مصر والجزائر وثقافة الهزيمة

موفق النويصر

TT

من تابع تعليقات القراء على المقالات التي تناولت مباراة مصر والجزائر في نصف نهائي أمم أفريقيا، أو تلك التي أمتلأت بها المنتديات الإلكترونية، وبخاصة من أنصار المنتخب الجزائري، يعتقد أنه لم يبق أحد هناك يمتلك ثقافة الهزيمة.

هذه الحال، وإن كنا نقبلها في بعض الأحيان من رجل الشارع البسيط، الذي ينجرف كثيرا نحو عاطفته، لتفريغ شحنة الغضب التي تعتريه نتيجة الخسارة، إلا أن الأمر يصبح «جنونيا» إذا ما استمر على ذلك لعدة أيام، و«كارثيا» إذا ما صدرت هذه التعليقات عن مسؤولين رسميين.

فها هو محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري قال بحسب صحيفة «الشروق» الجزائرية «خسرنا مباراة اليوم بسبب التحكيم الذي كان ضعيفا ومتحيزا»، أما رابح سعدان المدير الفني للفريق فقال بحسب «الشروق» أيضا نقلا عن قناة «الجزيرة»: «لست بحاجة لأن أقدم مزيدا من الشروحات بخصوص الطريقة التي أصبح يستخدم فيها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من أجل خدمة مصالح المصريين، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بمواجهتهم للمنتخب الجزائري، فالجميع يعرف هوية الأشخاص الذين يعملون بالاتحاد الإفريقي، وأن أغلبهم مصريون ما دام أن مقر (الكاف) نفسه بالقاهرة، ولما أدرك المصريون أنه لا يمكنهم هزمنا فوق أرضية الميدان - لا سيما بعد الوجه القوي الذي ظهرنا به أمام كوت ديفوار - فإنهم لم يترددوا في تحضير طبختهم المعهودة باستمالة الحكم إلى جانبهم».

ما ذكره رئيس الاتحاد الجزائري، ومن بعده المدير الفني يعتبر «صادما»، كونه جاء من أشخاص يفترض أنهم رياضيون، يعرفون أن الرياضة فوز وخسارة، وأن عوامل الفوز متى ما حضرت حضر النصر، ومتى ما غابت كانت الخسارة هي النتيجة الطبيعية.

المؤكد أن الفريق الجزائري الذي شاهدناه في نهائيات أمم أفريقيا، لم يكن هو الفريق ذاته الذي شارك في التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا، باستثناء مباراة كوت ديفوار، التي تألق فيها واستحق التأهل من خلالها لملاقاة المنتخب المصري.

وليس أدل على ذلك من المستويات الهزيلة التي قدمها في البطولة، حيث فاز في مباراة وتعادل في الثانية، وخسر الثالثة، وله هدف واحد، وعليه 3، وتأهله للدور ربع النهائي كان بفضل فوزه الوحيد في اللقاء المباشر ضد مالي، التي تحمل نفس عدد النقاط، ولها 7 أهداف وعليها 6.

في مباراة نصف النهائي كان واضحا أن المنتخب الجزائري يلعب بنشوة تأهله لمونديال جنوب أفريقيا من أمام المنتخب المصري، فكثرت أخطاؤه وقل تركيزه، فكان الهدف الأول والطرد، وبدلا من العمل على إصلاح الخلل الذي طرء على الفريق، انشغل اللاعبون بمحاولة استفزاز الخصم ومخاشنته، فكان الرد هدفين وطردين، وليأتي الرابع ليجعل الخسارة بطعم العلقم.

في تقديري ان ما عاب حكم اللقاء هو تساهله بعدم طرد الحارس الجزائري بعد اعتدائه عليه في الشوط الأول، وهو ما يضحد حجة التواطؤ التي وسم بها من قبل المسؤولين الجزائريين.

حقيقة، ما شاهدناه خلال الأيام الماضية ليس شأنا جزائريا صرفا، بل هي خصلة عربية متأصلة لدى كثير من الجماهير والمسؤولين العرب، الذين يبحثون عادة عن كبش فداء يلقون عليه بمسؤولية إخفاقاتهم، وكأنه من العار عليهم أن يخطئوا أو يتعثروا في طريقهم.

ما يؤكد أن سنوات تطبيقنا للاحتراف، ومشاركتنا في الدوريات العالمية، لم تطور ثقافتنا الكروية حتى الآن، والتي من أبجدياتها تقبل الهزيمة بروح رياضية، ومباركة الفوز للمنتصر.

[email protected]