الملايين وحدها لا تدير الأندية

موفق النويصر

TT

من تابع التصريحات الصحافية التي أطلقها مسؤولو بعض الأندية السعودية قبل بداية الموسم الرياضي، والمبالغ التي أعلنوا عن رصدها، ومكونة من 6 أصفار، لجلب هذا اللاعب أو ذاك، والاستعانة بأفضل الأجهزة الفنية، وإقامة المعسكرات الإعدادية، من تابع كل ذلك ويشاهد المستويات الهزيلة التي تقدمها تلك الأندية خلال المنافسات الحالية، يدرك جليا أن الأندية الرياضية لا يمكن أن تدار بالوعود والملايين وحدها، ولكنها بحاجة لعمل جماعي ومضنٍ يبدأ من أول أيام الموسم الرياضي ويستمر حتى نهايته.

وإن أي مطب هوائي يتعرض له الفريق خلال منافساته المحلية أو الخارجية، إن لم يتم تداركه سريعا، بتكاتف الجميع من إدارة وجهاز فني وأعضاء الشرف، فإن الدفة ستنحرف عن الطريق الصحيح، ليفاجأ عندها الجميع بين عشية وضحاها بالخروج المذل والمبكر من منافسات البطولة، في وقت لا تنفع فيه الملامة.

وأعتقد أن حال أندية النصر والأهلي والاتفاق والاتحاد، خير مثال على ذلك. فالنصر الذي ملأ الإعلام المرئي والمكتوب ضجيجا بالصفقات التي جلبها وسيجلبها لتدعيم صفوفه خير مثال على ذلك، حيث تمت الاستعانة بخدمات حسين عبد الغني ومحمد السهلاوي وصالح صديق وخالد الزيلعي، والحديث يدور حاليا حول إمكانية الاستعانة بأبناء عطيف أحمد وعبده، كل ذلك يحدث والفريق لم يتمكن حتى الآن من الفوز في مباراتين متتاليتين، وترتيبه في سلم الدوري يشهد على حاله، حيث يقبع في المركز السابع بفوزين و6 تعادلات.

وما ينطبق على النصر يمكن سحبه على الأهلي، الذي يسجل تراجعا كبيرا في مستواه هذا العام، بخلاف ما كان عليه في العام الماضي، وإن كان من الواضح أن الفريق يعني من خلل إداري في تهيئة اللاعبين للعب مباراة كاملة، بدليل أنه عادة ما يتفوق في الشوط الأول، ولكن سرعان ما يتقهقر في الشوط الثاني، ليخسر ما حققه إما بالتعادل أو الهزيمة.

الاتفاق هو أيضا مر ولا يزال يمر بمرحلة اختلال بالتوازن، بدءا من التعاقدات غير الموفقة مع اللاعبين الأجانب في بداية الموسم، مرورا بتغير الأجهزة الفنية، التي لم تنجح في تعديل دفة الفريق، وانتهاءا بخروجه الحزين من بطولة مجلس التعاون الخليجي.

ومن الواضح أن إدارة عبد العزيز الدوسري وخليل الزياني، لم تدرك بعد أهمية تواجد شخص مثل هلال الطويرقي لدى اللاعبين والجماهير في المرحلة الحالية، ليكمل بدوره الجهود المبذولة، بما يكفل عودة فارس الدهناء إلى وضعه الطبيعي الذي اعتدنا أن نراه عليه.

وهناك الاتحاد، الذي شهد مستواه تراجعا حادا خلال الأيام الماضية، خصوصا بعد خروجه خالي الوفاض من بطولة دوري أبطال آسيا، وبالتالي عدم تأهله لنهائيات كأس العالم للأندية كما كان يمني النفس، وعدم تحقيق أبرز لاعبيه، لأي لقب في السباق القاري، مما أثر سلبا على مشاركته في البطولة المحلية، حيث شهد أربع انتكاسات متتالية من الشباب والاتفاق والهلال وأخيرا أمام الفتح، أفقدته 11 نقطة في قطار دوري «زين»، وربما تفقده المنافسة على صدارة البطولة.

ولذلك ينبغي على إدارة الدكتور خالد المرزوقي، التي أعلنت قبل أيام دعوتها لمنصور البلوي، بدعمه المالي والمعنوي للفريق في المرحلة المقبلة، التنبه جيدا إلى أين يجب أن تكون وجهتها إن أرادت تحقيق النجاح في مسيرتها الحديثة، كون الأموال وحدها لا تصنع النجاحات، وإن كانت تساعد على تحقيقها، وعليها (أي الإدارة الاتحادية) رؤية حجم الأموال التي أنفقها سلفه البلوي أثناء إدارته للنادي، ومقارنة ذلك بعدد البطولات التي حققها.

وسيندهش الدكتور المرزوقي حين يعلم أن ما حققه أحمد مسعود وحده في موسم واحد، رغم شح الموارد المالية التي كانت لديه، يعادل ما حققه البلوي بملايينه خلال مواسم إدارته للنادي، فالعبرة ليست بالكم الذي تنفقه ولكن بالكيفية التي يتم بها توجيه مالديك من مداخيل، فإدارة نادٍ مثل العميد تحتاج إلى الكثير لتقديمه، خاصة أن لديه متطلبات وعليه استحقاقات يجب الإيفاء بها.

أخير كما يمكننا رفع القبعة لما يقوم به الهلاليون من عمل يمثل نموذجا رائعا لتضافر الجهود، من المهم أيضا الإشارة إلى إدارة عبد المعطي كعكي ومناحي الدعجاني في الوحدة، التي نجحت في عودة الفرسان إلى الطريق الصحيح بهدوء وتروٍ، وإن لم تتمكن من تحقق بطولة في هذا الموسم، فأعتقد جازما أنها ستتمكن من حجز موقع لها في مربع الكبار، متى ما استمر هذا الثنائي في أداء عمله الذي بدأه، ناهيك عن الاحترام الذي كسبه هذا الثنائي من جميع المتابعين له.