أفضل مكان للولادة.. دول الشمال تسيطر عالميا والإمارات عربيا

الجنسية التايوانية أفضل من الأميركية.. والأسوأ: أنغولا وكازاخستان وسوريا

TT

إذا نظرت إلى العالم اليوم وكان بمقدورك أن تختار جنسيتك، فهناك على الأقل خمسة عشر خيارا أفضل من أن تولد أميركيا، بحسب دراسة أجرتها وحدة استخبارات اقتصادية. أجرت الشركة دراسة على 80 دولة وسجلت نقاطا على 11 متغيرا، لتحديد أي الدول التي ستقدم أفضل الفرص في مجال الصحة والأمن والرفاهية في السنوات المقبلة، وتوضح الصورة المدهش وغير المدهش.

اعتمدت الدراسة على بيانات كمية مثل الفرص الاقتصادية والمعايير الصحية والحريات السياسية والدراسات الاستقصائية لجودة الحياة والتوقعات الاقتصادية لعام 2030، عندما يولد الطفل اليوم سيكون قد دخل في طور البلوغ. كما وضعت المساواة بين الجنسين والأمن الوظيفي (كما تقيسها إحصاءات البطالة) ومعدلات جرائم العنف والمناخ في الحسبان. وهذا بعض ما وجدته مثيرا للاهتمام بشأن البيانات. هناك المزيد بكل تأكيد - بقدر كثير من الفجوات التي ينبغي صنعها في أي محاولة لفهم الحياة والفرصة في 11 متغيرا فقط. وهناك في الدراسة علاقة واضحة بين الثروة، التي تقاس وفق نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والسعادة على الرغم من أن ذلك ليس واضحا بشكل تقريبي كما قد يظن البعض. وخلص التقرير من النتائج إلى أن «الناتج المحلي للفرد وحده يفسر ما يقرب من ثلثي التباين بين البلدان في الرضا عن الحياة والعلاقة المتوقعة»، لكنه لا يمثل سوى «ثلثين فقط». وإذا نظرت إلى الخريطة، فسوف ترى أن أغنى دول العالم حققت درجات عالية، لكنها لم تحتل مراتب ضمن الفئة الأولى. فقد نالت الولايات المتحدة وألمانيا، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، المركز السادس عشر فيما تراجعت اليابان إلى المركز الخامس والعشرين، وكانت بريطانيا وفرنسا في مراكز أسوأ.

ويعرض الشرق الأوسط دروسا رائعة بشأن المال والرفاهية، فقد حققت المنطقة درجات ضعيفة على الأغلب، باستثناءين فقط، حيث جاءت إسرائيل، التي يماثل فيها دخل الفرد العادي متوسط دخل الفرد في الاتحاد الأوروبي، في المرتبة العشرين، في الوقت الذي جاءت فيه الإمارات الدولة النفطية في المرتبة الثامنة عشرة ولكن الأفضل عربيا.

نعم، إنه تصنيف دولي آخر لرفاهية الأفراد، حيث تحتل دول الشمال قمة الترتيب إلى جانب آيرلندا وأستراليا ونيوزيلاندا وكندا. وشملت المراكز الـ15 النمسا وسويسرا التي يبدو أنها استوفت معايير مماثلة. وكانت أفضل ثلاثة أماكن يمكن أن يولد فيها شخص هي سويسرا وأستراليا والنرويج.

هنا مفاجأة، وهي أن الدول التي تتربع على قمة التصنيف تشمل دولتين آسيويتين هما هونغ كونغ وسنغافورة، إضافة إلى تايوان. وأعترف أنني شعرت بالمفاجأة من البيانات التي أشارت إلى أن الأفضل للمولود الجديد أن يحمل الجنسية التايوانية أفضل من الجنسية الأميركية أو الألمانية، خاصة أن كبار السن التايوانيين، وتراجع أعداد المواليد قد يؤدي إلى تراجع الاقتصاد. لكن تايوان تتمتع بحريات سياسية جيدة وتحسن معايير الصحة والمعيشة.

هناك بعض التباين المثير للدهشة بين الدول التي حصلت على المراتب الأولى، فقد حصلت نيوزيلاندا على المرتبة السابعة في الترتيب النهائي على الرغم من انخفاض نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بكثير من الدول الأوروبية التي تراجعت في الترتيب النهائي.. سنغافورة، رغم حصولها على المرتبة السادسة، ليست ديمقراطية ليبرالية، والرضا عن الحياة في مدينة تنافسية للغاية منخفض نسبيا، لكنها دولة ثرية.

