هدف «الصدر» لـ «بطل الصبر» !

عادل عصام الدين

TT

نجحت الإمارات في استضافة نهائيات بطولة أندية العالم لكرة القدم.

وكالعادة، وكما كان متوقعا، انحصرت البطولة بين ممثلي القارتين «الأفضل» أوروبا وأميركا الجنوبية، وهذه المرة انتصرت أوروبا عن طريق بطلها الكبير برشلونة الذي تألق في النهاية وهزم استوديانتيس بطل أميركا الجنوبية 2/1.

أكثر ما لفت الانتباه هدف الفوز الذي سجله أفضل لاعب في العالم هذا العام الأرجنتيني ميسي بـ «صدره».

ميسي، الذي اكتسح الاستفتاءات «حتى الآن» مكررا ما فعله مبدعو كرة القدم من قبله كريستيانو رونالدو وكاكا ورونالدينيو وزيدان ورونالدو وريفالدو وغيرهم، طار من الفرحة وبدا وكأنه لم يسجل هدفا من قبل بعد أن أودع الكرة «المرفوعة» بدقة وبراعة بـ «الصدر» على نحو غير مسبوق. هدف «الصدر» الجميل أكد ما يتميز به ميسي من حماس وروح قتالية ومهارات فردية لا تجارى.

بعيدا عن الهدف.. وتفوق برشلونة.. والصراع القوي بين القارتين الأوروبية والأميركية الجنوبية أستغل المناسبة لأقول إن هدف الصدر.. سجله بطل الصبر، وأقصد بـ «بطل الصبر» أن النجم الأرجنتيني الفذ الذي التصق اسمه بـ «برشلونة» يستحق الكثير من التقدير والاحترام من زاوية مختلفة جدا غير موهبته وكفاءته وعطائه. إنها مسألة الجلد وتحمل الإيذاء والخشونة.

لم يسبق لي أن رأيت نجما يتجاوز عن محاولات الإعاقة والعنف مثل البطل الأرجنتيني. لم يسبق لي أن شاهدت أي «رد فعل» من ميسي رغم كثرة ما تعرض له كنجم كروي ساحر من خشونة و«فاولات».

يدرك ميسي أن الاعتراض لن يفيد، وأن تلك هي ضريبة المهارات العالية والنجومية الكبيرة. ما أكثر اللاعبين الذين يعبرون عن محاولات إيذائهم بالخشونة المقصودة وغير المقصودة بردود أفعال تؤثر على حضورهم ونجوميتهم وتعاطف الآخرين معهم.

شاهدت كثيرا بعض نجوم كرة القدم العالميين وهم يتصدون لـ «الخشونة» برد فعل مستنكر. وما أكثر ردود الفعل القبيحة التي رأيناها من نجومنا في حالات التعرض للخشونة، لكن يظل ميسي أحد القلائل والنادرين ممن يتركون للحكم إصدار القرار ويلتزمون الصمت ويكسبون الكرة وتعاطف المتابعين.

ما يفعله ميسي درس لكل من يلعب كرة القدم. إنه يحرص على الإبداع.. والإمتاع.. وعدم الرد على محاولات الخشونة والإعاقة برد فعل مستهجن وقبيح.

لا يوجد لاعب في كرة القدم «ينجو» من الخشونة المتعمدة والاحتكاك العنيف. ولذلك فإن حالات الاعتراض ومحاولة الانتقام والمبالغة في التمثيل تتكرر كثيرا في كل مباراة لكن ميسي أحد النجوم «المثاليين» والنادرين ليس بروعة الأداء بل بعدم «الرد» على أي محاولة اعتداء علما بأنه أكثر لاعب في العالم يتعرض للخشونة أو الاحتكاك القوي بسبب مهاراته التي لا تقارن بأي لاعب آخر في الوقت الراهن.

ليت أنصاف اللاعبين.. بل حتى النجوم، يقتدون بميسي ويتعلمون منه كيف يبدع.. ويخلص.. ويكافح.. ويتجاوز عن الألعاب الخشنة.. بالابتسامة والصبر.

[email protected]