تونس: مدينة العلوم.. سياحة في تاريخ الحياة

تقيم دورات تدريبية ومجهزة بأحدث الوسائل السمعية والبصرية

العجلة أو الناعورة
TT

لو فكر العالم في اختصار سنوات الدراسة لا سيما مراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية، لما وجد أفضل من مدن العلوم التي يوجد منها الكثير، ومنها مدينة العلوم في تونس، تقع في شارع مفجر الثورة التونسية محمد البوعزيزي، وتأسست سنة 1992 على أنقاض معلم عريق وهو فسقية عبد الله بن أبي زكريا الحفصي. وكانت قد أقيمت في بستان أبي فهر، وجلب إليها الماء من عيون زغوان فكانت منشأة مائية عظيمة، احتضنت مدينة العلوم وحافظت على سمتها حتى اليوم.

وقد شهدت مدينة العلوم تطورات مختلفة في 2007 و2012 وتهدف حسب ما هو موجود في التعريف الخاص بها في نشر الثقافة العلمية وإيقاظ تطلعات المواطنين الفكرية وفهم العالم الذي يعيشون فيه واستيعاب التكنولوجيات الحديثة، وغرس حب العلم في نفوس الناشئة.

الشرق الأوسط، زارت مدينة العلوم في تونس العاصمة، واطلعت على القبة الفلكية المزودة بنظام رقمي عالي الجودة يعتمد التقنية الحديثة لبث عروض تهتم بتاريخ الكون ونشأته والتطور الذي عرفه والحقائق حول الكواكب والنجوم بأسلوب يستوعبه الجمهور من مختلف الدرجات العلمية والعمرية.

وبمدينة العلوم معارض في الهواء الطلق، منها مسمار أرخميس، وهو آلة لرفع المياه باعتماد نظام يقوم أساسا على المسمار، وهي ترفع الماء من الحوض المائي الموجود على سطح الأرض إلى القناة المائية المصنوعة من البلور.

وتوجد الساعة الشمسية، التي تعتبر من أقدم الأجهزة لقياس الزمن ويعتمد استعمالها على تنقل ظل الميل الناجم عن الحركة الظاهرة للشمس، وكذلك الساعة المائية، التي عرفها المصريون القدامى واليونانيون وهنود القارة الأميركية وهي أداة لقياس الزمن بالاعتماد على عنصر الماء وتتكون من جسمين أحدهما لامرأة والثاني لرجل يسجل ذراع الأول الدقائق ويشير الثاني لمرور الساعات.

مؤشر فوكو، الذي ابتكره ليون فوكو في القرن 19 ليثبت بها دوران الأرض حول محورها والعجلة، أو ما يطلق عليه في تونس الناعورة، هي عجلة خشبية قطرها 23 مترا مثبتة على محيطها وترفع المياه من الحوض الموجود أسفلها، وهي تجسد قدرة الأوائل على الابتكار واستخدام الطبيعة.

وقالت هالة التومي المرشدة العلمية لـ«الشرق الأوسط» نقدم للزائر معلومات وافية عن الحياة على وجه الأرض وفي البحر والتنوع البيئي سواء في مجال النبات أو الكائنات الحية وتابعت: «نعرض أيضا تاريخ الحياة والكائنات التي انقرضت مثل الديناصورات منذ 65 مليون سنة».

لقد كانت الزيارة جولة علمية شملت علم الفلك وتحديد موقع الأرض من المجموعة الشمسية وخصائص جيولوجية الأرض، وموقع المجموعة الشمسية. ويتنقل المرشدون العلميون الزائر من الكيمياء إلى البيولوجيا خاصة الفيزياء.

ويشرح المرشد العلمي أمين دخيلي لنا تاريخ الإنسان «الجنس البشري مختلف تماما عن بقية الكائنات على وجه الأرض وله مقوماته الخاصة التي يتميز بها عن غيره، وهي العقل وهي ميزة لا يشاركه فيها أي كائن آخر، فهو لديه قدرة على التفكير، كما أنه الوحيد من باقي الكائنات الذي يخضع لعملية نمو تحتاج لعناية خاصة سواء في النطق أو المشي أو كسب قوته بنفسه، وهذا ينفي نظرية التطور عند داروين» ويحل نظرية الدجاجة والبيضة، البيضة وحدها لا يمكن أن تنتج دجاجة، والدجاجة وحدها لا يمكن أن تنتج فراخا من دون ديك، وهكذا نجد أنفسنا أمام حقيقة علمية، وهي أننا خلقنا أزواجا والتطور يحصل في الشكل والأحجام، ولكنه لا ينقل النوع لنوع آخر.

توفر مدينة العلوم الإنترنت بالمجان، كما تقيم دورات تدريبية بأسعار رمزية، وقاعة محاضرات مجهزة بأحدث الوسائل السمعية والبصرية وتعمل المكتبة المعلوماتية حسب فهرس إلكتروني ييسر البحث، ولها موارد إلكترونية يحتوي مجلات علمية ومقالات متخصصة وتوفر المكتبة المعلوماتية لروادها أكثر من 13500 كتاب ومجلة ونحو 1500 قرص مدمج يمكن الاطلاع عليها على عين المكان. وتشرح نجوى بيي مرشدة فضاء الاكتشافات للزوار، ظاهرة القوس، وانعكاسات الأجسام، والخدع البصرية العلمية، وتاريخ الطيران.

لا تحتوي مدينة العلوم على الإنجازات العلمية التاريخية فحسب، بل تهتم بعلم الفلك بطرق علمية من خلال رحلات افتراضية إلى النظام الشمسي والكون بصفة عامة، طولها 4.5 مليار سنة.

يرى الزائر تفاصيل الكواكب والنجوم ويكتشف الأحزمة الكوكبية والسحب النجمية بل حتى مدار نبتون، وهي أجسام كبيرة تصحبها أقمار لم يكشف اللثام عن حقيقتها بعد.

وقال أمين دخيلي «ننظم زيارات مؤطرة للمجموعات ولمسنا زيادة في الإقبال سنة 2012 لا سيما بعد تدشين القبة الفلكية وتزويدها بنظام رقمي حديث»، وعما تختلف فيه المعلومات المقدمة عن الدراسة النظامية أوضح أن «الدراسة النظامية مقيدة بمحاور أما نحن فنبسط المعلومة العلمية، وفي تفسيري أراعي الجميع» وأعرب عن أمله في أن يستفيد الزوار من مدينة العلوم نحن في الخدمة نقوم بواجبنا، ونحن نشرك الزوار في ممارسة الأنشطة العلمية، نحن نفسر في علم منقول معلومات ننشرها وإذا حدثت اكتشافات جديدة نضيفها كمعطى جديد لفضاء الحياة والإنسان.