.

من ناحية ثانية، قبل نحو عام، بدأ الديري بتجميع التواقيع القديمة أيضا، وقد حالفه الحظ في الحصول على مجموعة مهمة، أبرزها ثلاث رسائل بخط يد الفنان فريد الأطرش، ورسالة موقعة من الرئيس جمال عبد الناصر، وأخرى بيد الرئيس لوي فيليب، وتواقيع لرؤساء جمهورية لبنان السابقين أمثال كميل شمعون وشارل حلو وفؤاد شهاب.

وخلال اللقاء، شاركنا الديري عتبه على رئيس جمهورية بلده، العماد مشال سليمان، فقال إنه على الرغم من حصوله على 300 توقيع من رؤساء دول العالم الحاليين والسابقين «تبقى الغصة في القلب» لأنه لم يوفق بالحصول على توقيع الرئيس سليمان، مع العلم أنه أرسل إليه ما يقارب عشرين رسالة من دون أن يتسلم سوى الوعود! أمر آخر لافت، هو أنه منذ انطلاق فادي الديري مع هواية جمع التواقيع، كان للعائلة والأصحاب والأهل والمعارف دور في تغذية مجموعته. وحاليا وبشكل رسمي، يساعد الديري في مهمته ابنه إلياس البالغ 14 سنة، وهو «ساعده الأيمن» وفق وصفه، إذ يبحث معه، ويرسل الرسائل، كما ينظم ويؤرشف الصور والتواقيع الواردة.

على صعيد آخر، كشف الديري أنه على تواصل شبه دائم مع الشاب الهندي الذي يقتني أكبر مجموعة تواقيع في العالم، إذ تبلغ 16 ألف توقيع، جمعها خلال عشرين سنة، وذكر أنهما يتبادلان المعلومات وحتى التواقيع.

في ختام حوارنا مع فادي الديري، أوضح لنا أنه لا يفكر في تنظيم معرض لمقتنياته نظرا لضعف إمكاناته في هذا المجال، لكنه يفكر حقا في تخصيص مكان لها في بيته لأن الصناديق والخزائن ما عادت كافية لاحتوائها.