«ابتسم».. حملة يطلقها نشطاء لإعادة البهجة للمصريين

أعضاؤها يوزعون الشيكولاته والبالونات على المارة

مصرية في حملة «ابتسم» ترسم البهجة والبسمة على وجه طفلة («الشرق الأوسط»)
TT

نتيجة للأحداث السياسية الأخيرة التي مرت بها منطقة مصر الجديدة (شرق القاهرة) التي يقع فيها قصر «الاتحادية» الرئاسي، الذي شهد اشتباكات دامية وقعت بين مؤيدي الرئيس المصري محمد مرسي ومعارضيه قبل أسبوعين، وأدت لإصابة سكان الحي الهادئ بحالة غير مسبوقة من الخوف والكآبة الشديدة، قام مجموعة من الشبان بمحاولة لإدخال البهجة لقلوب المصريين عامة، وسكان مصر الجديدة خاصة، عن طريق حملة بعنوان «ابتسم».

ففي شارع الكوربة، المجاور للقصر الرئاسي، يمكن لزائره هذه الأيام أن يشاهد مجموعة من الشباب يقفون بوجوه مبتسمة بشوشة، ويقومون بتوزيع البالونات وقطع الشيكولاته على من يمر بالشارع، كما قاموا بالرسم على وجوه الأطفال، محاولين بذلك إبهاج المارة ومواجهة الظروف الحالية بالابتسامة.

صاحب الفكرة، الشاب مصطفى محمد (23 عاما)، تحدث لـ«لشرق الأوسط» عن الحملة قائلا: «الحملة جزء من حملات فريقنا (يلا نبتدي)، الذي قمت أنا وأصدقائي بتأسيسه بعد الثورة كمحاولة منا للبدء بأنفسنا للإسهام في إصلاح بعض السلبيات بمجتمعنا. وفي الفترة الأخيرة واجه المصريون أجواء من الحزن والكآبة والهلع من الأحداث السياسية المتوترة والاشتباكات التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وقد بدأت ألاحظ أن وجوه الأشخاص أصبحت مليئة بالحزن والارتياب والخوف من المستقبل، ومن ثم فكرنا في طريقة نحاول بها القضاء على هذا الحزن والمساهمة ولو بنسبة بسيطة في إدخال المرح والبهجة إلى قلوب المصريين، ومن هنا جاءتنا فكرة حملة (ابتسم)».

ويشير محمد إلى أن قرارهم بإقامة فعاليات الحملة بمنطقة الكوربة لأن هذه المنطقة معروف عنها أنها منطقة مرح وبهجة، حيث كان يقام بها بشكل دائم المهرجانات المعروفة باسم (مهرجانات الكوربة)، والتي كانت الحشود من سكان مصر الجديدة وغيرها من مناطق العاصمة المصرية، تتوافد إليها دائما للترفيه والرسم على الإسفلت والغناء وارتداء الملابس التنكرية واللعب بالألوان والبالونات وغيرها من الألعاب الترفيهية، إلا أن هذه المنطقة تحولت في الفترة الأخيرة إلى منطقة يسودها الهلع والكآبة.

أما اسم الحملة (ابتسم) فيمكن ملاحظته مع ما يستخدمه أعضاؤها من شعارات كثيرة قاموا بكتابتها على الملصقات والكتيبات التي قاموا بتوزيعها على المارة مثل «ابتسم دي الابتسامة ببلاش»، و«ابتسم دا المستقبل قدامك»، و«ابتسم دي الابتسامة صدقة»، و«ابتسم دي الابتسامة بتحرك 17 عضلة من الوجه»، و«الابتسامة تفتح الأبواب المغلقة».

واجهت الحملة كثيرا من الصعوبات، من ضمنها عدم وجود مموّل للحملة، حيث أكد أعضاء فريق «يلا نبتدي» أنهم لا يتبعون أي مؤسسة أو حزب سياسي ويقومون بتحمل تكاليف حملاتهم بالكامل من أموالهم الشخصية، كما أنهم واجهوا بعض السخرية وأيضا التجاهل من بعض المارة بالشوارع. كما ألقى البعض الآخر الملصقات الخاصة بالحملة على الأرض، إلا أنه على الرغم من ذلك لم ييأس أعضاء الحملة الذين قالوا: «إحنا شباب بيجمعنا هدف واحد وهو إننا نغير نفسنا ونغير اللي حولنا ونغير بلدنا للأحسن ونخليها رقم واحد في العالم رغم كل الإحباطات اللي بتقابلنا».

ورغم تعرضها لكثير من السخرية والاستهزاء، فإن حملة «ابتسم» لاقت إعجاب كثير من المارة، وقال أحمد طارق (40 عاما)، الذي كان يمسك بيد ابنته ذات الخمس سنوات التي قام أعضاء الحملة بالتلوين على وجهها، لـ«الشرق الأوسط»: «سعدت جدا بهؤلاء الشباب وبإيجابيتهم وإصرارهم على الإصلاح ولو بشكل بسيط، فنحن في حاجه ماسة للأمل والابتسام في ظل هذا الجو السياسي المليء بالارتياب والقلق، وأتمنى أن تتخذهم ابنتي الصغيرة قدوة لها في إيجابيتهم الشديدة».

أما دعاء نادي (25 عاما)، فقالت إنها شديدة الإعجاب بهذه الحملة وبمجهود أعضائها في محاولة تغيير السلبيات، لذا فقد قررت الانضمام لفريق «يلا نبتدي»، والمساهمة معهم في حملاتهم القادمة.

شباب الحملة لم يكتفوا بتوزيع الملصقات والكتيبات الصغيرة التي تتحدث عن طرق الفرحة وفوائد الابتسام على صحة الأفراد، بل قاموا أيضا بتوزيع استمارات إبداء رأي على المارة لاستطلاع آرائهم عن أهم المشكلات التي تواجهها مصر الآن ليحددوا على أساسها موضوع حملتهم القادمة.

يذكر أن حملة «ابتسم» ليست الحملة الأولى لفريق «يلا نبتدي»، حيث إنهم سبق أن قاموا بحملة تحت اسم «بهدومك القديمة تقدر تفرحهم» التي قاموا فيها بتجميع الملابس المستعملة وتوزيعها على المحتاجين، وحملة «احميهم من برد الشتاء» والتي قاموا فيها بتجميع 400 بطانية لصالح المعهد القومي للأورام بمصر.