الوافدون.. الوسائل والأهداف

أ.د. عبد الرزاق أبو داود

TT

لا أعلم إن كنت واثقا وأنا ألقي نظرة بعيدة المدى على مجالات الحركة الرياضية السعودية التي نتعايش معها.. إن كثيرا مما «يهدد» مستقبلها وحاضرها أصبح بالفعل ينطلق في معظمه من خارجها الذي لا علاقة له بها مباشرة في الأساس.

لنتعمق قليلا ونحاول أن «نحلل» بهدوء وانتظام بعض مجريات أحداثنا الرياضية المحلية وبموضوعية ذهنية ممزوجة ببعد ذاتي لا يعترف بأي من أنماط المجاملة التي تمارس اليوم.. لنكتشف مدى وحجم «المخاطر» الحقيقية التي تتعرض لها هذه الحركة من مصادر هي «قريبة - بعيدة» من محيطها المباشر، حيث تحاول «تيارات ومصالح» معينة القفز على مجمل «المشروع الوطني الرياضي السعودي» والإمساك به وتوجيهه بحيث تصب «مخرجاته ومنافعه» المادية والمعنوية لمصلحة هذه الجهات التي «اكتشفت» مؤخرا أن هناك فرصا سانحة «غفل» عنها الرياضيون، ويمكن لهؤلاء «الوافدين» العمل على استغلالها تحت مسميات ومشروعات وتوجهات مختلفة الأشكال والألوان والعناوين، خصوصا في ظل ما يسمى بالتطور والتحديث والعصرنة، بعد أن انزوت مشروعات العولمة جانبا وإلى حين، وفي إطار الانفكاك من «القديم» و«المستهلك» وبثت دعاية مبرمجة ذات محتويات جذابة عن العوائد والفوائد والطموحات والانتصارات المستقبلية العملاقة والمدروسة، التي ستجعل من الرياضة السعودية «مشروعا تنمويا اجتماعيا نموذجيا» في المنطقة في الأقل!

نعم هناك مستجدات وتحديات تواجه حركتنا الرياضية اليوم وغدا، وهي بحاجة ماسة إلى مقاربات وعمل منهجي متطور وعصري، ولكنا لسنا بحاجة إلى من يحاول استغلال مثل هذا الوضع لكي يتقدم إلينا ومن خارج وسطنا الرياضي ليلقي علينا «دروسا ومحاضرات وعظات وبرامج ومدونات رياضية وفكرية وقانونية...» عن كيفية تسير وتطوير وعصرنة حركتنا الرياضية بعد نعتها ورجالاتها بالتخلف وعدم «فهم» مستجدات العصر ومتطلباته! وهو ما يجري بالفعل تحت ستار شعارات و«فعاليات» وأساليب «مستوردة» إلكترونيا أو عمليا، لا فرق وكله جاهز! وبطرق حلزونية.. وحيث يحاول «البعض» إيهامنا بأننا في حاجة إلى تسليمهم قطاعات العمل الرياضي بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من العوائد المادية التي ستسهم في تطوير الحركة الرياضية السعودية والواقع أنها ستسهم في زيادة أرصدة تتضخم باستمرار وهذا هو بيت القصيد.. والهدف العتيد.. وسيلة.. وهدف.. لوافدين جدد!

تلك هي الغاية والوسيلة، تخلف رياضي.. في حاجة إلى نهوض عصري.. تقوده وتوجهه برامج وفعاليات مستعارة.. وجني ثمار ضخمة يسيل لها اللعاب.. وكله تحت مسمى التطوير والتحديث والفلاشات والمطويات والعروض الباهرة بأحدث أدوات العصر وتقنياته.

الرياضية التي كانت «محاربة» مستهجنة حتى الأمس القريب.. بل وموضع سخرية من هؤلاء خصوصا.. أضحت ساحة جاذبة لطموحات هؤلاء وتطلعاتهم الخاصة!

متى يستيقظ رياضيونا، ويعون ما يدور حولهم بعد أن أصبح معظمهم يعيش في ظل اجترار أمجاد الماضي التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع؟!