القناة الرياضية.. البيان وتأهيل الكوادر

محمود تراوري

TT

واحد من مآزق التلفزيون السعودي بكل قنواته، هو افتقاده لكوادر بشرية تستطيع الاضطلاع بمهمة إعداد وتقديم البرامج الرياضية، ما اضطر القناة الرياضية للاستعانة بعدد من الصحافيين، ولما كانت الصحافة الرياضية السعودية تعاني من تفشي داء التعصب فيها لحد مقيت، جرد أغلبها من المهنية التي تعلي شرط الحياد إلى أقصى حد ممكن، تورط التلفزيون في انتقال هذا التعصب إلى برامجه الرياضية، تعصب في كل الاتجاهات. لكن كيف يمكن للتلفزيون، أن ينتج برامج رياضية، إن أعاد النظر في الاستعانة بالصحافيين؟! مشكلة والله، مشكلة لها امتداداتها على معظم الإعلام العربي التلفزيوني، فقط تابعوا معظم المعلقين العرب في مباريات كرة القدم، فإضافة إلى الثرثرة، وبلغة ركيكة وبأداء ينتمي لزمن الراديو، يحدث تغافل عن أن الشاشة لم تعد محلية، ضيقة الإطلالة، بل هي شاشة بعرض الدنيا، يراها العالم كله، هذا العالم ينتظر أن يسمع من يحترمه، ويحترم القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع البشر، وينطلق من رؤية أن الصورة وجمالياتها أبلغ في التعبير، من الثرثرة.

كتبت في ما يشبه الكلام أعلاه قبل سنوات، وأنا أتابع بؤس الإعداد والتقديم في القناة الرياضية، وكنت مطمئنا لرأي وزير الإعلام الكويتي الأسبق سعد بن طفلة العجمي حين قال: «لا يمكن أن ننتظر من القنوات الحكومية إبداعا تنافس به القنوات الخاصة».

لكن تجربة القنوات المصرية الحكومية وانتفاضتها التي حدثت في السنتين الأخيرتين تدفعنا لإعادة التأمل في هذا الرأي، مع الأخذ في الاعتبار أن أساسيات الإبداع للعمل التلفزيوني تقوم على ركائز الموهبة الفطرية والاستعداد الذهني، فالإعداد الحرفي، والتأهيل للكوادر، ثم سعة الأفق، واتساع الهامش.

لدينا محليا تجارب فردية لأسماء امتلكت الموهبة والقدرة وحينما وجدت المناخ والبيئة الملائمة تفجرت طاقاتها وقدمت نفسها باحترافية وحازت الاحترام. ماذا؟ هل أشير إلى محمد الطميحي وبتال القوس في «العربية»؟ أم إلى علي الظفيري في «الجزيرة»؟ كنماذج لنجاحات اعتمدت على قدرتها فقط ولا شيء خلا قدراتها!؟

بيان القناة الرياضية السعودية الأخير حول مشكلة سامي الجابر، يدفعنا للقول إنها فرصة كي تأخذ القناة «تهكم» الجابر في مسار إيجابي كنقد لا بد من أن تتوقف عنده طويلا، وتخضع أداءها للمراجعة والمحاسبة. فما قاله الجابر - بحسب بيان القناة - على سوئه كلغة وأسلوب، سبق أن ردده كثير من الزملاء في الصحافة.

فأنا كمتلق يهمني أن أتابع مقدما يتمتع بأسلوب مذيع حقيقي تتوفر فيه جل شروط المهنة من حنجرة إذاعية ليست نشازا، وثراء مفردات، وأداء لغوي سليم، وذهنية متقدة، وبديهة حاضرة، ورزانة واتزان، وزخم معلوماتي/ معرفي.

التلفزة التي تريد المنافسة والفوز بأكبر نسبة مشاهدة واحترام متلق، وبالتالي المشاركة في كعكة الإعلان، لا بد من أن تتوفر على كوادر تملك هذه المواصفات، إن هي أرادت أن تنافس حقا.