لتتوقف قناة «الرياضية» عن التصرف كضحية

موفق النويصر

TT

عاتبني الكثير من الزملاء الصحافيين العاملين أو المتعاونين مع قناة «الرياضية» السعودية، على مقالي السابق، الذي انتقدت فيه لجوءها إلى التهديد بمعاقبة سامي الجابر مدير الكرة بنادي الهلال بعدم الظهور على قناتها، على خلفية «تعمده الإساءة إليها والتقليل من مكانتها ومكانة من يمثلها من مذيعين ومراسلين»، في الوقت الذي يعد الظهور على شاشتها ليس مطمحا للكثير من المشتغلين في الحقل الرياضي، وإن ادعينا بخلاف ذلك، في ظل المنافسة الشرسة بين القنوات الخليجية والعربية على اقتطاع حصة من كعكة المشاهدة السعودية، مستفيدين من تفوقهم المالي والفني والتقني.

وقد أسهب الزملاء في تذكيري بحجم الجهد الذي يبذله جميع العاملين في القناة، بشكل شخصي، بدءا من الأمير تركي بن سلطان، المشرف العام على القناة، والزميل عادل عصام الدين، مديرها العام، لمواكبة طفرة البث الفضائي الرياضي.

ما فات هؤلاء الزملاء هو أننا نتحدث عن قناة حكومية عمرها أكثر من 7 سنوات، تمثل باكورة مخاض طويل من الانتظار والترقب قبل ظهورها للعلن، بعد أعوام من الارتهان للقناتين الأولى والثانية، اللتين اقتطعتا حصصا زمنية من برامجهما لنقل الأحداث الرياضية المختلفة. ولذلك من غير المقبول أن يكون الحديث بعد كل ذلك عن «جهود شخصية» للنهوض بالقناة، وتجهيز استوديوهات للبث من «الجيب الخاص»، وتأهيل المراسلين بحسب الإمكانات المتاحة.

المتابع للقنوات الرياضية التي تبث من الإمارات العربية المتحدة، وتحديدا «دبي سبورت 1» و«دبي سبورت 2» و«أبوظبي سبورت 1» و«أبوظبي سبورت 2»، أو القنوات الرياضية العشر التي تبثها «الجزيرة» القطرية، يرى أن جميعها حكومية، ومع ذلك نجحت في كسب شرائح عريضة ومختلفة من المشاهدين العرب والسعوديين.

الفرق بين هذه القنوات و«الرياضية» السعودية، ليس في الدعم اللا محدود الذي تلقاه هذه القنوات من حكومات بلدانها فقط، إدراكا منها بأهمية الرياضة في حياة شعوبها، ولكن في الكيفية التي تدار بها، بعيدا عن دائرة البيروقراطية الحكومية، التي تكبل أي عمل ينشد النجاح.

ولست هنا ممن يشكك في إدراك مسؤولي بلادنا بأهمية الرياضة في حياة أبنائها، أو ممن يحمل وزارة المالية كامل المسؤولية لتعثر هذه القناة، وإن كنت لا أنفي عنها تحمل جزء منها، إلا أنني أجد أن المشرفين على القناة هم المسؤولون الرئيسيون عن الحال الذي هي عليه الآن، كونهم لم ينجحوا في تغيير الوضع الذي كانت عليه منذ انطلاقتها.

ولذلك ينبغي عليهم إن رغبوا في حجز مقعد لهم في صفوف المتفوقين، التي تتصدرها حتى الآن الفضائيات الخليجية، التوقف عن التصرف كضحية، والعمل على تقديم مشروع متكامل، يقتنع به أصحاب القرار، ينقل القناة مرحليا من العباءة الرسمية إلى شبه الخاصة، وصولا إلى صناعة الحدث بدلا من متابعته.

كسعودي يحزنني كثيرا أن تكون القنوات غير السعودية هي وجهة السعوديين لمتابعة منافساتهم وفعالياتهم المحلية، وما أخشاه أن يأتي يوم لا تتمكن حتى القناة «الرياضية» من نقل هذه الأنشطة، رغم أنها تقام داخل حدودنا الجغرافية، ولكن إن عجزت «الرياضية» عن اللحاق بركب الكبار، فلا أقل من الاعتراف بالفشل، لنتوقف عن انتظار تحقيق المعجزة، ولننصرف إلى متابعة القنوات التي تلبي طموحنا وتروي نهمنا.

[email protected]