لا خطوط حمراء.. رياضيا

مصطفى الآغا

TT

من حق أي مشجع أن يدافع عن نجومه ورموزه الرياضيين، ومن حقه أن يحب ناديه ورئيس هذا النادي وإدارته، ومن حقه حتى أن يتعصّب لهم، ولكن ليس من حقه أن يرفع هؤلاء الناس إلى مراتب يكونون فيها «فوق النقد» لأنه بالأساس لا يوجد شخص على سطح الكرة الأرضية فوق النقد، ولكن وبما أننا نتحدث رياضيا فعلينا أن نبقى ضمن البيئة الرياضية التي تفترض أن تكون أقل البيئات «حساسية للنقد»، والأكيد أن الخطوط الحمراء موجودة في الأمور السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية، ولكني لم أسمع في حياتي بخطوط حمراء على المستوى الرياضي.

فعندما ننتقد أي نجم رياضي في العالم فنحن نتحدث عن «بني آدم» يمارس هواية حتى ولو دفعوا له مقابل هذه الهواية.. ولا أظن أن ميسي وكريستيانو رونالدو ومارادونا وبيليه وبيكنباور وكرويف وبلاتيني كانوا فوق النقد وكان ممنوعا على أي إعلامي من الدول التي ينتمي إليها هؤلاء النجوم أن ينتقدهم.

ما حدث أن الحساسية الكروية في السعودية وصلت إلى مستويات كبيرة، ولا نقول خطيرة، ولكن الكبيرة قد تتحول إلى خطيرة ما لم يكن هناك محاولات إعلامية جادة لزيادة الوعي لدى الشرائح المختلفة من المشجعين الذين يكون معظمهم في سن المراهقة، مع احترامي لهذه السن ومع اعترافي أن هناك من هم من الفئة العمرية الأكبر ولكنهم يتصرفون «كالمراهقين».

وما حدث أننا انتقدنا تصرفا للنجم محمد نور خلال مباراة الاتفاق، فهددنا البعض وحذرونا من انتقاده لأنه خط أحمر... وحدث أن وضعنا استفتاء للاعب القرن في السعودية فجاءني إيميل تهديد بالقتل لأنني تجرأت وفكرت على وضع هذا الاسم بجانب ذاك، إذ يعتقد البعض الكثير أن لا مجال للمقارنة بين الاثنين، فإما يلغون الطرف المقابل وإما يمسحون تاريخه بأستيكة. وإن انتقدت رئيس نادٍ ما جوبهت بحرب غير رياضية، علما بأن الذي يرتضي لنفسه أن يمسك منصبا عاما حتى ولو كان ذا خلفية اجتماعية أو سياسية كبيرة «كأن يكون أميرا أو شيخا أو ابن زعيم البلاد» فهو سيكون مائة في المائة عرضة للنقد لأنه يتعامل مع قطاع رياضي يخضع أساسا لأحكام العواطف وتشنجات الخسائر وتبعاتها، وعندما ننتقده فنحن لا ننتقده بصفته الشخصية، بل بصفته الوظيفية، وشتان ما بين النقدين... لهذا أقولها بالفم المليء، إنه لا خطوط حمراء في المسألة الرياضية، فنحن لا نتحدث عن مقدسات «لا سمح الله» ولا عن أمور أمنية أو ممنوعة، ولكننا نتحدث عن نشاط إنساني بدا في الأساس بدافع ترفيهي صحي ثم بات جزءا أساسيا من حياتنا، ولكنه في النهاية والبداية نشاط رياضي... لا أكثر.

ويجب أن ننتبه جديا إلى خطورة تكريس ثقافة الدفاع عن رموزنا الكروية حتى ولو كانوا مخطئين بشكل سافر، لأننا بذلك نسيء إلى أنفسنا وإليهم وإلى الملايين من الذين شاهدوا الخطأ بأم أعينهم، ومع هذا نمنعهم من مجرد التصريح أن ما شاهدوه خطأ يستوجب العقوبة والمحاسبة.