لا يزال الأفضل موجودا في الغرب

* على الرغم من النمو المثير للإعجاب في آسيا والتراجع الاقتصادي في أوروبا، ستظل العوامل مثل الحقوق السياسية والمعايير الصحية تجعل العالم الغربي المكان الأكثر رغبة. ومع بعض الاستثناءات المحدودة، التي ذكر أغلبها في الأغلى، فثلث الدول التي تحتل صدارة الترتيب أوروبية وغربية.

حتى البرتغال وإسبانيا، على الرغم من المتاعب المالية التي تواجهها الدولتان، أحرزتا درجات مرتفعة. فالطفل المولود اليوم يتوقع أن يحصل على حياة أفضل، بحسب المعلومات، في اليونان، عنه في الاقتصادات القوية الناشئة مثل البرازيل وتركيا أو الصين.

الفقر والعنف تحدد أسوأ الدول

* الدول التي تحوي العنف والفقر والقمع كلها تعطي تصنيفا رديئا، لكن التباين بين الدول الخمس الأدنى أو نحو ذلك يبدو مدهشا. فأسوأ ثلاث دول يمكن أن تولد فيها من الأدنى إلى الأعلى هي نيجيريا وكينيا وأوكرانيا.

بعض الدول التي جاءت في ذيل القائمة لم تكن فقيرة بالفعل، مثل روسيا التي تمتلك سجلات رديئة في مجال الحقوق السياسية والصحة العامة. وكذلك الإكوادور التي تعاني تراجعا في الحقوق السياسية، وهو يجعلها الدولة الوحيدة الأدنى في مجال الحقوق السياسية في أميركا اللاتينية التي كانت تبدو مثيرة للتفاؤل.

وعلى الرغم من إظهار دول مثل إندونيسيا وفيتنام نموا اقتصاديا مذهلا خلال العقود الثلاثة الماضية لكنها فقيرة اليوم، وهذه الخريطة تذكرك بأن ولادتك في مجتمع فقير، أو حتى مجتمع يقدم فرص الحصول على ثروات جديدة، يمكن أن يسبب تحديات تمتد طوال عمر الإنسان.

التمييز والفقر أسوأ من مجرد الفقر ذاته، والحالات الثلاث الأمثل لذلك هي أنغولا وكازاخستان وأوكرانيا، التي أحرزت نقاطا أقل مما كنت أتوقع. فتتمتع أنغولا وكازاخستان بنمو اقتصادي سريع من صادرات المعادن والطاقة، وأوكرانيا ديمقراطية متوسطة الدخل. لكن الدول الثلاث تواجه مشكلات متزايدة فيما يتعلق بالتمييز الاقتصادي والتي تشجع في المقابل الفساد والإدارة السيئة.

لكنك قد لا تكون صاحب حظ عاثر لو أنك ولدت في أي من هذه الدول الثلاث، بحسب البيانات، إذا ولدت في مكان آخر، مثل سيريلانكا التي تفيض بالعنف الطائفي أو فيتنام القمعية أو حتى سوريا. وتأتي باكستان في مرتبة أعلى من أنغولا أو أوكرانيا، لكنها لا تزال أدنى من كازاخستان.

وجاءت الصين في المرتبة التاسعة والأربعين بين 80 دولة، لتحل خلف لاتفيا والمجر. هذه نتيجة مذهلة بالنظر إلى كون الصين ثاني دولة في العالم من حيث أعداد الأثرياء فيها بعد الولايات المتحدة وربما تحتل المرتبة الأولى عالميا. قد تعتقد أن دخول كثير من العائلات الصينية إلى الطبقة الوسطى في مجتمع يشهد مكاسب تاريخية وأن الصين مكان رائع كي يولد الإنسان فيه في 2013.

لكن البيانات تذكرنا أنه برغم المكاسب الصينية الرائعة لم تفد هذه المكاسب جميع الصينيين بالتساوي. فلا يزال نصف الصينيين يعيشون في الريف ويعيش 128 مليون شخص تحت خط الفقر. وحتى في المدن الساحلية الكبرى أدى ارتفاع تكاليف المعيشة وتوقف الحريات السياسية والتباين الواضح في الدخول يعني أن العشرين أو الثلاثين عاما القادمة قد لا تجلب الرفاهية لكثير من العائلات.

لذا إن كنت مواطنا غربيا قلقا بشأن التراجع الأميركي أو الانهيار الأوروبي، ولا شيء غير ذلك، فاعلم أن أطفالك لا يزالون محظوظين في أنهم سيولدون في المكان والتوقيت الأفضل.

* خدمة «واشنطن بوست»