صُداع في كل اتجاه!

مساعد العصيمي

TT

الرياضة هي الشيء الجميل في واقعنا كعرب.. لقد تعلمنا منها التلاقي والتسامح.. بل والتنازل، والرضا بالمقسوم.. وهي أعطتنا المتعة و«الحماس الحلال».. بصراحة هي خير وعمل صالح. لا تدعو إلى تحزّب، ولا ترمي إلى إرهاب.. لكن ما بالنا تجاه هذا الشيء الجميل نلوي على حسرة ونتحدث عن كراهية، بل نتجاوز إلى التأكيد على أنها باتت مقرا للمؤامرات..

لن أبتعد كثيرا وسأتلمس ذلك من خلال واقعنا العربي، وأدلف إلى المحلي لأشير إلى أن هناك خللا يذهب إلى أحد اتجاهين.. إما اتجاه إلى من نستأمنهم على قراءة الرياضة وتحليلها، ومعهم من يقودونها ويخططون برامجها لنا.. أو إلينا نحن كمتلقين كتأكيد لآراء عربية تشير إلى أن تأسيسنا ومعنا أولئك قد بني على المؤامرة ورفض الآخر، وأحسب أن من الأولين الفعل المشين، لأن لدى الأخيرين تلقيا ونقلا وقبولا ومن ثم انقيادا.

في واقعنا العربي ما زلنا نتلو عبارات الرفض والكراهية حتى باتت ضمن قواميسنا، وإلا ما الذي يدعو طارق ذياب لإذكاء النار المختبئة تحت التراب، وهل هو الوصي والنذير، لا سيما أن اعتذارات وعناوين محبة قد علت وسمت.. وفي الشأن المحلي هل الخيانة عنوان نريد أن نؤكده بعد كل خسارة تطال فرقنا، هل بتنا من الهوان أن ننوح ونلطم عبر الفضائيات لأن حكما أخطأ في تقديره، وكأن تسونامي جديدا قد ضرب نادينا.. ما الذي يحدث؟ بصراحة.. بتنا أقل من أن نستطيع أن نسيطر على عواطفنا وحماستنا.. ليس كذلك فقط.. بل ظل دورنا أن ننقلها إلى آخرين لكي يرددوها صوتا واحدا جهوريا فيه من المبالغة والعدائية الكثير.

أقول، وأمري إلى الله، إن رياضة كرة القدم لا تستحق مثل ذلك.. بل جدير بها أن تكون عنوانا جميلا للمتعة والتلاقي.. لكن فيما يخصنا فهي للطم والتنافر والقلق وإذكاء التباغض.

هل ابتلينا كعرب وسعوديين بمن ينتمي إلى رياضتنا تحليلا وإدارة رغم أنهم من المرجفين المتشدقين؟ وهل هؤلاء هم من يمثل واقعنا وعلاقاتنا؟ حتى وإن كنّا أكثر حساسية تجاه بعضنا.. لكن كان يجب أن نكون أكثر اتزانا وعقلانية.

لن أستمر.. لكن ثمة مقلق لا بد أن أذكره عبر كلمات، إذ كنت وإلى وقت قريب أعتقد أن الرياضة هي الوحيدة القادرة على تجاوز المحن النفسية، والارتقاء بنا فوق إسقاطات التنافر سياسيا واجتماعيا وحدوديا ومناطقيا وتنافسيا.. لكنني ومع قرننا الجديد أجدها هي مِن أشد ما يدعو إلى عكس ذلك.. وأجزم أن ليست الرياضة هي السبب، بل تعاملنا معها.. فنحن.. من نريد كل شيء ولا نريد للآخرين شيئا، نرفض فوز القريب ونرحب بالغريب، إعلامنا متوتر، وإداريونا مضطربون.. وبعد ماذا نتوقع نتاجا لذلك.. بلا شك جمهور.. يحضر إلى الملاعب بسكاكين وسواطير.. كلٌ يريد أن يفتك بالآخر!

[email protected]