حمزة ونواف!

أحمد صادق دياب

TT

شاء القدر أن يتزامن موعد حفل اعتزال النجمين حمزة إدريس ونواف التمياط في تاريخين متقاربين للغاية، وكأنها توأمة لنجمين أجمع الكل بمختلف ميولهم على أنهم من أكثر اللاعبين تأثيرا على نتائج فريقيهما، وتميزا فضلا عن ذلك بحب الجميع، تأكيدا وتحديدا على أن الأخلاق تتقدم على كل شيء في نظر الجمهور الذواق الذي يعرف قيمة ومكانة النجومية الحقيقية.

إن كان نواف أجبر على الاعتزال بسبب الإصابات المتكررة، فإن حمزة اعتزل وهو مطالب بالاستمرار من قبل محبيه وإدارة ناديه. ما يمكن الجزم به هو أن هذين النجمين يستحقان بالفعل التكريم، وواجب على الجماهير الرياضية أن ترد لهما الشكر على كل ما قدماه للكرة السعودية عن طريق الحضور والمؤازرة والدعم.

أتذكر تماما قدوم حمزة إلى الاتحاد من فريق أحد بالمدينة المنورة، وظل موسما كاملا بعيدا عن ملامسة الكرة بسبب الإصابة حتى إن البعض في الإعلام الرياضي بادر إلى إطلاق لقب «الصفقة الخاسرة» على حمزة، ولكن اللاعب الذي لا يعرف اليأس إلى قلبه طريقا عاد من جديد وبقوة مذهلة ليحصد الألقاب مع فريقه ويؤكد أنه الرقم الأصعب في تاريخ البطولات السعودية من خلال الأهداف التي تميز في تسجيلها لتصل إلى الحد الأقصى في موسم واحد حين سجل 33 هدفا ليتوج على قمة الهدافين العالميين.

من المؤكد أن الذين يتابعون التاريخ الرياضي يعرفون أن حمزة تمكن من تأكيد أنه أفضل صفقة انتقال محلية في تاريخ الكرة السعودية، فأهدافه التي منحت الاتحاد العديد من البطولات لا يمكن أن ينساها أحد، وما دفعه الاتحاد للحصول على خدماته يعتبر تافها جدا في قيم العقود التي تلت انتقاله.

في المقابل منح الاتحاد لحمزة نجومية مطلقة وبطولات لا يمكن أن تغيب عن ذهن هذا اللاعب غير العادي، ودخل تاريخ كرة القدم السعودية من أوسع أبوابه، فليس هناك بطولة محلية أو إقليمية أو قارّية إلا وخزينة حمزة تتزين بميدالياتها الذهبية، وهو إنجاز قد لا يتكرر مع الكثير من اللاعبين.

ربما سيمر وقت طويل قبل أن نشاهد لاعبين بهذا المستوى الأخلاقي والرياضي يستحقان هذا الحجم من التقدير والتكريم، وأتوقع أن تمر فترة طويلة قبل أن نشاهد مباريات تكريم بهذا المستوى على أرض المملكة، لذا فحضور هذه المناسبة يعتبر فرصة لمشاهدة نجوم لا نراهم إلا على شاشات التلفزيون، ونصفق لهم على الإبداع دون أن نراهم في الملعب مباشرة.

ونحن الآن نودع حمزة ونواف نؤكد أنهما سيظلان في الذاكرة الرياضية ولفترة طويلة جدا، لأنهما ببساطة قدما نموذجا مميزا لما يجب أن يكون عليه محترف كرة القدم، من بساطة في التعامل واحترافية في العمل وجدية في الأداء مع اهتمام أساسي بالجانب العلمي.