ماذا يعني أن نكون عربا؟

مصطفى الآغا

TT

هل أكون متجنيا على كل الحقائق الجغرافية والديموغرافية والعرقية والتاريخية والدينية واللغوية وأواصر القربى والعلاقات الطويلة وأحيانا كثيرة النضال المشترك وأقول إن ما يجمع التشيكي بالإسباني باليوناني بالبرتغالي بالإنكليزي على الألماني والفرنسي والروماني هو أكثر مما يجمع المصري بالجزائري بالتونسي بالسوري واللبناني والبحريني والسعودي والعماني والمغربي؟

لن أتحدث بالسياسة فهذه لها أصحابها وأساسا الحديث فيها - بالمنطق العربي - يعني أنك تتحدث بما قد يأتي عليك بوجع الرأس وأحيانا ما قد يطيح بهذا الرأس، ولكنني أتحدث كمواطن «عربي» يحمل جنسية دولة أوروبية ولكني في نفس الوقت لم أعرف ولن أعرف ولا أريد أن أخرج من جلدي ومن بين أبناء جلدتي.

لماذا صرنا نسمع مؤخرا نغمات انعزالية من الكثيرين ممن كانت العربية لغتهم وثقافتهم وتراثهم يتبرأون من هذه التركة ويشددون على انتماءاتهم المحلية أولا وربما الإقليمية ثانيا وبالتالي يبتعدون عن الحاضن الأساسي؟

لكل منا الحق أن يفخر ببلده وأن يدافع عنها بالأسنان والنواجذ وأن يكون مع أخيه على ابن عمه ثم يتكاتف مع ابن العم هذا على الغريب لا أن يتنكر جملة وتفصيلا لابن العم.

حتما لن أخوض في نقاش بيزنطي مع كارهي الفكرة من أساسها ولكني أدعو من هذا المنبر أن نبحث، لا كعرب، بل كشعوب وكبشر نعيش في حيز أو مساحات متقاربة، عن الأمور التي تجمعنا وتقرب بيننا أفضل من النبش في القضايا التي تفرقنا وتزيد العداوة بين شعوبنا وتجعلنا نكره الساعة التي «جمعتنا العروبة تحت سقفها».

من المعيب أن نفرح لخسارة فريق عربي «ونشمت به عبر الفضائيات والصحف والإذاعات» ومن المعيب أن نقف مع الغريب ضد القريب ومن المعيب أن ندفن بطولاتنا العربية بأيدينا مثل الدورة العربية وكأس العرب ولا أعرف إن كان دوري أبطال العرب سيعيش أو يموت فيما نتهافت ونركض ولا أقول «نلهث» للمشاركة في البطولات الدولية والقارية والعالمية وكأن البطولات العربية «رجس من عمل الشيطان علينا تجنبه».

أعرف أنني أنفخ في قربة مقطوعة وأن ما في النفوس قد يكون متأصلا فيها لدرجة لا يمكن حتى مجرد التفكير في زعزعتها ولكن من واجبي أن أحذر من أن اللقاءات الرياضية العربية - العربية قد تتحول لاحقا إلى معارك حقيقية وساحات وغى لو لم يبادر أصحاب القرار إما للتخفيف من حدة الاحتقانات وإما للمساعدة على تجفيف منابعها. والعرب قالوا: «أعذر من أنذر»، علما أنني لا أعرف من أي زاوية سيقرأ البعض مقالتي هذه!