ماذا بقي للحكم السعودي

موفق النويصر

TT

أوردت صحيفة الجزيرة يوم الخميس الماضي، خبرا عن التحقيق الذي قامت به لجنة الحكام، مع الحكم عبد الله القبيسي، الذي أدار لقاء الشباب والفتح، ومساعده يحيى آل معتق، وتوقعات بفرض عقوبة الإيقاف بحقهما.

وجاء تحقيق لجنة الحكام بعد الأخطاء التي وقع فيها حكما اللقاء، والتي تسببت في إلغاء هدف صحيح للشباب، وإغفال ضربة جزاء أخرى له، مما أثر على نتيجة المباراة، حيث انتهت بفوز الفتح بـ2/1.

ولست هنا بصدد التعليق على القرار أو العقوبة المتوقعة، ولكن للاستفسار حول طبيعة الأخطاء التي وقع فيها الحكمان، وغيرهم من الحكام السعوديين، سواء هذا الموسم أو في المواسم السابقة، وأدت إلى الاستعانة بالحكم الأجنبي، وهل هي نتيجة سوء تقدير أم سوء نية؟ وهل الاستعانة بالحكم الأجنبي قضى على هذه الأخطاء أم انها مازالت قائمة؟

ولفهم الوضع التحكيمي في بلادنا، يجب البحث عن اجابات للتساؤلات التي تراود الجميع، إذا رغبنا في معرفة مكمن الخلل: هل ماتقدمه لجنة الحكام من برامج تطويرية، كاف للإرتقاء بمستوى الحكم؟ هل الحكام بحاجة فقط لبرامج نظرية وعملية لتطوير مستواهم؟ هل أخطاء الحكام الحالية وليدة الصدفة؟ هل بالإمكان إغفال العوامل التي تحيط بالحكم قبل وأثناء إدارته لأي مباراة؟ هل أخطاء الحكام ومايصاحبها من جدل دخيلة على اللعبة أم أنها من جماليات كرة القدم؟

في البداية دعونا نسأل عن المبلغ الذي يرصد لجلب 3 حكام أجانب، لتحكيم مباراة واحدة فقط، ومجموع ما يتقاضاه الحكام السعوديين في جميع الدرجات خلال نفس الأسبوع. أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال كفيل بمعرفة كم نقدر حكامنا.

عندما يتم استبعاد الحكم السعودي من قيادة المباريات المهمة في البطولات المحلية، ويتم اسنادها للأجنبي، وتكليفه بالمباريات الهامشية أو الأقل أهمية، هل هذا الإجراء يساعد أم يثبط من عزيمة الحكم ويعيقة عن تطوير ادائه وتجاوز عثرته.

عندما يترك المجال مفتوحا لكل من «هب ودب» لتوجيه النقد والتجريح والتشكيك في أمانة ونزاهة الحكام، والمطالبة بإبعادهم عن إدارة هذه المباراة أو تلك، فهل نتوقع بعد ذلك نجاحهم في إدارة أي مباراة.

لا أعرف كيف تصدر عقوبة بحرمان فريق من آداء مباراة على أرضه وبين جماهيره، أو تغريمه ماليا أو نقطيا، لأي تصرف لا أخلاقي قد يصدر عنه أو عن أحد لاعبيه أو جماهيره ضد الفريق المنافس أو جماهيره، ولا يتخذ ذات الإجراء ضد من يكيل للحكام الشتائم والسباب، وفي أوقات أخرى قذفه بالأحذية والعصي والعلب الفارغة.

هل من الانصاف للحكم الذي يتخذ قراره في جزء من الثانية، وسط عوامل مختلفة تتداخل فيها قربه أو بعده عن مكان الحدث، زاوية الرؤية، المجهود البدني المبذول، تركيزه، مدى تجاوب اللاعبين معه، الشحن النفسي للاعبين والإداريين والجمهور، قبل وأثناء المباراة، ثم يأتي من يتحدث من داخل الأستديو التحليلي وجهاز التكييف فوق رأسه، ومزود بشاشات الكترونية مرتبطة بجميع الكاميرات المنصوبة في أرض الملعب، ويعيد اللقطة لأكثر من خمسين مرة قبل أن يحدد للمشاهد، ما إذا كان الحكم قد وفق أو أخفق في اتخاذ القرار أثناء المباراة، وبالتالي تجييش الشارع ضده.

لا أعرف كيف تجاهلت هيئة دوي المحترفين والشركة الراعية لبطولة الدوري، مكافأة الحكام المتفوقين خلال آداء المباريات، بجائزة مالية، أسوة بما رصدته أسبوعيا لأفضل لاعب (50 ألف ريال) و(150 ألف ريال) لأفضل فريق.

إلى متى يظل الحكم السعودي الحلقة الأضعف في المنظومة الكروية، وماذا بقي له، إذا كان الكل يهاجمه، والكل يشكك في قدرته على إدارة المباريات، والكل يطعن في ذمته وأمانته، والكل يتعامل معه بتعالي وكأنه أمر هامشي، والكل لا يتذكره إلا حينما يخفق، ومن ثم يطلب منه التغلب على هذه المعوقات، ومن ثم التفوق والنجاح في قيادة مباريات ملتهبة لدوري ملتهب.

أخيرا، لو لم تكن الأخطاء التحكيمية جزء من جمالية اللعبة، لتمت الاستعانة بأكثر من حكم في المباراة الواحدة، ولتم تطويع التقنية الحديثة على مختلف أشكالها، بما يكفل تغطية كل شاردة وواردة في الملعب، وصولا إلى مقولة «حكام بلا أخطاء» بدلا من مقولة «حكام بأقل أخطاء».