من يكره.. من.. مصر أم الجزائر؟

مساعد العصيمي

TT

كتبت غير مرة بأن المبالغة هي سُنّة التعامل في ما بيننا كعرب، والازدراء المعنون بكبرياء فارغة هو ما يقودنا إلى رفض بعضنا بعضا. أيضا أشرت في أكثر من مجال وعبر أكثر من مقال إلى أنه من السخف الاعتقاد أن العرب يتبادلون في ما بينهم الحب والعطف، ومن الصفاقة أن تعتقد أنك في محل ترحيب حين وصولك لأي مطار عربي.

يحدث ذلك بين العرب.. نتلمسه ونعيشه، ونعلم مدى الانشقاق والغيرة والتنابز بين عرب كثيرين، وإن كانت تحركات بعضهم لوأد التنافر قائمة وملموسة، رغم أن التاريخ العربي حافل بالتآخي والمحبة.. وهم - أي العرب - لم يشهدوا حروبا طاحنة في ما بينهم كما هم الأوروبيون الذين دمر بعضهم بعضا بواسطة حربين عالميتين، ثم تجاوزوا الأمر عبر وحدة انطلاقا من أن المصلحة أهم من التاريخ.

ما ذكرناه مسلَّم به، لكن لنكن منطقيين، فمصر هي استثناء عربي قائم، ليس لكونها الأكثر سكانا ومن ضمن الأقوى نفوذا «فنا وثقافة وعلاقات» داخل الوطن العربي، بل لأن هناك شعبا رائعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. شعب ودود.. سمح.. لا يحمل الأحقاد، وإن فعل فالأمر وقتيّ سرعان ما يزول.

ولنكن منطقيين أيضا بأن للجزائر حظوة ومصداقية لدى العرب، ويكفي أن آباءنا وأجدادنا ما زالوا يشيرون إليها بكثير من الفخر بطرد المحتل وتقديم الغالي والنفيس لأجل فعل ذلك.

كلاهما معنيّ بأفضليات، وكلاهما يبحث عن المجد كحق مشروع حتى لو كان هذا المجد على حساب الآخر.. لكن وفق النظم والقوانين وقبل ذلك في إطار منظومة احترام الآخر.

هما سيلتقيان غدا في المحفل الإفريقي، والفوز ثمنه النهائي، وكلاهما متحمس ومتحفز، لكن ما بال بعض المنتمين إلى المعسكرين ما زال يكرس العدائية كأن كرة القدم قتال.. لا هوادة فيها.. ما أعلمه أن الشارعين قد أُجّجا من قبل.. لكن سرعان ما عادا إلى واقع كرة القدم الجميل إيمانا بأن الخسارة واقع كما هو الفوز.. لكن بكل أسف فإن هناك من يُعنَون بالقيادة الرياضية.. لكن في تفكيرهم وعملهم، هم من ينحّي إلى نشر الكراهية وسط إعلانات الانتقام والأماني التي سبقت وتخص لقاء الآخر.

أعود إلى ما بدأت به لأؤكد أن ليس بين العرب عناوين محبة دائمة.. واسألوا المطارات.. لكن كان جديرا أن يكون هناك بعض حصافة من مسؤولين كنّا نعتقد أنهم أصحاب عقل.

قد نحتاج إلى إعادة جذريه للمفاهيم، أو إلى مفاهيم متطورة قادرة على استيعاب العربي الآخر، حتى إن لم نتوافق معه ونتقبله، أو حتى مداراة لبعض نقص فينا تجاه بعضنا كعرب!

لكن ما باليد حيلة.. هو قدرنا كعرب.

[email protected]