رعونة العمل النصراوي

موفق النويصر

TT

المتابع لحال الفريق النصراوي اليوم، لا يملك سوى أن يقول «رحم الله الأمير عبد الرحمن بن سعود»، ذلك الرجل الذي نجح خلال أكثر من أربعين عاما من قيادته للسفينة النصراوية في العبور بها وسط الأمواج المتلاطمة إلى شط الأمان.

الجميل في «الرمز» النصراوي الراحل، أنه ابتكر لنفسه أسلوبا خاصا به في التعاطي مع الإعلام الرياضي لا يجاريه فيه أحد، واستطاع خلال فترة رئاسته للنادي من ترسيخ منهجه الفريد في النقد والتعليق وشن المناوشات الرياضية مع الخصوم، مع تمكنه من فرض نهجه على الوسط الرياضي بحنكته وحسن إدارته. لذلك حين فقدته الساحة الرياضة، كان الحزن عليه من الجميع، محبين ومخالفين.

تذكرت الأمير عبد الرحمن وأنا أشاهد حال الفريق النصراوي هذه الأيام، حيث يقبع في مركز لا يليق باسمه أو تاريخه وإنجازاته، مبتعدا منذ سنوات عن منصات التتويج، ليس في كرة القدم فحسب، بل في جميع الألعاب الأخرى التي يضمها النادي.

غير أن المتتبع للإدارة الحالية برئاسة الأمير فيصل بن تركي، التي استبشرت به الجماهير النصراوية خيرا بعد رحيل الأمير عبد الرحمن بن سعود، يستغرب حجم التخبط الذي تمر به، ويستطيع أي متابع للشأن النصراوي أن يسجل العديد من المآخذ الإدارية والإعلامية عليه، بدءا من خسارته لصفقة عيسى المحياني العام الماضي، حينما تصدى الأمير فيصل بنفسه للصفقة أثناء توليه منصب نائب الرئيس في الإدارة السابقة، ودخل في مزايدات مالية على اللاعب، الذي أبدى صراحة رغبته في اللعب للهلال، فكانت النتيجة أن خسر الجولة أمام غريمه التقليدي.

الأمر الآخر الهالة الإعلامية التي أحاطت بها الإدارة نفسها منذ بداية الموسم، من حيث حجم التعاقدات المحلية والخارجية التي رصدتها، والمعسكرات الإعدادية التي ستنفذها، فرفعت سقف التوقعات منها لدى محبيها، فكانت الصدمة كبيرة لديهم وهم يشاهدون الفريق في وضع لا يليق به.

سقطة أخرى تسجل على هذه الإدارة، عندما وصف رئيسها منافسه التقليدي فريق الهلال بـ«الزعيق»، خلال مداخلته لجماهير النصر عبر «البالتوك»، ولكن سرعان ما نفى ما نسب إليه بعد أن احتجت الإدارة الهلالية ببيان رسمي.

وقبل يومين أكد الرئيس النصراوي في بيان رسمي آخر له، عدم صحة رسائل الجوال التي يتداولها البعض والمنسوبة إليه لحث الجماهير على تشجيع فريقها ومؤازرته.

وفي كلا الحالتين، يمكن طرح سؤال مهم: إن لم يكن ما صدر عن رئيس النادي قد صدر فعلا، فكيف يمكن لأي شخص أن يتجرأ على شخص رئيس ناد بحجم النصر؟

أحمد الدوخي لاعب نادي الاتحاد، ملف آخر أقحمت الإدارة النصراوية نفسها فيه، مؤكدة في أكثر من مناسبة حسم الأمر لصالحها، حتى توقع الجميع ارتداء اللاعب للقميص الأصفر خلال فترة التسجيل الشتوية، غير أن لجنة الاستئناف قررت رفض الاستئناف المقدم من النصر شكلا وموضوعا، نظرا لتقديمه بعد انقضاء فترة تقديم الإخطار بالرغبة في الاستئناف، مع مصادرة مبلغ الاستئناف المودع في حساب اتحاد الكرة.

أبناء عطيف (أحمد وعبده)، قضية أخرى نجح الإعلام الرياضي في سحب الإدارة النصراوية إليها، رغم عدم أحقية أي ناد غير ناديهما بالتفاوض معهما، طالما أنهما لم يدخلا مرحلة الستة أشهر.

الغريب كان في ردة الفعل النصراوية الحادة تجاه الإدارة الشبابية، التي أعلنت أكثر من مرة عن تمسكها بلاعبيها، وتأكيدها على التوقيع معهما مهما كلف الأمر، حيث أطلق الرئيس النصراوي تصريحا صارخا لا يليق به تجاه رئيس ناد منافس له، بعد لقاء فريقه أمام الاتفاق، مما انعكس على أداء الفريقين في لقاء الأمس.

لذلك ينبغي على الإدارة النصراوية إن رغبت في النجاح في مهامها المقبلة، والمحافظة على هيبة «العالمي» لدى خصومها قبل محبيها، أن لا تتصرف برعونة حول القضايا التي تعترضها، وأن تدرس جيدا أي قضية ترغب الدخول فيها قبل أن تقدم على ذلك، حتى لا تتعرض للإحراج حيال العهود التي تقطعها على نفسها ومن ثم تعجز عن الإيفاء بها.

[email protected]