تونس: 120 حرفيا في معرض للزربية والمنسوجات التقليدية

الزربية التقليدية والمرقوم والكليم ومنسوجات جنوب البلاد تستعيد أنفاسها

قطاع النسيج اليدوي يشغل قرابة 11 ألف حرفي وهو يستحوذ على نحو 70 في المائة من النشاط الحرفي ويستقطب على وجه الخصوص الزربية والنسيج المحفوف وينتشر في أكثر من 19 ولاية
TT

تحظى خلال هذه الفترة بالذات أنشطة النسيج اليدوي بمختلف أحجامها وأنواعها وألوانها بدورة هي الأولى من نوعها في تاريخ القطاع، وتشهد عرض الزربية والمرقوم والكليم ومنسوجات الجنوب التونسي والأغطية التي نسجتها أيادي الحرفيين. هذه الدورة الأولى لمعرض الزربية والمنسوجات اليدوية تحتضنها قصر المعارض بالكرم الواقع في الضاحية الشمالية للعاصمة ويتزامن مع عطلة الشتاء لمختلف المستويات التعليمية في تونس، بما يجعل التنقل واكتشاف المخزون التراثي التونسي المعتمد على الصناعة اليدوية أمرا ممكنا أمام معظم العائلات التونسية.

المعرض الأول للزربية والمنسوجات التقليدية انطلق يوم 14ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويتواصل حتى يوم 23 من نفس الشهر، وهو يعرض الأغطية ومختلف الأقمشة والألياف المحاكة يدويا ومفروشات البيت وهو من تنظيم الديوان التونسي للصناعات التقليدية بهدف دعم صغار الحرفيين وإدماج منسوجاتهم اليدوية من زربية ومنتجات يدوية ومفروشات في تأثيث البيت وضمان التزويق والديكور التقليدي المميز.

حول هذا المعرض قالت رجاء العيادي المكلفة بالإعلام في ديوان الصناعات التقليدية (هيكل حكومي) إن قطاع النسيج اليدوي يشغل قرابة 11 ألف حرفي وهو يستحوذ على نحو 70 في المائة من النشاط الحرفي وهو يستقطب على وجه الخصوص الزربية والنسيج المحفوف وينتشر في أكثر من 19 ولاية - محافظة - تونسية.

وأضافت العيادي في حديثها مع «الشرق الأوسط» أن بعض مدن تونس معروفة بصناعة يدوية تميزها على غرار الزربية القيروانية ومشطية جبنيانة (صفاقس) ومرقوم وذرف (قابس) والجم (المهدية) وسيدي بوزيد، إلى جانب المعلقات الحائطية بقفصة (جنوب غربي تونس) و«كليم أولاد سعد» وهي كلها تبرز التنوع الكبير وهامش التزويق والتأثيث الذي تحظى به العائلة التونسية وغيرها من زائري المعرض في ضمان أفضل فرض الجمال والإبداع في منازلنا.

واعتبرت العيادي أن المعرض يفتح فرص تسويق مهمة أمام صغار الحرفيين وقد مكنهم من أسعار ميسرة في أجنحة المعرض مع تكفله بالدعاية والإشهار وتنفيذ ورشات حية داخل المعرض لنشر ثقافة النسيج اليدوي بين الأجيال الناشئة.

أكثر من 120 حرفيا تونسيا يعرضون نتائج لمساتهم في المعرض الأول للزربية والمنسوجات التقليدية وهم بذلك يحيون طاقات إبداعية كامنة لدى الكثير من الأسر التونسية إذ إن الحرف اليدوية هي أنشطة نسائية بامتياز. وعلى الرغم من الصعوبات التي عرفتها تلك الصناعات بعد الثورة اعتبارا لتراجع إعداد السياح المقبلين على تونس، فإن لفتة مهمة قد عرفتها العائلة التونسية التي اكتشفت من جديد جانبا مهما من موروثها الثقافي.

وفي هذا السياق يقول الأسعد الماجري (30سنة متزوج حديثا) الذي وجدناه يقلي بعض الأقمشة المزركشة بعناية، إنه يفضل تأثيث البيت التونسي بأثاث تقليدي تبذل فيه الحرفيات الكثير من الجهد وغالبا ما تكون قطعه النهائية مختلفة بعضها عن بعض. ويضيف في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن الحرفية التونسية وربما في بقية العالم تصنع القطعة وتعمل على عدم إعادة نفس الرسوم في القطعة الموالية لذلك نحن نقتني قطعة إبداعية مميزة بألوانها وأشكالها وقياساتها.

وينصح الماجري الزائرين لمعرض الزربية والمنسوجات التقليدية أن يتمعنوا جيدا في البضاعة وأن لا يعتبروها باهظة الثمن فعمرها الافتراضي أطول بكثير من المنتجات الاستهلاكية الأخرى المقبلة من بلدان تصنعها دون مبالاة ودون أذواق مميزة.

وتبدي الجازية الظريفي (حرفية من الهواة) تخوفا مبررا من مستقبل الصناعات الحرفية وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن الأجيال الناشئة لا تعتني كثيرا بمخزون تونس التراثي في ميدان النسيج. وتؤكد أن مثل تلك الأنشطة غالبا ما يقع تمريرها من الأم إلى البنت وهذه الحلقة العائلية بدأت تتراجع لانشغال أفراد العائلة بمسائل أخرى غير النسيج اليدوي ولتوفر منتجات استهلاكية منافسة وبأقل الأسعار.